الرئيسية / آخر الأخبار / “تسوية هوكشتاين”: تقاسم الحقول لا الخطوط

“تسوية هوكشتاين”: تقاسم الحقول لا الخطوط

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة “النهار” 

إذا كان اقرار مجلس الوزراء مشروع الموازنة للسنة الحالية وإحالتها على مجلس النواب وضع الحكومة والبرلمان امام اختبار مواجهة واحتواء الاستحقاقات المخيفة ماليا واقتصاديا واجتماعيا بالحدود الدنيا المسلم بها، فان هذه المحطة اكتسبت دلالات إضافية متوهجة لمجيئها على وقع “تسوية هوكشتاين ” التي من شأنها ان تنقل مسار المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إلى مقلب مختلف آخر عن الحقبة التفاوضية السابقة. ذلك ان جولة الوسيط الأميركي في هذه المفاوضات آيموس هوكشتاين هذه المرة على الرؤساء الثلاثة ولقاءاته مع وزراء ومسؤولين عسكريين وأمنيين أبرزهم قائد الجيش العماد جوزف عون اتسمت بأهمية لافتة اعترف بطابعها الاستثنائي معظم الذين التقاهم هوكشتاين ولا سيما منهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وإذ حرص الوسيط الأميركي على عدم الإفصاح علنا عن طبيعة الاقتراحات التي أبلغها إلى المسؤولين فيما استفاض في الحديث عن التداعيات الهائلة لافتقار لبنان إلى الطاقة والكهرباء كمفتاح أساسي لنهوضه من الانهيار، بدا واضحا ان “النقلة” في المفاوضات كما وردت في الاقتراحات السرية تستند إلى مفهوم تقديم “المصالح” المشتركة في تقاسم الثروات النفطية عبر الحقول النفطية في المناطق المشتركة او في المناطق المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل. وترك الوسيط الأميركي امر بت هذا التطور بين ايدي الرؤساء علما انه يرتب مسؤولية أولى تتمثل في توافقهم على موقف موحد ومن ثم الإجابة على الطرح الأميركي والاستيضاحات التي طرحها المسؤولون اللبنانيون على هوكشتاين.

 

وعلى أهمية هذا التطور الذي يقال انه محدد المهلة لتبلغ الجواب اللبناني لم يطرح في أي شكل في جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا التي انتهت باقرار الموازنة كما شهدت إقرارا ملتبسا لتشكيلات عسكرية اثارت اعتراضا لدى الثنائي الشيعي بعد الجلسة وليس خلال انعقادها.

 

وأعلن الرئيس ميقاتي بعد الجلسة ان “وزير المال سمى الموازنة موازنة تصحيحية لمرحلة انتقالية، وهي الخطوة الأولى في مسار التصحيح المالي وهناك ورشة حول خطة التعافي الاقتصادي، ومن ثمّ سنناقش حملة سندات اليوروبوندز من أجل الوصول إلى تسوية ومن ثم إعادة هيكلة المصارف”. وإذ اشار إلى ان العجز بلغ 7000 مليار ليرة لبنانية في الموازنة قال: ننتظر مناقشتها في مجلس النواب.

وتطرق إلى المواضيع التي نوقشت في الجلسة ومنها الموضوع الاجتماعي الذي اخذ حيزاً كبيراً “اذ قدمنا لدور الرعاية 400 مليار فضلاً عن مساعدات لمتضرري انفجار مرفأ بيروت كما ان اولوياتنا كانت في الدعم الاجتماعي والعمل على صعيد الادارة والموظفين في القطاع العام وسلسلة اجراءات اتخذت منها اعطاء شهر عن كل شهر لموظفي القطاع العام”. وقال: “خفضنا الغرامات على التحصيل والانتقال العقاري من 5% إلى 3% واعفينا الضريبة على الفوائد المصرفية إلى جانب القيام بتوازن حول الضرائب والرسوم بناء على سعر الصرف”. وأكد ان “المرحلة الصعبة هي ان نستطيع ان نوازن بين سعر الصرف وبين المصروف الذي لدينا وهذا الامر قد يأخذ وقتاً طويلاً وسنوات، ونحن ليس لدينا الرفاهية بل يجب توقيع صندوق النقد الدولي قبل ان نفتح موضوع التمويل الخارجي”.

