مجلة وفاء wafaamagazine
لم تعرف سوق الانتقالات الصيفية النشاط الذي اعتادته في السّنوات الماضية بسبب تداعيات فيروس كورونا على ميزانيّات الأندية. ما كان لافتاً، توفّر العديد من مهاجمي النّخبة للتّوقيع على عقودٍ جديدة، وهو ما سوف تستغلّه بعض الفرق التي لم تتأثّر كثيراً بالفيروس المستشري
غيّر كورونا الكثير في عالم كرة القدم، حيث أسهم الفيروس المستجدّ في إفلاس العديد من الأندية مقابل تعزيز القدرة الشرائية لأنديةٍ أخرى. وفي ظلّ الهوّة الكبيرة في قدرة الاستقدام، وجدت بعض الإدارات نفسها مجبرةً على بيع نجوم الفريق للحفاظ على استقرار الميزانية، الأمر الذي استغلّته إدارات أندية أخرى بفعل قدرتها الشرائية المتينة.
افتُتحت سوق الانتقالات الصيفية قبل بضعة أسابيع. ورغم عدم نشاط أغلب الفرق كما جرت العادة قبل انتشار الفيروس، كان لافتاً نشاط سوق المهاجمين، حيث يشهد هذا الصيف على توفر العديد من رؤوس الحربة المتاحين للبيع.
سرق تشيلسي الأضواء في الأسابيع القليلة الماضية بعد أن أبدى رغبته الواضحة في استقدام مهاجم «سوبر» يعزّز من خلاله المنظومة. ظهر جليّاً عدم ثبات مستوى مهاجم الفريق الأساسي تيمو فيرنر في الموسم الماضي، حيث عانى المهاجم الألماني من صعوبات كبيرة في ترجمة كمٍّ هائلٍ من الفرص إلى أهداف. رغم معاناة الخط الأمامي للفريق، تمكّن البلوز من التّتويج ببطولة دوري أبطال أوروبا، وهو ما زاد الضّغط على الإدارة خلال سوق الانتقالات الحاليّة. لم يتأثّر النادي بأزمة كورونا كبقيّة الأندية نظراً لعدم صرفه في سوقَي الانتقالات اللتين سبقتا الصّيف الماضي إثر عقوبةٍ من «الفيفا». ومع استقرار ميزانيّة النّادي وزيادة عائداتها بفعل التّتويج في البطولة الأوروبية الأهم على صعيد الفرق، إضافةً لتحقيق إيرادات بقيمة 60 مليون يورو تقريباً جرّاء بيع لاعبَين «ثانويَّين» خلال الصّيف الحالي، أصبح تشيلسي قادراً على استقدام أيّ لاعب يريده في حال دفع المبلغ الملائم، وفي الإطار نفسه، أصبح أيّ نادي يطلب مبلغاً كبيراً جرّاء بيع مهاجمه للبلوز، مستغلّاً وضع تشيلسي الجيّد ماليّاً وحاجة الفريق الماسّة لرأس حربة.
شكّل المهاجم النرويجي إرلينغ هالاند هدفاً أساسيّاً لتشيلسي هذا الصيف، حيث رغبت إدارة البلوز دفع مبلغ ضخم لإغراء دورتموند بخاصّة أنّ اللّاعب سيكون متاحاً للانتقال مقابل 65 مليون يورو في الصّيف المقبل (قيمة بنده الجزائي)، غير أنّ إدارة دورتموند أبدت عدم رغبتها في البيع. وفي ظلّ تعقيد الصّفقة (سيتوجب على تشيلسي دفع مبلغ يقارب الـ200 مليون يورو لدورتموند ووكيل أعمال اللّاعب رايولا إضافةً إلى مستحقّات وحوافز مستقبلية)، توجّهت إدارة البلوز لخيار أكثر واقعيّة، وهو مهاجم إنتر ميلانو روميلو لوكاكو. الأخير أبدى رغبته في البقاء رفقة «النيراتزوري» فور ربط اسمه في تشيلسي، غير أنّ الفريق اللّندني يعتزم، بحسب الشائع في الوسط الكروي، تقديم مبلغ قد يصل إلى 120 مليون يورو مع إضافة الظّهير الأيسر ماركوس ألونسو إلى الصّفقة. عرضٌ قد يغري إدارة الإنتر، لكنّ قرار اللّاعب يبقى الأهمّ في عمليّة الانتقال.
