مجلة وفاء wafaamagazine
رأى الوزير السابق يوسف سلامه في بيان، أن “تغيير مسار الحكم في لبنان ارتبط عبر التاريخ بمصالح قوى دولية وبموازين قوى إقليمية، ولم يكن يوما وليد إرادة داخلية صرفة”.
وقال: “من الأمير فخر الدين المعني الثاني وفائض القوة الذي عرف كيف يستثمره فأزعج السلطنة؛ إلى الأمير بشير الشهابي الذي سقط مع نهاية دور محمد علي ومصر في لبنان وسوريا؛ إلى تركيا الرجل المريض ودور أوروبا التحضيري للدخول إلى المنطقة؛
إلى سقوط السلطنة على أثر هزيمتها في الحرب العالمية الأولى وقيام دولة لبنان الكبير برعاية وانتداب فرنسي؛ إلى الاستقلال الذي خطفه اللبنانيون بدعم من الانكليز مستفيدين من اختلال الموازين لمصلحتهم على حساب فرنسا، إلى قيام دولة إسرائيل سنة 1948 والبدء باختراق وتشويه مسيرة الدولة اللبنانية ومسارها، بدءا من انتحار الدستور اللبناني بقرار دستوري عبر التجديد للشيخ بشارة الخوري في رئاسة الجمهورية ثم إسقاطه وانتخاب الرئيس كميل شمعون، فثورة 1958 وعسكرة السلطة مع اللواء فؤاد شهاب، إلى حرب 1967 وانتصار إسرائيل الذي أسهم في ضرب مفهوم الدولة بالكامل من طريق إلزام الدولة اللبنانية توقيع اتفاق القاهرة كي تتفادى وقوع حرب أهلية على أرض لبنان، حرب ما لبثت أن انفجرت بعد سنوات قليلة، حيث أطلق هذا الاتفاق شرارة الحرب المشؤومة التي دمرت ركائز الدولة وثقافة الحياة المشتركة وابتدعت الخطف على الهوية لتنتهي باجتياح إسرائيلي للعاصمة وتهجير منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وسقوط الفلسفة الميثاقية بعد فرض انتخاب بشير الجميل قائد الميليشيا المسيحية رئيسا للجمهورية”.
وتابع: “أراد بشير العودة إلى الزمن الماضي وصورة لبنان الجميل، فعقد المصالحة مع زعماء الطوائف وسافر إلى السعودية ورفض السير بالمشروع المقترح دون مناقشة مفضلا ًعليه صيغة 1943 فاستشهد في بيته السياسي الذي منه انطلق لتبدأ بعد استشهاده مسيرة آلام تبلورت مع اتفاق الطائف الذي فرض تعديلات دستورية وكرس أعرافا سياسية جديدة لم تكن إلا انعكاسا لموازين القوى الجديدة في المنطقة والعالم، وللدور الإقليمي الضاغط الذي التزم فرض وتطبيق الاتفاق بالقوة وبتفويض دولي وعربي، فأوقف الحرب الأهلية واستبدل الطبقة السياسية بكامل رموزها لتتسلم زمام السلطة طبقة من الوصوليين والمتعاونين مع مراكز القرار في المنطقة والعالم”.
أضاف: “مع هذا لم تنته مسيرة الآلام عندنا مع الوصاية الإقليمية السورية السعودية المشتركة، فمعالم التغيير بدأت ترتسم في الأفق السياسي ودخل المشرق في غيبوبة أرخت بظلالها على الساحة الإقليمية، ومن أبرز معالمها: خروج إسرائيل من لبنان سنة 2000 بضغط عسكري مباشر من حزب الله الذي عرف كيف يستثمر انسحابها من لبنان على الساحات اللبنانية والإقليمية والدولية كانتصار حصري له. وعندما آن الأوان لخروج سوريا من لبنان، استشهد دولة الرئيس رفيق الحريري فدفعت سوريا ثمن استشهاده انسحابا سريعا دون مقاومة ليستبدل وجودها بنفوذ إيراني مباشر كرسه في السياسة الحلف الرباعي المستحدث آنذاك واستكمله العماد عون والتيار الوطني الحر في ما بعد، وما زلنا نعاني من آثاره ومفاعيله حتى يومنا. فاتفاق الطائف أوقف الحرب الأهلية في لبنان، لكنه لم يعالج أسباب الأزمة العميقة فيه التي تعود بجذورها إلى هوية اللبناني الطائفية التي طغت على مفهوم المواطنية لديه”.
وختم سلامه: “هل نحن على أبواب اتفاق سياسي جديد سوف يفرض على لبنان إعادة بناء دولته على أسس جديدة تلاقي من خلالها مفاهيم الرقي وتطور فلسفة الحياة المشتركة فتجعلها أكثر قابلية للحياة والاستقرار بعدما أمضت معظم سنوات مئويتها الأولى في حروب ومناكفات؟ اتفاق يرسم بنية الدولة هذه المرة برعاية دولية وينفذ بقرار دولي دونما حاجة للاستعانة بأي احتلال إقليمي، أحادي أو ثنائي، بعدما سقط الإقليم كل الإقليم في قبضة الدول الكبرى وفقد هويته السياسية”.