مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت “البناء” :
في مناخ تغيرات دولية وإقليمية تحيط بلبنان، تحاول حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تلمس طريقها، وهي تحمل إرثاً ثقيلاً تجاه العلاقة بسورية، التي يحتاج كسر الجليد الذي بنته ممارسات لبنانية خاطئة وحولته إلى جدار نفسي لا تزال الشجاعة اللازمة لتخطيه محكومة بالتردد، فيما كل ما يدور حول لبنان وعلاقاته الإقليمية والدولية تقول له أن يفعل العكس فيحسم خطاباً وطنياً ينطلق من المصلحة الوطنية العليا، بعيداً من حسابات الاسترضاء والخوف من الغضب، فيدق أبواب دمشق بعيداً من حسابات المسؤولين لمواقعهم السياسية والشخصية.
أبرز المتغيرات الجديدة ما نقلته مصادر إعلامية تركية معارضة للرئيس التركي رجب أردوغان عن التزام تركي قدم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم عرقلة استهداف الجيشين الروسي والسوري للجماعات الإرهابية، والاستعداد للتعاون على طريقة مسار إنهاء معارك حلب، بفتح طريق الانسحاب أمام الجماعات المسلحة التي ترعاها تركيا، لتأمين سريع للطريق الدولي، الذي تقول المصادر إنه أولوية روسية- سورية، بعدما تم تأمين المعبر الجنوبي نحو الخليج مروراً بالأردن، وبات تأمين المعبر الشمالي عبر تركيا نحو أوروبا حاجة ملحة في سياق السعي السوري لإعادة الحياة الطبيعية للبيئة الاقتصادية السورية. وأكدت المصادر التركية أن أردوغان قدم لبوتين الالتزام المطلوب، ما يعني تلازم العمل العسكري مع التفاهمات الأمنية بما يضمن انتشار الجيش السوري على المعابر الحدودية، وضمان محيط الطريق الدولي بما يجعل متطلبات عبوره الآمن تحت سيطرة الدولة السورية بالشراكة مع الدعم الروسي.
المتغيرات الإيجابية لصالح سورية، تحدث عنها وزير الخارجية السوري الدكتور فيصل المقداد، مع نهاية أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلاً «تغير الأجواء السياسية الدولية تجاه الشأن السوري بشكل عام، وتراجع الاستهداف العدائي لسوريا? في الخطاب الرسمي لمعظم الدول الأعضاء في ?الأمم المتحدة? جاء واضحاً وجلياً خلال أعمال الجمعية العامة، وعكس ما حققه جيشنا بالتعاون مع الحلفاء والأصدقاء على ?الأرض? في مجال ?مكافحة الإرهاب? وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع الوطن”، مؤكداً “ترحيب دمشق بأي مبادرة لاستعادة العلاقات مع ?الدول العربية? ونتطلع للتعامل وفق مبادئ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وكل من يراهن على الإرهاب ويستثمر فيه عليه أن يعلم بأن رهانه خاسر ومدمر”.
بالتوازي كان رئيس الحكومة الأردنية بشر الخصاونة ينهي زيارته لبيروت ولقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، معلناً أن الأردن يقود مسعى مساعدة لبنان عبر علاقاته العربية والدولية، فيما كشفت مصادر دبلوماسية واكبت زيارة الخصاونة، أن الزيارة كانت تهدف لإيصال رسالة واضحة للمسؤولين اللبنانيين المرتبكين في كيفية تجاوز التردد في العلاقة مع سورية بأن طريق دمشق سالكة، وما عليهم سوى أن يدقوا الباب، فالانتظار ضياع للوقت الثمين، والانتظار لن يأتي بدعوة خارجية واضحة، والمثال الأردني نموذج لما يمكن للبنان القيام به، فعلى رغم دور الأردن المحوري في الحلف الذي دعم الحرب على سورية، لم يتردد الأردن مع المتغيرات الواضحة في وجهة الحرب، وتبلور ما يؤكد انتصار الدولة السورية، فإن الحكومة الأردنية لم تتردد في فعل ما يجب فعله من موقع الحسابات التي تلبي المصلحة الأردنية من دون انتظار كلام علني صريح يشجع على ذلك، بل بالتقاط الإشارات الكافية للقول إن القطيعة مع سورية لم يعد لها أي وظيفة سياسية وهي لم تعد حصاراً مطلوباً على سورية، بل أصبحت حصاراً على من يواصل القطيعة من دون التمعن بما يجري على مساحة المنطقة.
في مناخ التعافي الذي تعيشه سورية، ومناخ تقدم محور المقاومة من جبهات سورية واليمن وفلسطين وإيران وفي ظل نتائج عمليات كسر الحصار التي قادتها المقاومة باستجلاب المحروقات من إيران عبر سورية، نجحت المقاومة بتوجيه رسالة أمنية لجيش الاحتلال عبر إسقاط إحدى طائراته المسيرة المنتمية إلى الأجيال الحديثة، وهو ما وصفته مصادر أمنية برسالة متصلة بالتذكير بموازين الردع التي أرستها المقاومة، ودعوة مباشرة لحكومة الاحتلال للامتناع عن ارتكاب أي حماقة ببدء التنقيب في المناطق الاقتصادية التي يدور حولها التفاوض غير المباشر الهادف لترسيم الحدود البحرية.