مجلة وفاء wafaamagazine
المازوت الإيراني بدأ يساهم في تعويض جزء من حاجة لبنان المفقودة. لكن مع ذلك، لم ير البطريرك الراعي هذه الخطوة سوى من منظار التنافي مع المؤسسات. وقد جارته الخارجية الأميركية في ذلك، معتبرة أن استيراد الوقود من إيران «يُعرّض لبنان للخطر»بدءاً من اليوم، يفترض أن تنطلق، رسمياً، حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بتنفيذ برنامجها. فهي على موعد مع الثقة النيابية، التي يُتوقع أن تكون وازنة، بالنظر إلى عدم وجود حالة معارضة كبيرة. إذ إنه باستثناء كتلة القوات، يتوقع أن تعطي كل الكتل الكبيرة الثقة، بما فيها تكتل لبنان القوي. فالتيار الوطني الحر الذي سبق أن أعلن أنه سيعطي الثقة على أساس البرنامج، قرر أن لا يقف حجر عثرة في طريق برنامج سيتحمّل رئيس الحكومة مسؤولية تنفيذه.
عملياً، قبل الحصول على الثقة، كانت الحكومة قد عكفت على دراسة عدد من الملفات. وبحسب المعلومات، فقد عقد رئيس الحكومة اجتماعات عديدة يومَي السبت والأحد لبحث ملف البطاقة التمويلية. وبنتيجة المناقشات، سيتم تأخير بدء تنفيذ مشروع البطاقة، بعد أشهر طويلة من المماطلة التي يدفع ثمنها الأكثر ضعفاً في المجتمع. ففكرة البطاقة كانت تقوم على وجوب تأمين بديل يعين الأكثر فقراً على مواجهة تبعات رفع الدعم. لكن ما جرى أن الدعم قد رُفِع بصورة شبه ناجزة، في مقابل التأجيل المستمر لبدء العمل بالبطاقة التمويلية، رغم هزالة المبالغ التي ستؤمّنها لحامليها.
وبحسب مصادر وزارية، «تبيّن وجود ثغرات كبيرة في المشروع، تقتضي إيلاء الأمر المزيد من البحث». مصادر مطّلعة رأت أن ذلك يقود إلى ضرورة البحث عن بدائل سريعة يمكن أن تعين الناس في الفترة الفاصلة عن بدء تنفيذ مشروع البطاقة التمويلية. ومن الأفكار التي ترددت إمكانية تحسين الرواتب «بشكل طفيف، بما لا يؤثر على المالية العامة».
وإلى حين اتضاح الرؤية في ما يتعلق بالبطاقة، تؤكد مصادر مطّلعة أن الأولوية الحكومية ستكون إيجاد حلول سريعة للأزمات الأكثر إلحاحاً، ولا سيما أزمتي الكهرباء والمحروقات. وبالتوازي، ستعمل الحكومة على تفعيل التواصل، الذي سبق أن أعلن ميقاتي أنه بدأه مع صندوق النقد الدولي.
إلى ذلك، فيما تستمر صهاريج المازوت الإيراني بالعبور من سوريا إلى لبنان، واصل حزب الله أمس توزيع المازوت المجاني عبر شركة الأمانة، وفق الأولويات التي حددها السيد حسن نصر الله، والتي تشمل مضخات المياه العامة والمستشفيات الحكومية ودور العجزة والأيتام. وأعلنت الشركة أمس أنها ستبيع المازوت بسعر 140 ألف ليرة للصفيحة، في مقابل السعر الرسمي الذي يبلغ «ما بين 180 ألف ليرة و187 ألف ليرة بعد إضافة أجرة النقل وأرباح الشركات».
وجديد الملف، تصريح للمتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة يجدد فيه استعداد طهران لمساعدة الحكومة اللبنانية وتوفير المحروقات في حال طلبت ذلك. كما قال إن النفط الإيراني الذي وصل إلى لبنان بيع بطريقة عادية إلى تجار لبنانيين.
وفيما كان الناس يتمسكون بالأمل الذي بثّه المازوت الإيراني، وجد البطريرك الماروني بشارة الراعي في الخطوة التي تحققت فرصة للهجوم على حزب الله. «الراعي الذي لم يكترث لطوابير الذل على المحطات وللحرمان من الطاقة الكهربائية، فضّل مقاربة موضوع المازوت الإيراني من بوابة تنافي ذلك مع كيان الدولة ومؤسساتها.
واعتبر، في عظته أمس، أن الدولة «لا يمكن أن تستقيم مع ممارسات أو مواقف تتنافى وكيانها ومؤسساتها». أضاف: «ويسمّونها بكل بساطة نقاطاً خلافية، وكأن حلّها غير ضروري، من مثل حياد لبنان وعدم انحيازه، وتصحيح الممارسات المنافية للدستور واتفاق الطائف، والطريقة التي تم فيها إدخال صهاريج المحروقات بالأمس القريب، وإعاقة التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت والتشكيك الممنهج بقاضي التحقيق، كأن المطلوب إيقاف التحقيق في أكبر جريمة». وبموقفه الذي يساوي بين الحرمان من أساسيات الحياة وبين السعي إلى التخفيف من أوجاع الناس وعذابها، فات الراعي التنبه إلى تغريدة البابا فرنسيس، يشير فيها إلى أن «العظمة والنجاح في نظر الله يُقاسانِ على أساس الخدمة، وليسَ على ما يملكُه المرء، وإنما على ما يقدّمُه».
واستكمالاً للحملة المحلية المستمرة على حزب الله من بوابة استيراد الوقود من إيران، ومن دون تقديم أي بديل، كانت المتحدثة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأميركية، جيرالدين غريفيث، تذكّر بأن «أميركا تتخذ عدة إجراءات ضد إيران واستيراد النفط غير الشرعي، ونحن مستعدون لمساعدة لبنان للتغلب على أزمة الطاقة، ولكن على السلطات اللبنانية أن تكون على استعداد لتقوم بدورها، واستيراد النفط من إيران والنشاطات المشابهة يعرّض لبنان للخطر». ورأت أن «من الواضح أن أمام الشعب اللبناني عدة احتياجات ملحّة، وبعض الجهات كحزب الله، وبدلاً من إيلاء الأولويات لهذه الاحتياجات، يخدم أنظمة خارجية كإيران».
الأخبار