الرئيسية / آخر الأخبار / ما لا يكشفه «فاضحو» بيغاسوس: كيف تنصّت بن زايد على بن سلمان؟

ما لا يكشفه «فاضحو» بيغاسوس: كيف تنصّت بن زايد على بن سلمان؟

مجلة وفاء wafaamagazine

«التلصلص» حرفة لطالما اشتهرت بها دواوين الملوك والأمراء. قبل أن تتطور مع الوقت لتأخذ شكل التجسس بوسائل تطوّرت إلى أن وصلت الى ما وصلت اليه اليوم. لكنها لم تقتصر على المتحاربين، او المتنازعين على مشاريع تجارية، ولا حتى على العاملين في حقول العلم والطب والافكار. بل أصبحت وسيلة لإشباع رغبات من يملك مالاً يجعله يعتقد بأنه قادر على حكم العالم، لا بلده أو عشيرته او اهل بيته فقط.

ابراهيم الأمين

قبل 11 سنة، كشفت المغامرة الشيقة لفريق «ويكيليكس»، بقيادة الرهينة الشجاع جوليان اسانج، عن نمط خاص من «التلصلص» المضاد. يومها لجأ مغامرون الى هذه الحرفة ليكشفوا عما وصفه دبلوماسي أميركي بأنه محاضر عادية فيها بعض «النميمة». لكن الوثائق تحوّلت الى الدليل غير المنشور على تعاون الادارات الاميركية المتعاقبة مع جيش ضخم من السياسيين والناشطين والاعلاميين في كل بلاد العالم. يومها، اتيح الوصول الى بعض المواد التي نشرها الاعلام الجديد من ملفات موثّقة بالصورة والصوت.
عندما استبدلت صفة «التلصلص» بـ«التنصت»، لم يكن احد ليتخيل ان هناك قواعد تنظّم هذه العملية. حتى أن اقوى الحكومات او الجهات في العالم، تنفق الكثير على بناء جدران حماية لمنع التنصت. لكنها تعرف ان باني الجدار، هو نفسه مفجّره!
في العقدين الاخيرين، واجه العرب جيلاً جديداً من هؤلاء. لم يعد الامر يقتصر على انظمة الحكم العسكرية التي قامت بداية النصف الثاني من القرن الماضي. ولم يبقَ حكرا على عسس حكام ضربوا بالنار والحديد كل مخالف لهم. بل تحول الى هواية ثم حرفة، قبل ان يصبح هوساً لدى بعض «الزعماء» الجدد، خصوصاً أولئك الذين اطلّوا بحلة جديدة في الجزيرة العربية، حيث المكائد هي اساس الحكم. هكذا هي الحال في كل امارات القهر في الجزيرة العربية. واذا كانت السعودية ومعها الامارات العربية وقطر قد توسعت في احلام النفوذ، فخرجت تلعب خلف اسوارها، فإن من تميّز قليلاً، لم يطل صبره كثيرا على تحمل الرأي الاخر. فصار اكثر انعزالية كما هي حال الكويت وسلطنة عمان. ولا داعي هنا للحديث عن حكام البحرين الذين جعلوا بلدهم مجرد قرية تابعة لال سعود.
منتصف الشهر الماضي، أُعلن عن عمل قال منجزوه انه بُني على معطيات موثّقة حول عمليات تنصت قامت بها حكومات في عدد من دول العالم واستهدفت عشرات الآلاف من العاملين في الحقل العام، سواء كانوا مسؤولين او موظفين، حلفاء لطالبي التنصت او خصوماً لهم. وقالت الرواية التي نشرت في عدد من وسائل الاعلام حول العالم ان المتنصتين استندوا الى برنامج «بيغاسوس»، الذي وضعته مؤسسة برمجة اسرائيلية تشرف وزارة الامن في كيان العدو على اعمالها وعقودها. وقال الناشرون انهم درسوا وفحصوا، بالتعاون مع مختبرات متخصصة، تقارير تخص 50 الف رقم هاتف تم التعرض لها من مشغلي البرنامج. وافاد هؤلاء بأن ما بين ايديهم يعود الى عملية بدأت في العام 2016.
