الأحد 03 تشرين الثاني 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
أعلن الرئيس فؤاد السنيورة، أن “السابع عشر من تشرين الثاني يشكل بداية بروز ظاهرة جديدة متمثلة بهذه الحركة الشبابية التي عبرت عن ضيقها ورفضها لما جرى ويجري على مدى السنين الماضية”، ورأى أن “الأحزاب السياسية الطائفية والمذهبية والميليشياوية تعاونت في ما بينها لاقتسام السلطات والنفوذ وخيرات ومنافع السلطة، وكان همها الأساسي اقتسام ذلك النفوذ وتلك المنافع من الدولة وإداراتها ومرافقها، لصالح أفرادها وجماعاتها”.
واعتبر في حوار مع قناة “الإخبارية” السعودية، أن “المطالب التي تقدم بها الشباب محقة ونابعة من معاناة شديدة وقلق كبير، وهي في جوهرها تعبر عن رغبة أولئك الشباب والشابات بأن يستعيدوا آليات النظام الديموقراطي الصحيح في ممارسة المساءلة والمحاسبة للحكومة من خلال الدور الذي ينبغي أن يقوم به كل من مجلس النواب والمجتمع المدني”.
وردا على سؤال، قال: “هذا الوضع المستجد على مدى الأسبوعين الماضيين مهم جدا، ويجب التفكير به واستخلاص العبر والدروس منه، ولكنه في الواقع نتج من الامتناع عن التجاوب والتلاؤم مع المتغيرات التي طرأت وعلى مدى مرحلة طويلة. وكان ينبغي ان تقوم خلالها جميع القوى السياسية والحكومات اللبنانية بالتنبه إلى ما يجري في لبنان وفي المحيط من متغيرات ومخاطر أصبحت جاثمة وأيضا أخرى متراكمة على لبنان بسبب عدد من العوامل والصدمات المحلية والخارجية”.
ورأى أن “ما جرى في تلك الأيام الماضية يشكل بداية بروز ظاهرة جديدة متمثلة بهذه الحركة الشبابية التي عبَّرت عن ضيقها ورفضها لما جرى ويجري على مدى السنين الماضية من سوء إدارة للشأن العام، وعدم تنبه الى المشكلات العميقة الوطنية والسياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، ظهر مدى التردي في الأداء الحكومي غير السليم ولا سيما في هذه الحكومة الأخيرة، مما أدى إلى التسبب بتفشي مزيد من الفساد والافساد في العمل الحكومي، ومما زاد الأمور تعقيدا والمصاعب قسوة، أن هذا التقاسم أفقد النظام الديموقراطي الآليات الصحيحة للمساءلة والمحاسبة اللازمة لتصويب وتحسين الأداء الحكومي”.
وشدد على أن “فقدان الثقة هي ما يشكو منه لبنان، وذلك ما يحمل معه تأثيراته السلبية الكبرى على الأوضاع الاقتصادية والأوضاع الوطنية والأوضاع السياسية”. وقال: “هذه الحركة الشبابية حققت شيئا جديدا غير مسبوق، إذ لم يسبق أن حصل شيء مثله في لبنان في تاريخه الحديث، وللمرة الأولى أصبحت الساحات كلها متصلة مع بعضها بعضا على امتداد لبنان من شماله إلى جنوبه. والجميع أصبح يتكلم لغة واحدة، وبالتالي أصبح أولئك الشباب يعبرون عن رأيهم ورفضهم لتلك الممارسات التي أسهمت فيها الحكومات الماضية، ولا سيما الحكومة الأخيرة التي زادت من حدة الانقسامات الطائفية والمذهبية وزادت من حدة الصراعات والعصبيات الطائفية والمذهبية التي أصبحنا نعاني منها وبشدة في هذه الفترة”.
وردا على سؤال، شدد على أن “المطالب التي تقدم بها الشباب محقة ونابعة من معاناة شديدة وقلق كبير، وهي في جوهرها تعبر عن رغبة أولئك الشباب والشابات بأن يستعيدوا آليات النظام الديموقراطي الصحيح في ممارسة المساءلة والمحاسبة للحكومة من خلال الدور الذي ينبغي ان يقوم به كل من مجلس النواب والمجتمع المدني. هذه المطالب التي كنت دائما أطالب بها واؤيدها، وذلك بأن يصار الى إنشاء حكومة من اختصاصيين وزراء قادرين على القيام بواجبهم الوزاري بحرفية عالية وأيضا باستقلالية، لكن المطالبة بحكومة اختصاصيين مستقلين وحياديين، لا يمكن أن تنطبق على رئيس الحكومة إذ من غير الممكن ان يتولى رئاسة الحكومة شخص من المجتمع المدني وفورا ومن دون ان تتوافر عنده الخبرة السياسية والإدارية لكي يتولى منصب رئاسة الحكومة بما يقتضيه ذلك من خبرة وتجربة وقدرة على تحمل المسؤولية”.
وقال: “لذلك، أعتقد أن الوجه الأصلح ليتولى رئاسة هذه الحكومة العتيدة هو الرئيس سعد الحريري لما اكتسبه من خبرة من جهة، ولما يتمتع به من رمزية وطنية، وأيضا للصلات التي يحظى بها واكتسبها في علاقاته مع المسؤولين في العالمين العربي والدولي ويستطيع أن يوظفها لصالح لبنان واللبنانيين وأيضا للشعبية التي يتمتع بها في لبنان”.
