مجلة وفاء wafaamagazine
الخرطوم | فاجأ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ورئيس الحكومة المُقال عبدالله حمدوك، السودانيين، بالتوقيع على اتفاق سياسي، أُعيد بموجبه هذا الأخير إلى منصبه. التوقيع على الاتفاق الجديد تزامن مع تفريق قوات الأمن تظاهرة رافضة لمبدأ التفاوض مع العسكر قرب القصر الرئاسي. وأعلنت «قوى الحرية والتغيير» (المجلس المركزي)، الحاضنة السياسية لحكومة حمدوك، رفضها لأيّ اتفاق مع المكون العسكري، متبنّية موقف الشارع الذي رفع السقف عالياً برفضه الشراكة والمساومة والتفاوض مع الانقلابيين. وأكد المجلس أنه «غير معني بأيّ اتفاق مع العسكر: لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية للانقلابيين»، قائلاً، في بيان، إن «تقويض نظام الحكم الشرعي، والانقلاب على الدستور، وقتْل الثوار، والإخفاء القسري، والقمع المفرط، كلها جرائم تقتضي تقديم قادة الانقلاب والانتهازيين وفلول النظام السابق إلى محاكمات فورية»، لافتاً إلى أن «(عبد الله) حمدوك مدّ يده إلى جُحْر الأفعى، ولن يناله منها غير السمّ والغدر».
وقال مراقبون إن حمدوك، بخطوته هذه، يمثِّل نفسه، بحُكم أن تعيينه وحكومته – بحسب الوثيقة الدستورية – يُعدّ من مهامّ «قوى الحرية والتغيير». واعتبر هؤلاء أن توقيع الاتفاق «منح الانقلابيين شرعيّة بحثوا عنها منذ قيامهم بخطوتهم»، بل حتى أن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك، جازماً بأن «حمدوك عقد اتفاقاً سياسياً مسبقاً مع العسكر قبل انقلاب الـ25 من تشرين الأوّل الماضي، بهدف إبعاد قوى الحرية والتغيير من المشهد السياسي». غير أن الثابت لدى المتابعين، أن الشارع وحده هو الذي يُقرّر مَن سيقوده في المستقبل. وبحسب فاروق عبد القادر، أحد الشبان المنتفضين، «لا يهمّ إذا سقط حمدوك ووضع يده في يد القتلى، فنحن قادرون على حماية مكتسبات ثورتنا»، مطالباً الشباب بأن «لا يصيبهم الإحباط لأن الشارع قادر على قلب المعادلة لمصلحته، فمثلما أسقط (عمر) البشير ولحّق به وزير الدفاع ابن عوف في 48 ساعة، فهو قادر على إسقاط (عبد الفتاح) البرهان وكل من شارك في انقلابه على التحوّل الديموقراطي». وأضاف: «تعيين حمدوك لرئاسة الوزراء في عهد الانقلاب لا يعنينا في شيء مثلما لم يعنينا من قبل تكوين مجلس السيادة الانقلابي».
يعتقد البعض أن هناك اتفاقاً سياسياً مسبقاً عقد بين حمدوك والعسكر قبل الانقلاب
لم يكن الشارع وحده الرافض لما حصل، إذ أعلن «تجمّع المهنيين السودانيين» رفضه للاتفاق، واصفاً إيّاه بأنه «خيانة» و»محاولة لشرعنة الانقلاب» و»انتحار سياسي لعبدالله حمدوك». وسارع عدد من الأحزاب المنضوية في ائتلاف «قوى الحرية والتغيير» إلى إعلان رفضه الاتفاق، إذ أكد المجلس السياسي لـ»الحزب الشيوعي» موقفه الرافض، معتبراً أن الاتفاق «يعزّز سلطة العسكر ويعيد شراكة الدم»، وداعياً جميع القوى إلى الوقوف «بصلابة في وجه الاتفاق، وفي وجه مَن أعدّوه والتمسّك بكافة أشكال النضال المدني السلمي». من جهته، رأى «حزب المؤتمر السوداني» أن الاتفاق السياسي «لم يخاطب جذور الأزمة»، وأن صناعته «تمّت بعيداً من قوى ثورة ديسمبر الحيّة»، مضيفاً أن «انفراد رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بقرار التوقيع على الاتفاق من دون تفويض، يُعتبر عملاً فاقداً للشرعية وخارج الإطار الدستوري المتمثّل في الوثيقة الدستورية». وأكد «حزب الأمة» القومي، وعلى رغم أن قيادة رئيسه، فضل الله برمة، اللجنة الوطنية التي قادت مبادرة الاتفاق بين العسكر وحمدوك، إلاّ أن موقفه جاء مغايراً، فاعتبر أن أيّ «اتفاق لا يخاطب جذور الأزمة التي أنتجها الانقلاب العسكري… لن يكون الحزب طرفاً فيه».
الاخبار