ما نشرته وسائل الاعلام المشاركة في المشروع اقتصر على الاشارة الى ارقام هواتف تأكدت لهم هوية مستخدميها. وتبين ان بينهم مسؤولين رسميين وسياسيين ورجال اعمال وناشطين واعلاميين. كما اظهرت المعطيات المنشورة ان من قام بعملية التنصت لم يكن يحصر ذلك بخصومه، بل شمل حلفاءه. وما لم يعلن عن هذه الابحاث، هو ان الكثير من ارقام الهواتف ليس معلوماً من يملكها. او من يستخدمها فعلياً. وستكون المهمة شاقة لتحديد دقيق لهوية المالك او المستخدم، ما لم يتم اعتماد برنامج تعقب تلجأ اليه الحكومات والاجهزة الامنية في مجال ملاحقة الهدف. لكن الوسيلة الاكثر نجاعة لمعرفة الهوية الفعلية للمستخدم، تكمن في الحصول على المواد التي جمعت خلال عمليات التنصت. علما ان احد الخبراء المشاركين في هذا العمل تحدث عن مخاطر الاقرار المسبق بكل ما يتم جمعه في ملف المتنصَّت عليه. تحدث الرجل عن «خداع ممكن» من خلال اضافة بيانات لم تكن موجودة اصلا. وهو عمل سبق ان كشف في مواجهات امنية كثيرة، وغالبا ما يحصل اما بهدف التضليل، او بهدف الضغط على الهدف المتنصَّت عليه.
على اننا، كجمهور، لم يتح لنا الاطلاع على ما فعله المتنصتون لنعرف بالضبط ما الذي وصلوا اليه، ولنتمكن من تمييز الحقيقي من المفبرك. لكن ما كشفته بعض المتابعات، هو ان البرامج الاسرائيلية الصادرة على شركة «N.S.O» التي انتجت برنامج «بيغاسوس» كانت فعالة في وقت سابق على العام 2016. كانت طريقة عملها مختلفة، لكنها كانت فعالة الى حدود معينة، وان بعض الحكومات في دول عربية واجنبية استخدمت هذه البرامج قبل ذلك التاريخ. لكن الخلاف اليوم يتركز حول ما اذا كانت الشركة الاسرائيلية باعت البرامج فقط، ام انها قدمت الخدمات ايضا، وهل تمنعت عن بيع البرامج مقابل تقديم الخدمات لبعض الحكومات او الجهات او حتى الافراد؟
لكن ما العمل مع المهووس؟ هذه هي حال محمد بن زايد الذي يمنح نفسه حق القيام بكل ما يحلو له، ويهجس بقوة من يصنفهم حلفاء او خصوماً او منافسين. وفي كل مرة يُظهر بن زايد للعالم ان خصمه الاول هو من يقول انه حليفه الاول، اي ولي عهد مملكة آل سعود محمد بن سلمان. لذلك يأمر فرق التنصت عنده باختراق كل – كل يعني كل – الهواتف والحواسيب التي تقوده الى عالم بن سلمان الخاص. وقد اشار عليه معاونوه بأنه في حال كان هناك من يراقب هاتف بن سلمان الشخصي للتثبت من عدم تعرضه للتعقب او التنصت، فان الامر لا يسري على المقربين منه. وانتهى الامر بقرار بمراقبة هواتف وحواسيب هؤلاء المقربين والعمل على اختراقها والوصول من خلالها الى ما يريده بن سلمان او يطرحه او يخطط له، ومن بين هؤلاء ياسر الرميان، المستشار الاول لولي العهد السعودي في عالم الاستثمارات المالية. وقد وفر الاختراق الحصول على معلومات وفيرة لبن زايد عما يفعله بن سلمان في هذا العالم.
أُتيح لـ«الاخبار» الاطلاع على وثيقة تم الحصول عليها من ملفات «الامارات – ليكس»، وهي تحوي محاضر لمحادثات تمت بواسطة تطبيق «واتساب» بين بن سلمان والرميان. والمادة التي سننشر مقاطع منها هي جزء من سجلات مكالمات بين الرجلين جرت بين 12 آب 2015 و23 كانون الثاني 2016، وشملت ملفات ادارية ومالية مختلفة. وقد اخترنا منها ثلاثة ملفات ترد ادناه مفصّلة كما وردت في الوثيقة المرفوعة من فرق التنصت الاماراتية الى ديوان ولي عهد ابو ظبي. وبالطبع، لم نتدخل في صياغة المحادثات بل تركناها مع كل الاخطاء اللغوية او الناجمة عن سرعة الطباعة او خلافه… مع العلم ان المعلومات مستقاة من هاتف الرميان ما يجعل اسمه غير ظاهر، بينما يظهر اسم بن سلمان كما حدده الرميان في خانة المتصلين بتطبيق الواتس اب عنده.

ملاحظة:
رفيق محمد بن سلمان، انا لا أكنّ ضغينة كون فرقك تعمل على تعقب هواتفي وحواسيبي وما تفترض انه يعود اليّ او مشغلا من قبلي، وهذا ما فعله رجال بن زايد وآخرون بمن فيهم «جماعتكم» في لبنان. وأتمنى ان لا تحمل الضغينة على بن زايد، بل اطلب منه فقط اطلاعك على ملفات رفيقكم الثالث في «لعبة التنصت» تميم بن حمد، وهي بالمناسبة كبيرة جدا، ويبدو ان فيها ما يخصك قبل الآخرين!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الاخبار