الرئيسية / آخر الأخبار / فضل الله: نأمل أن يفرج عن الحكومة قريبا

فضل الله: نأمل أن يفرج عن الحكومة قريبا

مجلة وفاء wafaamagazine

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين. ومما جاء في خطبته السياسية: عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به أمير المؤمنين واليه مالك الأشتر عندما قال: “املك حمية أنفك وسورة حدك وسطوة يدك وغرب ‌لسانك (لا تتكبر ولا تتعصب برأيك واتق حدة غضبك واستعمال قوتك في غير وجه حق وأن تكون سليط اللسان بل رفيقا)، واحترس من كُل ‌ذلك بكف البادرة (ما يبدر من الرجل عند غضبه) وتأخير السطوة حتى يسكن غضبك فتملك الاختيار (في العقوبة أو العفو لأنك حال غضبك تختل عندك الموازين وتفقد السيطرة) ولن تحكم ذلك من نفسك حتى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربك” (إن الضابط لكل هذه الأمور هو التفكير دائما بموقفك بين يدي الله، حيث تحاسب على كل صغيرة وكبيرة).أيها الأحبة: هذه الوصايا أرادها الإمام علي لكل حاكم ومسؤول في أي موقع من مواقع الحكم ليتصرف بوعي ومسؤولية وإنسانية، وبذلك تستقيم الأمور وتقل العثرات ونصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات”.

وقال: “البداية من لبنان الذي تتوالى فيه الأزمات من دون أن تبدو هناك بارقة أمل لمعالجة التردي الذي يعيشه، بفعل التأزم الحالي على الصعيد الداخلي والانقسام الحاد الحاصل بين مكوناته السياسية أو الطائفية فيما تركه الخارج يواجه مصيره بنفسه، وإن قدم فليس سوى مسكنات بانتظار اتضاح موازين القوى فيه أو ما قد تأتي به المفاوضات التي سيكون لبنان جزءا منها أو ما قد ينتج من الصراعات التي قد يكون لبنان ساحة من ساحاتها. ولعل أبرز هذه الأزمات هي ما يعانيه اللبنانيون على الصعيد المعيشي والحياتي، إذ يستمر التردي على هذا الصعيد بفعل الارتفاع الهائل في الأسعار، ما جعل اللبنانيين غير قادرين على تأمين أبسط مقومات حياتهم من الغذاء والكهرباء وسبل الانتقال، ووصل إلى أن يتهددهم في صحتهم وحياتهم وقدرتهم على الاستشفاء، فباتوا غير قادرين على تأمين الدواء والاستشفاء الذي تفاقم بعد القرار غير المدروس برفع الدعم عن الدواء”.

أضاف: “مع الأسف يجري كل ذلك من دون أن تكون هناك بدائل تجعل اللبنانيين قادرين على تحمل أعباء هذه الزيادات، فالبطاقة التمويلية التي وعدوا بأنها ستواكب قرارات رفع الدعم لا تجد طريقها للتنفيذ حتى الآن وقد لا تجده، فيما ليس بالإمكان إصلاح الأجور لتناسب حتى أدنى احتياجات المواطن، خشية أن تنوء بذلك المؤسسات العامة والخاصة ولا تستطيع الاستمرار بسببها، وإذا كان من زيادات تجري فيها فبمبادرة من تلك المؤسسات. وهنا لا بد من أن نقدر المؤسسات التي تقف مع موظفيها رغم الظروف الصعبة التي تعانيها”.

وتابع: “أما الحكومة التي يفترض بها أن تستنفر كل جهودها لتعالج احتياجات المواطنين قد تفرمل دورها إن لم نقل تجمد إلى أن يفرج عنها، ونأمل أن يكون الفرج قريبا وقريبا جدا. لقد قلناها ونقولها لجميع اللبنانيين: إن عليكم أن تتدبروا أمركم وتقلعوا أشواككم بأظافركم، وأن تتعاونوا للخروج من هذه المرحلة بأقل قدر ممكن من الخسائر، ويبقى عليكم أن تفكروا، وأنتم تستعدون للانتخابات التي ستجري أيان كان موعدها، في أن تدققوا جيدا في ما تختارون لسدة مجلس النواب وعند من تضعون مستقبلكم ومستقبل أولادكم، بعد أن أصبح واضحا أهمية هذا الاستحقاق ومدى الرهان عليكم، وإياكم أن تلدغوا من جحور من أفسدوا وأوصلوا البلد إلى حافة الانهيار هذه”.

وقال: “لا يخدعنكم مجددا الكلام المعسول، أو من يتقن التلاعب بغرائزكم الطائفية والمذهبية أو أن تخضعوا لإغراءات المال ممن يستغل الحاجة إليه في هذا الظرف الصعب والتي يستعد البعض لاستخدامها من الداخل والخارج، وستفتح الخزائن لها. ضعوا خياركم عند من تثقون بأنه سيكون جادا في العمل، لإخراج البلد من الواقع المتردي على مختلف المستويات، ومن يكون أمينا على هذا البلد، يحفظ كرامة إنسانه وحريته واستقلاله وأمنه، ولا يجعله ورقة في المساومات أو في صراعات الآخرين. في هذا الوقت، يستمر التأزم السياسي الذي ينعكس على الصعيد الحكومي بفعل تداعيات الموقف الذي اتخذته بعض الدول الخليجية، والذي قد لا يقتصر على سحب السفراء أو توقف الصادرات اللبنانية، بل قد يتعداه إلى إجراءات جديدة تفاقم من عذابات اللبنانيين وتزيد من معاناتهم. وهنا نأمل ألا تتم هذه الإجراءات ، وأن يبادر سعاة الخير إلى حل هذه الأزمة من الداخل أو الخارج، ونربأ بها أن لا تعاقب البلد بمنطق العقاب الجماعي، بل بالحوار الذي هو باب الحلول. وأعتقد جازما أن هذا الباب لم يغلقه اللبنانيون بكل طوائفهم ومذاهبهم وتنوعاتهم السياسية الذين أعلنوا ويعلنون أن أيديهم ممدودة، وأن ليس هناك من يريد أن يحكم التوتر العلاقة بين لبنان وبين الدول الخليجية، فالكل يريد أحسن العلاقات”.

أضاف: “نبقى عند الحرائق التي حصلت في الأسبوع الماضي، والتي أكلت أخضر العديد من المناطق اللبنانية ولا سيما في الجنوب وهددت ممتلكات الناس، لندعو إلى ضرورة توقي حدوث مثل هذه الحرائق مجددا، وتوفير كل السبل لضمان سرعة إطفائها. وهنا نقدر دور متطوعي الدفاع المدني وكل الجهات التي ساهمت في عملية الإطفاء رغم عدم توافر الإمكانات والآليات”.

وختم: “أخيرا نتوقف عند ذكرى الاستقلال التي هي مناسبة لتكريم من ساهموا في استقلال البلد وإخراجه من نير الانتداب وبعد ذلك من نير الاحتلال وأن يدعو ذلك اللبنانيين إلى أن يتضامنوا لإبقاء هذا البلد حرا، سيدا، عزيزا ومستقلا في سياسته واقتصاده وفي قراراته، ينفتح على عالمه العربي والإسلامي وعلى العالم بأسره، دون أن يخضع لإملاءات أحد أو يكون ورقة في يده”.