مجلة وفاء wafaamagazine
في ظلّ الصعوبات التي يواجهها في ملف الحكومة، يبدو الرئيس نجيب ميقاتي أمام أزمة من نوع مختلف. صحيح أنه حصل على تفويض بخلافة سعد الحريري في ترؤّس الحكومة، لكنه لم يحصل على تفويض بخلافة الحريري في الزعامة والنطق باسم سنّة لبنان. وخصومه، هنا، يتنوعون بين نادي رؤساء الحكومات السابقين وقيادات سنّية تسعى الى كسب مزيد من التأييد في الشارع لتعزيز حظوظها لتولّي منصب رئاسة الحكومة بعد الانتخابات.
ميقاتي يعرف أن فرنسا كانت عرّابة وصوله الى رئاسة الحكومة، وأنها أمّنت له التغطية الأميركية وعدم ممانعة عواصم كثيرة في الإقليم والعالم العربي. لكنها لم تحصل على «بركة»، السعودية، وبالتالي لم تحصل على تأييد عواصم عربية فاعلة كالقاهرة وأبو ظبي وحتى الدوحة، وهذا ما جعل رئيس الحكومة عرضة لاهتزازات كثيرة خلال فترة قصيرة، وفاقم معاناته مع خصومه المحليّين. فهو تلقّى أول تهديد لحكومته من «زملائه» في «النادي»، وقد تولاه الرئيس فؤد السنيورة من باب الأزمة مع السعودية، عندما أبلغه، من دون ممانعة الرئيسين سعد الحريري وتمام سلام، ضرورة الضغط لاسترضاء السعودية بإقالة الوزير جورج قرداحي. ولأن ذلك لم يحصل، لوّح له «النادي» بضرورة التهديد بالاستقالة من الحكومة تحت طائلة «رفع الغطاء السني» عنه. وهو تهديد «هزّ ركب» رئيس الحكومة، قبل أن يعود إلى التماسك بعدما تبلّغ من عواصم غربية دعمها لبقائه، مع التأكيد عليه أن مهمته محصورة في تأمين الحماية للمحقق العدلي طارق البيطار وضمان إجراء الانتخابات النيابية. لذلك، تجاهل ميقاتي تهديدات «النادي» وأهملها.
إلا أن مشكلة جديدة برزت أمام ميقاتي بوضوح الاثنين الماضي. إذ إن التحركات الشعبية المحدودة التي استمرت ساعات احتجاجاً على الوضع المعيشي، تركزت في المناطق ذات الثقل السني وحيث لتيار «المستقبل» النفوذ الأكبر، من الجنوب الى البقاع، مروراً ببيروت، وصولاً الى طرابلس والشمال. وفهم ميقاتي أن الحريري نفسه، أو من يعمل معه في تيار المستقبل، يبعثون إليه برسالة واضحة، مفادها أنه ممنوع عليه وعلى أي جهة أخرى التفكير بوراثة الحريري في هذه اللحظة السياسية، وأنه حتى ولو قرر الحريري عدم خوض الانتخابات فإن ذلك لا يعني أن الشارع تم تجييره لمصلحة أي زعيم آخر.
وحتى الرئيس تمام سلام نفسه تلقّى الرسالة، وهو أبلغ وسطاء، بينهم من له صلة بالسعودية، أنه ليس في وارد قيادة أي تحالف انتخابي يظهره بديلاً للحريري، وأكد أنه في وضع شخصي ومادي وعملاني وشعبي لا يتيح له قيادة معركة كبيرة، حتى ولو كان العنوان إعادة بناء جبهة مع وليد جنبلاط وقوى 14 آذار في الانتخابات المقبلة.
عملياً، يواجه ميقاتي أسوأ أيامه في الحكومة، ولا يعرف العاملون معه كيفية استعداده للخطاب الانتخابي المفترض اتّباعه قبل دخول الجميع في حفلة الجنون الانتخابية.
الاخبار