الرئيسية / آخر الأخبار / الخوري : حين يصبح قياس النبض هو المسؤول عن أمراض القلب تصبح المنصات مسؤولة عن أزمة سعر الصرف

الخوري : حين يصبح قياس النبض هو المسؤول عن أمراض القلب تصبح المنصات مسؤولة عن أزمة سعر الصرف

مجلة وفاء wafaamagazine

تحدّث الأكاديمي والخبير الاقتصادي د. بيار الخوري إلى السيدة فرح نصور من موقع “النهار” بشأن سعر صرف الدولار والتطبيقات المشبوهة التي تقود الأسواق، نستعرض أدناه أهم ما جاء في الحديث :

تدخل عوامل كثيرة على خط التأثير على سعر صرف الدولار. وفي أحدث بيانات مصرف لبنان، يشير إلى أنّ “التطبيقات التي تعلن عن الأسعار من دون أن تشير إلى حجم العمليات التي أدّت إلى هذه الأسعار، هي تطبيقات مشبوهة وغير قانونية، وهي تقود الأسواق ولا تعبّر عن واقع السوق وحجمه الحقيقي”. ويضيف أنّ مصرف لبنان “سيتابع هذا الأمر في الخارج وسيحمّل المسؤولية لشركات كـGoogle وFacebook وغيرهما، لما لهذه التطبيقات من ضرر على لبنان، ويطالبها بنشر السعر الرسمي وسعر “صيرفة” فقط”، معتبرًا أنّ المنصّة هذه “هي المنصّة الوحيدة التي تعلن عن أسعار وعن حجم العمليات التي أدّت إلى هذه الأسعار”.

أسئلة عديدة تدور حول هذا الجانب من الفوضى الدائرة بسبب الأزمة النقدية. لكنّنا نسأل سؤالين أساسيين في هذا السياق، إلى أيّ مدى تؤثر التطبيقات في التلاعب في سعر الصرف؟ وهل فعلًا تعكس منصّة “صيرفة” السوق الحقيقية؟

من وجهة نظر تقنيّة، وفي حديث مع “النهار”، يرى المدير الإقليمي في شركة “سيسكو” الرائدة في مجال الأمن السيبراني، فؤاد الصلح، أنّ “التطبيقات تعطي أسعارًا للعملة من دون إجراء تداول لتحديد حجم العمليات، وبالتالي تحديد العرض والطلب. لذلك فإنّ التطبيقات يمكنها وضع السعر الذي تريده”.

تقنيًا، “لا يمكن حجب التطبيقات نهائيًا، وعملية حجبها مستحيلة”، وفق شرح الصلح، لكن يمكن جعل عملية الوصول إليها صعبة جدًا، لكنّ الأمر يتطلّب جهدًا كبيرًا واستثمارات كبيرة من جهة وزارة الاتصالات. أيضًا “يمكن للتطبيق تغيير عنوانه والظهور في أماكن أخرى، وما دامت هذه التطبيقات موجودة خارج لبنان، لا يمكن الدولة اللبنانية فعل أيّ شيء لوقف العمل بها، سوى التواصل من دولة إلى دولة”.

وعن الحديث عن تحميل شركات مثل “غوغل” مسؤولية هذه التطبيقات، فإنّ “الشركات التكنولوجية لا تستجيب لطلبات غير مؤكَّدة بطرق موثّقة جدًا وموجّهة في إطار رسالة، وليس من واجبات هذه الشركات أساسًا التحقّق من مضمون هذه التطبيقات الرقمية، ما لم تكن تحتوي على مضمون عنفي أو عنصري أو ما شابه”.

ما هي وجهة النظر الاقتصادية؟
“لم تكن التكنولوجيا يومًا سببًا للتلاعب بالليرة ولانهيارها”، هذا ما يؤكّده الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور بيار الخوري، في حديثه لـ”النهار”. فالتكنولوجيا تؤدّي دور المفعِّل أو المبطِّئ في جميع المجالات، لكنّها ليست سبب المشكلة. ويشبّه الخوري مَن يقول إنّ عناصر التكنولوجيا مسؤولَة عن أزمة سعر الصرف، بمَن يقول إنّ آلة مراقبة نبضات القلب هي المسؤولة عن مرض القلب، “المبدأ نفسه”. فالتطبيقات الرقمية هذه، هي نتيجة طبيعية في ظلّ عدم الذهاب إلى تحرير سعر الصرف.


