مجلة وفاء wafaamagazine
هل كان الرئيس سعد الحريري يُدرك في أثناء زيارته الأخيرة للبنان من “منفاه الطوعي” في دولة الإمارات العربية المتحدة أن تعليقه نشاطه وعمله السياسيين مع “تيار المستقبل” الذي يترأس وكتلته النيابية وكذلك عائلته، الذي جاء الى بيروت لإعلانه منها، هل كان يُدرك أنه قد يتحوّل الى إنهاء حياته السياسية التي امتدّت قرابة سبعة عشر عاماً؟ لا شك في أنه فكّر في ذلك ولم ينجح في كتم عواطفه في أثناء إعلانه تعليق نشاطه السياسي.
سركيس نعوم
وقد عكس ذلك وجهه المتجهّم والتعب بل الإنهاك المقيم فيه من جرّاء الصدمات التي تلقاها من حلفاء ومن أعداء ألدّاء عقد معهم “ربط نزاع” تلافياً لحرب سنّية – شيعية كان ينفخ في نارها أكثر من طرف داخلي وجهة إقليمية ودولية. كما عكسه التعب الذي بدا على وجهه بل على جسمه كله، والذي جعله يبدو أكبر من عمره، وهو 51 سنة، بكثير. لكن الدمعة التي لمعت في عينيه وهو يتجرّع “كأس السم” مثلما تجرّعها عام 1988 ولأسباب مختلفة مفجّر الثورة الإسلامية في إيران ومؤسّس دولتها، مع بعض التهدّج في الصوت، عكست قلقاً منه على مستقبله السياسي وعلى مستقبل “تيّاره” وربما خوفاً من أن يكون دخل مرحلة الانكفاء والسقوط من جرّاء تداخل أسباب عدة يُسأل هو عن بعضها، ويُسأل عن بعضها الآخر من اقترحه لوراثة والده بعد استشهاده عام 2005 رغم عدم تعاطيه العمل السياسي وعدم متابعة نشاط والده في الحقل العام، وكأن متابعة أعماله الإعمارية والتجارية والمقاولاتية في المملكة العربية السعودية تكفي لوراثته سياسياً. ويُسأل عن بعضها الثالث الوضع السياسي في البلاد المنقسم طائفياً ومذهبياً وسياسياً ومصلحياً وارتباطاً بجهات…
النهار