في الإطار عينه، احتلّ مهاجم الجار اللّندني هاري كاين عناوين الصحف إثر غيابه عن تدريبات توتنهام في الأسابيع الماضية. يريد كاين بوضوح الرّحيل عن «السبيرز» نظراً لعدم تحقيق الفريق للألقاب، كما يدعم قائد المنتخب الإنكليزي موقفه بزعمه أنّه يمتلك اتفاقاً شفهياً مع مالك توتنهام يتيح له الانتقال هذا الصّيف. يعدّ اللّاعب البالغ من العمر 28 سنة هدفاً رئيسيّاً لمانشستر سيتي، غير أنّ إدارة توتنهام ترفض البيع، بخاصّة أنّ مدرّب الفريق الجديد نونو سانتو يرغب في بناء المنظومة حول كاين. سبق وأن كشفت تقارير صحافيّة تقديم مانشستر سيتي بالفعل عرضاً بقيمة 100 مليون جنيه استرليني بالإضافة إلى واحد من رحيم ستيرلينغ أو غابرييل خيسوس أو إيمريك لابورت، لكنّ العرض قوبل بالرفض من جانب توتنهام. من المرجّح أن ينتقل اللاعب في حال إصراره على موقفه بالانتقال ووصول عرض يفوق الـ120 مليون يورو إلى إدارة السبيرز.
من الصّفقات المحتملة أيضاً والتي تلقى «ضجّة» كبيرة في الوسط الرّياضي، انتقال المهاجم الفرنسي كيليان مبابي من باريس سان جيرمان إلى ريال مدريد. بحسب صحيفة «موندو ديبورتيفو» الإسبانية، بدأ ريال مدريد الشّهر الحاسم في خطتّه لاستقدام مبابي، وأكّدت الصحيفة أن النادي الإسباني لا يزال يرى الصّفقة معقّدة للغاية لكنها ليست مستحيلة، لافتةً إلى أنّ «الميرينغي» سيفضّل التحلّي بالصّبر عن الدخول في «حرب» مع رجل الأعمال القطري ناصر الخليفي، أملاً في إنهاء مقاومة النادي الباريسي في الموعد المحدّد. يعوّل ريال مدريد على استسلام المدير الرياضي لباريس سان جيرمان ليوناردو في معركته التفاوضية مع الوالد ويلفريد مبابي، وبحسب المصدر نفسه، فإنّ رئيس النادي الباريسي هو من يقود ملف تجديد عقد مبابي بعد انسحاب المسؤول البرازيلي من المفاوضات ولن يقبل بفكرة رفع الرّاية البيضاء، في الوقت الذي يشعر المهاجم الفرنسي بغضبٍ شديد من ضغوط النادي وتحذيراته من عواقب عدم التجديد، التي قد تصل لتجميده في المدرّجات طوال موسمه الأخير.
وذكرت الموندو أنّ تحذيرات النادي الباريسي لا تثير قلق ومخاوف مبابي، على اعتبار أنه سيبقى حازماً في نيّته ولن يتراجع أبداً عن فكرة الرحيل سواء بالموافقة على بيعه لريال مدريد بأعلى عائد مادي ممكن هذا الصّيف، أو بإلزامه بالبقاء حتى يومه الأخير في العقد المحدد بـ30 يونيو / حزيران 2022. تجدر الإشارة إلى معاناة ريال مدريد من أزمةٍ مالية خانقة على خلفيّة فيروس كورونا إضافةً لغياب الفريق عن منصات التّتويج الكبيرة في الفترة الماضية، من دون إغفال فشل مشروع «السّوبر ليغ» الذي كان يعوّل عليه رئيس النادي فلورنتينو بيريز بهدف استقدام عائدات ضخمة، غير أنّ هذا الأخير، وبحسب الشائع في الصحافة الإسبانية، قام بإعادة جدولة للأجور إثر تخلّيه عن بعض اللاعبين المهمّين مثل ثنائي الدفاع سيرجيو راموس ورافاييل فاران، وذلك بهدف تمويل صفقة المهاجم الفرنسي وإمكانيّة دفع مرتّبه الضّخم من دون مخالفة قواعد اللّعب المالي النّظيف.