 

وحول الضرائب قال: “في أول جلسة لمجلس الوزراء لمناقشة الموازنة قلت أن الموازنة وصلت إلى مجلس الوزراء من وزارة المال لكنها ستصدر باتفاق جميع الوزراء وهناك بعض الرسوم زادت قيمتها ولكن بنسب مقبولة وليست مباشرة على المواطن”. وحول ازمة الكهرباء قال: “ما بقى نقدر نعطي كهربا ببلاش وإتصالات ببلاش لإن ما بقى في مصاري، وإذا قال المواطن أموالي في المصارف، سنقول له معك حق بس بدنا نتحمل بعضنا”.

 

وأوضح انه “في الموازنة كان مبلغ 5000 مليار ليرة متواجداً كسلفة للكهرباء ولكن نتيجة البحث مع كل الوزراء تم الاتفاق على ان نعقد الثلثاء المقبل في قصر بعبدا جلسة لمناقشة خطة الكهرباء للاتفاق على الهيئة الناظمة وموضوع التعرفة وموضوع التصويت”.

 

يشار في هذا السياق إلى ان وكالة “رويترز” نقلت عن صندوق النقد الدولي بإنّه “من المقرر أن تنتهي مهمة لبنان هذا الأسبوع، والفريق يعمل عن كثب لمساعدة السلطات على تطوير برامج إصلاح”.

 

 

صدام التعيينات!

وشهدت جلسة مجلس الوزراء اول اهتزاز جدي بعد عودة جلساته عقب الخلاف حول موضوع التعيينات اذ كان هناك اتفاق على تعيين زياد نصر ممثلا للحكومة بالوكالة لدى مجلس الإنماء والاعمار اثار وزير الدفاع الشغور في مجلس الدفاع الأعلى فكان اعتراض من وزراء الثنائي الشيعي ان الامر ليس مطروحا على جدول الاعمال فأحال رئيس الحكومة المعترضين على رئيس الجمهورية الذي قرر المضي في الامر من دون تأجيله وهو الامر الذي اعترض عليه وزراء الثنائي الشيعي لكن الرئيس عون أصر عليه وقال ان الامر قد بت وانتهى. وبناء عليه عين العميد محمد مصطفى أميناً عاما للمجلس الأعلى للدفاع والعميد بيار صعب عضوا في المجلس العسكري. وتخوفت مصادر وزارية من ان يعمد وزير المال إلى عدم توقيع مرسوم التعيينات خصوصا ان معلومات سربت ليلا عن استياء كبير لدى الرئيس نبيه بري مما جرى.

 

وقالت مصادر سياسية إن بلبلة أخرى حصلت في تمرير الموازنة إذ أن وزراء لم يعرفوا أنها أقرت وأنها مرت بلا تصويت، الأمر الذي نفته مصادر وزارية وقالت إن الجلسة استهلت ببحث المساعدات الاجتماعية الموظفين ومطالب الأساتذة المتعاقدين الذين اعتصموا احتجاجا قرب قصر بعبدا.

 

وحضر الجلسة مدير عام المالية جورج معراوي الذي كان يسجل الزيادات في الاعتمادات على انه لم يتم المس بالرقم الكبير للموازنة. وقالت المصادر إن وزير المال عرض المشروع وأشارت إلى أن عددا من الوزراء كانوا يطالبون بزيادة اعتمادات وزاراتهم. وأثار وزبر الأشغال العامة والنقل موضوع انقطاع الكهرباء في مطار بيروت وقال إن المطار بحاجة إلى كهرباء لأربع وعشرين ساعة ولا يجوز هذا الانقطاع، فرد عليه وزير الطاقة وقال من اين سأتي بالكهرباء شارحا لوضع الكهرباء وقائلا إن لا كهرباء في محطات المياه أيضا.