أضاف: “أعتقد الآن أن لبنان لديه فرصة ذهبية لمحاولة إخراج نفسه من هذا المأزق الخطير، وعلى لبنان أن يجهد من أجل توجيه بوصلته الداخلية لرأب الصدع في التوازنات الداخلية وفي سياسة لبنان الخارجية، وبالتالي هناك حاجة ماسة للعمل فعليا لاستعادة الثقة في الدولة والحكومات والحرص على التمييز في الممارسة من المسؤولين بين فكرتي المصالح العامة والمصالحة الخاصة”.
وتابع: “موقف الرئيس سعد الحريري كان موقفا حكيما ومتبصرا في ضرورة الاستماع للشباب، وهو بادر إلى تقديم استقالته. أما بالنسبة للتدخلات مع قيادة الجيش والأجهزة الأمنية، فهناك البعض في دوائر الدولة وبعض المسؤولين فيها ممن يضغطون على الجيش والقوى الأمنية من أجل استعمال العنف في التعامل مع المتظاهرين. يجب ألا ننسى أن قبل ثلاثة أيام تعرض المعتصمون في ساحات الشهداء ورياض الصلح ومنطقة الرينغ، الى هجمة معروف من قام بها ضد أولئك المعتصمين وهم عناصر من “حزب الله” وحركة “أمل”. من الطبيعي في هذا الأمر أنه يجب علينا أن نكون واضحين في التعامل مع الشباب إذ يجب ان يكون التعامل من خلال الحوار والتواصل المستمر وأيضا من خلال العمل على إعادة اكتساب الثقة. والكلام الذي سمعته من رئيس الجمهورية البارحة كلام لا علاقة له بلغة الشباب وما يطلبونه ويتوقعون الحصول عليه وهو كلام أقل ما يمكن أن يقال فيه أنه من الماضي. الحقيقة أن الرئيس لم يأت على ذكر أي شيء يتلاءم ويتجاوب مع رأي أولئك الشباب وما يريدون تحقيقه وما يشكون منه. وهناك الكثيرون ممن عبروا ان العهد يعتمد تفسيرات خاطئة للدستور كما انه يخالف أحكام الدستور، لذلك يجب ان تبادر الدولة من جديد الى اتخاذ موقف صريح وملتزم لاتفاق الطائف الذي أنهى الحرب وتوصل الى الصيغة الجديدة للدستور”.
ورأى أن “الكلام التهويلي بتحميل الشباب المسؤولية بأنهم هم المسؤولون عن التأخير في إجراء الإصلاحات، ليس في محله بل هو قطعا خطأ، لأن هذه الإصلاحات الكثيرة التي كنا نتحدث عنها على مدى العشرين سنة الماضية، كان هناك وبشكل دائم استعصاء في لبنان وعدم رغبة للقيام بتلك الإصلاحات الإدارية والسياسية والوطنية والاقتصادية”.
واعتبر أن “الحكومة الماضية فشلت ولا يمكن محاولة ترميمها، والانتظار أو التوقع انها هي التي سوف تقوم بهذه الإصلاحات لأنها تتكون من اشخاص كان أداؤهم الحكومي سيئا وهم مارسوا الكثير من وضع العراقيل لمنع اجراء الإصلاحات، فكيف يمكن ان نتوقع أداء مختلفا اليوم؟ وبالتالي، المطلوب الآن أن تتولى الحكومة الجديدة إجراء الإصلاحات من خلال شخصيات تتمتع بالجدارة والكفاءة والخبرة العملية، وبالتالي بالثقة والاستقلالية”. وتابع: “بالنسبة لإجراء تحالفات، يجب في هذه المرحلة الجديدة ان تتعزز هذه القوى على قواعد جديدة. من هو مع الإصلاح الحقيقي ومن هو ضد الإصلاح ومن هو مع محاسبة الفاسدين ومن هو الذي يريد ان يستمر في التغطية على ممارسات الفساد والإفساد، وعلى الذين يؤمنون بالإصلاح ان يتعاونوا فيما بينهم للقيام بذلك، ففي الاتحاد قوة”.
وشدد على أن “الفساد في معظمه سياسي، وهو حينما تتعاون القوى الحزبية من أحزاب طائفية ومذهبية وميليشياوية على تقاسم الجبنة وتقاسم المنافع من الدولة لصالحها أو لصالح أفرادها وتمارس التغطية على بعضهم بعضا. يجب ألا ننسى أنه يجب أن يصار إلى محاسبة كل من ارتكب الفساد، وذلك من خلال القضاء المستقل والنزيه”.
وختم السنيورة: “الآلية الصحيحة هي عندما تعود آليات النظام الديموقراطي لتعمل بحيث يتم من خلالها إجراء المساءلة والمحاسبة الصحيحة والمستمرة لأعمال السلطة التنفيذية. وعندما تعود هذه الآليات الى العمل يكون ذلك بداية الطريق الصحيح لما يسمى قطع دابر الفساد والمفسدين. يجب ألا نغفل هذه الحقيقة الساطعة بأن الفساد هو فساد سياسي أولا وأخيرا في لبنان”.