
مجلة وفاء wafaamagazine
أعلن المغرب، أمس، عزمه على استئناف علاقات ديبلوماسيّة طبيعيّة مع ألمانيا، بعد تعليقه التواصل مع سفارتها في الرّباط منذ آذار، على خلفيّة مواقف السفارة من النزاع في الصحراء العربية الكبرى، الرافضة للاعتراف بسيادة المغرب عليها، قبل أن تنتهج الحكومة الألمانية الجديدة خطاباً ذي لهجة مختلفة، دفع بالمغرب إلى اتخاذ هذه الخطوة باتجاه تطبيع العلاقات.
في السّياق، قالت وزارة الخارجية المغربية، في بيان نشرته وكالة الأنباء المغربيّة، إنّها «ترحّب بالتصريحات الإيجابيّة والمواقف البنّاءة التي عبّرت عنها أخيراً الحكومة الفيدراليّة الجديدة لألمانيا»، لافتةً إلى أن «من شأن هذه التصريحات أن تُتيح استئناف التعاون الثنائي، وعودة عمل التمثيليّات الديبلوماسيّة للبلدين في الرباط وبرلين إلى حالته الطبيعية».
وتشمل هذه التصريحات الإيجابية التي تحدّث عنها البيان، إشادة الخارجية الألمانية في موقفها الأخير بدور المملكة «الهامّ» في استقرار المنطقة، و«انخراطها في عمليّة السلام في ليبيا»، على حدّ تعبيرها. وبحسب بيان نُشر في 7 كانون الأول، على صفحتها على «فايسبوك»، أعربت السفارة الألمانية في الرباط عن أن «ألمانيا مستعدّة لبناء شراكة تتطلّع إلى المستقبل، وأن الحكومة الاتّحاديّة ترحّب ترحيباً تاماً بتطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل».
كما نشرت وزارة الخارجيّة الألمانيّة، في 13 كانون الأول، تصريحاً على موقعها الرسمي تؤكّد فيه أن موقفها من نزاع الصحراء الغربية «لم يتغيّر منذ عقود»، مؤكّدةً أنها «تدعم المبعوث الشخصي للأمم المتحدة في سعيه إلى إيجاد حلّ سياسي عادل، وفق القرار الأخير حول هذا النزاع، مع الإشارة إلى المساهمة الهامّة التي قدّمها المغرب عام 2007، للتوصّل إلى هذا الحلّ، من خلال مقترح الحكم الذاتي».
تعقيباً على ذلك، أشارت الخارجية المغربية إلى أنها «تأمل بأن تقترن هذه التصريحات بالأفعال، بشكل يعكس روحاً جديدة ويعطي انطلاقة جديدة لعلاقات قائمة على أساس الوضوح والاحترام المتبادل».
وكان انتقاد برلين لقرار الولايات المتحدة بالاعتراف بسيادة المغرب على هذه المنطقة المتنازع عليها مع جبهة «بوليساريو»، أواخر العام الماضي، سبباً رئيسياً في إعلان المغرب تعليق كلّ أشكال التواصل مع السفارة الألمانيّة في الرّباط في آذار. كذلك، كان استبعاد الرباط من المفاوضات حول مستقبل ليبيا في مؤتمر نظّمته برلين في كانون الثاني 2020، من أسباب تأجيج التوترات بين البلدين.
وقد نتج عن هذه التوترات تعليق الرباط جميع الاتّصالات مع السفارة الألمانية في المغرب، بسبب ما اعتبرته آنذاك «سوء تفاهم عميق مع برلين». وفي 6 أيار، تم استدعاء السفيرة المغربيّة للتشاور، بعدما اتهمت برلين بممارسة «أعمال عدائيّة»، علماً أنّ منصب السفير الألماني في الرباط شاغر حالياً.
ويقترح المغرب، الذي يسيطر على حوالى 80% من أراضي المنطقة الصحراوية الشاسعة، منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته، في حين تطالب جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، المعروفة بجبهة «بوليساريو»، التي تحظى بدعم الجزائر، بإجراء استفتاء لتقرير المصير.
وفي آخر قرار له حول النزاع الدائر منذ عقود، دعا مجلس الأمن الدولي نهاية تشرين الأول، كلّاً من المغرب وجبهة بوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات، «بدون شروط مسبقة، للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم، بهدف تقرير مصير شعب الصحراء الغربية». وهو موقف أشادت به الرباط، إلا أنه أثار استياء جبهة «بوليساريو».
يُشار إلى أن ألمانيا تُعدّ من أهم الشركاء الاقتصاديّين والتجاريّين للمغرب، إذ تنشط نحو 300 شركة ألمانية في هذا البلد، فضلاً عن كونها من أبرز مانحيه في برامج تعاون ثنائي.