 

وأفادت المصادر أن التعديلات التي أدخلت على مشروع الموازنة ستخضع للصياغة النهائية، وهناك عملية روتوش بسيط بالتالي، وبعد ذلك أقرت الموازنة.

 

 

اقتراحات هوكشتاين

في غضون ذلك طغت محادثات الوسيط الاميركي لترسيم الحدود آموس هوكشتاين على المشهد الداخلي وسط الانشداد إلى معرفة الموقف اللبناني من طروحاته التي يفترض ان يحدد رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة الموقف الموحد منها في اجتماع ثلاثي خاص او عبر المشاورات المباشرة.

 

ووفق التقارير والمعطيات المجمعة من مصادر عدد من المسؤولين الذين التقاهم هوكشتاين فان الافكار التي عرضها والتي وصفت بانها تشكل عرضا جديا ومختلفا تلحظ تبدلا لجهة انه يعرض التوصل إلى اتفاق خاص بالثروة النفطية على قاعدة تسوية تلحظ مكاسب عادلة مشتركة وتنازلات مشتركة متقابلة ولا صلة له باي بعد تطبيعي. وقف الحديث عن الخطوط البحرية. هذه الاقتراحات تستبدل التفاوض على معضلة الخطوط بالتركيز على الحقول النفطية فلا تبقى المفاوضات تواجه حائطا مسدودا بين الخط واحد والخط 23 او الخط 29 بل تتركز المفاوضات على الحقول النفطية والاتفاق على الشراكة في تقاسمها. والبحث في الحقول لا يحصر بحقلي قانا وكاريش بل يشمل تحديد كل الحقول في المنطقة المتنازع عليها على ان تتم عملية توزيعها بالاتفاق عبر الوسيط الاميركي كجهة ضامنة للتوزيع العادل ويبحث المقترح مع لبنان بالتفصيل مع تعهد اميركي بممارسة ضغط على اسرائيل للسير بالاقتراح الأميركي.

 

وعلم ان أسابيع عدة يتواجد خلالها هوكشتاين في المنطقة قبل ان يتولى ملف أوكرانيا، هي المهلة المتاحة امام المسؤول الأميركي لتبلغ الرد اللبناني الرسمي على الطرح الأميركي، وسط توقعات بأن تكون خلاصة عقد من المفاوضات، ابقت لبنان في المربع الاول، فيما حققت اسرائيل تقدماً كبيراً في مجالي التنقيب والاستخراج.

 

وقد حرص هوكشتاين علنا على وصف ملف ترسيم الحدود بقوله: “أعتقد أننا في لحظة سد الفجوات للتوصل إلى صفقة”. وتمنى توحيد الموقف في لبنان لافتا إلى ان لبنان وحده بين دول المحيط هو عند نقطة الصفر في الطاقة فيما الدول الأخرى تستخرج الغاز والنفط. وعن أزمة الكهرباء في لبنان والاتفاق مع مصر قال هوكشتاين: “أعتقد أننا نحرز تقدمًا جيدًا في الوصول إلى ترتيب مع البنك الدولي وتسهيل تمويل شراء الغاز وآمل أنه في غضون أسابيع يمكننا القيام بذلك”.

 

أضاف: “العقوبات المفروضة على سوريا لا تزال قائمة، ولا نؤمن بالتطبيع مع نظام الأسد لكن من أجل الحصول على الغاز يجب على مصر أن تمر به من مكان ما وسوريا هي الخيار الوحيد”. وقال: “يجب أن نرى شيئًا ناجحًا وتمرير الإصلاحات الضرورية وأن تكون جادة وبعد ذلك يمكننا العمل على توسيع العمل ليشمل صفقة الكهرباء الأردنية وربما إلى زيادة كمية الغاز”. ولفت إلى انه “على لبنان أن ينظر إلى الموارد الطبيعية التي يتمتع بها كالرياح والطاقة الشمسية، لكن علينا أن نبدأ من مكان ما والمجتمع الدولي يجتمع لدعم لبنان لكن لبنان بحاجة إلى دعم نفسه أيضا”.