مجلة وفاء wafaamagazine
يشعر «التيار الوطني الحر» بأنّه تلقّى «طعنة» بعد إجهاض الطعن الذي تقدّم به أمام المجلس الدستوري لإبطال التعديلات المستجدة على قانون الانتخاب، بينما يوحي خصومه، عبر ردود أفعالهم، بأنّهم تلقّوا «هدية» ثمينة.
عماد مرمل
إنتهى مخاض المجلس الدستوري الى اللاقرار في شأن الطعن المقدّم من تكتل «لبنان القوي»، بالتعديلات التي ادخلها مجلس النواب على قانون الانتخاب، وبالتالي، فإنّ القانون المعمول به سيكون ساري المفعول مع تعديلاته، خصوصاً تلك المتعلقة بإعطاء المغتربين حق الاقتراع، كلٌ في دائرته، خلافاً لما كان يطلبه «التيار الوطني الحر»، الذي أراد تخصيصهم بستة مقاعد نيابية موزعة على القارات، في إطار ما عُرف بـ»الدائرة 16».
وإذا جرى التسليم بأنّه كانت هناك صفقة او مقايضة قيد البحث في الكواليس كما شاع أخيراً، فإنّ ما جرى في المجلس الدستوري سيعقّد كثيراً إمكان حصولها، بل سينسفها من أساسها، لأنّ احد مرتكزاتها سقط مع تعثر الطعن وإخفاق «التيار» في تحقيق مطلب اساسي له وهو تعديل وجهة اقتراع المغتربين من الداخل الى الخارج حصراً، ما يعني أنّه سيصبح أكثر تشدّداً في موقفه من المسائل الأخرى التي كانت مطروحة في سلّة التفاوض او المساومة.
ومن مفاعيل «اللاقرار» الذي أجهض الطعن، تثبيت الانتخابات في آذار او أيار (الّا اذا استجد طارئ)، بعدما كانت هناك خشية من ان يؤدي الأخذ به، وتحديداً بالنسبة إلى المطالبة بتصويت المغتربين لمقاعد مستحدثة في القارات، الى تعديل موعد الاستحقاق النيابي، من أجل تأمين المتطلبات اللوجستية والإدارية للآلية الجديدة.
وقد احتفل خصوم الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل بما انتهى اليه مصير الطعن البرتقالي، معتبرين انّه يشكّل هزيمة للتيار وانتصاراً لهم. والمفارقة هنا، انّ هؤلاء يتصرفون على اساس انّ معظم المغتربين الذين سجّلوا اسماءهم للمشاركة في الانتخابات، سيصوّتون حكماً الى جانبهم ضد لوائح التيار وحلفائه. وبمعزل عن صوابية هذا الافتراض من عدمها، فإنّ ما يبدو واضحاً هو انّ «التيار» والثنائي حركة «امل»- «حزب الله» سيواجهون تحدّياً حقيقياً في الساحة الاغترابية، التي يريد خصومهم تحويلها «بيضة قبان» لترجيح كفتهم في عدد من الدوائر التي ستكون مسرحاً لمواجهات انتخابية حامية الوطيس، وعلى المنخار، بحيث انّ حسمها في هذا الاتجاه او ذاك قد يتوقف على الاصوات العابرة للحدود.
وفيما بدأ المناوئون للعهد والثنائي بإطلاق حملاتهم الانتخابية في دول الانتشار، عبر كل أشكال التواصل والتعبئة، يبدو هامش التحرّك لدى القوى الأخرى أضيق بكثير، ربطاً بظروفها وواقعها (عقوبات اميركية على جبران باسيل وعلي حسن خليل، ووضع «حزب الله» على لوائح الارهاب في الولايات المتحدة واوستراليا وبعض الدول الاوروبية والخليجية).
وإزاء هذه الحقائق، هناك في محيط «أمل» و»الحزب» من يدعوهما الى التعامل بكثير من الجدّية والحذر مع التأثيرات المحتملة للأصوات الاغترابية على موازين القوى الانتخابية في بعض الدوائر، خصوصاً في بيروت والبقاع الغربي وزحلة وحتى في صور، وذلك انطلاقاً من أنّ اغلب المغتربين المسجّلين في الخليج وأوروبا واميركا لن يتجرأوا على التصويت لـ»حزب الله» وحركة «امل» وربما للتيار أيضاً، بحكم تواجدهم في دول هي على عداء او خصومة مع تلك القوى، وبالتالي فإنّ أصواتهم ستذهب على الارجح في الاتجاه الآخر.
وعلى وقع موقف المجلس الدستوري، يقول رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط لـ»الجمهورية»، انّ ما حصل هو فشل للتيار الوطني الحر، خصوصاً بالنسبة إلى طلبه منع المغتربين من الاقتراع في الدوائر المعتمدة داخل لبنان. ويضيف: «لقد فشل التيار في تحقيق ما كان يصبو اليه من حصرٍ لتصويت المغتربين في الخارج، وهذا هو الإنجاز الأهم الذي تحقق في رأيي من خلال سقوط الطعن».
ويؤكّد جنبلاط، انّه راض عمّا صدر عن المجلس الدستوري، مشيراً الى انّ «القضاة الاعضاء فيه تحلّوا باستقلالية ونزاهة، بعيداً من اي ضغوط وتدخّلات سياسية، وهذا السلوك يُسجّل لهم».
الجمهورية