في لبنان مشكلة عدم وجود سعر صرف موحَّد، بالتوازي مع مشكلة #السوق السوداء. فهذا الاختلاف في أسعار الصرف، هو نتيجة الـ”هير كات” غير المباشر على الأملاك، من خلال تحديد أسعار وهمية لسعر الصرف لدى سحب الودائع، بحسب ما يشرح الخوري.

لذلك، فإنّ الضغط على سعر الصرف بهذه الطريقة ينفجر في السوق السوداء، والتجّار يشترون الدولار منها. والارتفاعات الحادّة للدولار في السوق السوداء تحدث في معظم الأحيان يومي الخميس والجمعة، أي عندما يغلق التجّار أسبوعهم، ويهدأ من السبت إلى الأربعاء. ما يعني، وفق الخوري، أنّ “أسباب تقلّبات سعر الصرف هي حقيقية وواقعية وموجودة في قانون العرض والطلب، وليست موجودة على التطبيقات الرقمية”.

وإذا ما افترضنا أنّ الشركات التكنولوجية أغلقت جميع الـVPN التي تخرج منها هذه المنصّات، وطوّرت خوارزميات لضرب أيّ منصّة جديدة، لدى توجّه مواطن ما لصرف دولاره لدى الصرّاف، “فسيكون مرجع هذا الصراف منصّة “صيرفة” في ظلّ هذا الوضع غير الطبيعي السائد، رغم الشوائب التي تدور حول منصّة “صيرفة”.
ورغم سوء فكرة المنصّات، يرى الخوري أنّ “منصّة “صيرفة” تشكّل مرجعية عامّة لسعر الصرف”. لذلك، التطبيقات الرقمية هي نتيجة المشكلة، وبالتالي، المشكلة في حوكمة قطاع تبادل العملات الأجنبية”.

والحقيقة، على ما يقول الخوري، أنّ هناك “تجّار عملة كبارًا داخل لبنان، يقفون خلف هذه التجارة، إذ ليس هناك أيّ سوق في العالم دون بنية، وللسوق السوداء بنية داخل لبنان، وليس على التطبيقات الرقمية، وهذه البنية هي التي تسعّر الدولار”.

ويتّفق الأستاذ والباحث في الشؤون الاقتصادية، البروفسور روك-أنطوان مهنا، مع الخوري بالقول: “التطبيقات ليست المسؤولة عن التلاعب بسعر الصرف، فالأمر أشبه بزوبعة في فنجان، أي التعمية عن المشكلة الأساس”.

وفي معرض حديثه لـ”النهار”، يورد مهنا أنّه “رغم أنّ التطبيقات ليست دقيقة ولا منهجية لها، فهي تعمل أيّام العطل والأحد حيث لا تداول، ولا يدخل العرض والطلب عبرها ولا توثيق لعمليات التداول هذه، كما هي الحال مع منصّة “صيرفة” التي تعتمد منهجية صحيحة”.

لكن المركزي غير قادر على تلبية السوق كلّه عبر “صيرفة”، بل فقط جزء صغير من الأشخاص تتمّ تلبيتهم عبر المنصّة، وخارج هذه المنصّة تتمّ تلبية الدولار من السوق السوداء، لأنّ المركزي لا يتدخل كلاعب أساسي لتأمين التصريف، بينما إن تدخّل تؤمّن “صيرفة” حوالي 80% من حاجة السوق، و”إغلاق التطبيقات في هذه الحال يمكن أن يأتي بنتيجة”، على ما يوضح مهنّا.


لكن بغياب تدخّل مصرف لبنان لتأمين الدولار، يضطرّ الناس إلى اللجوء إلى السوق السوداء، وهنا تكمن النسبة الأكبر. وبنظره، إذا ما أُغلقت التطبيقات، “فلن يصرف الصرّافون على سعر “صيرفة” بل على أسعار اعتباطية”. وإذا ما خفّ العرض، فقد يرتفع سعر الدولار أكثر ويعطي ردّة فعل عكسية.

لكنّ أساس الموضوع ليس في إقفال التطبيقات، بل في ضبط السوق الموازية، إلى جانب وجوب تدخّل المركزي في تلبية حاجات السوق من التداول، وتوسيع مروحة المستفيدين وعدم حصرهم بالتجّار فقط.

 

عن Z H