مجلة وفاء wafaamagazine
أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة، في مقر المجلس، والقى خطبة الجمعة التي قال فيها: “ان الموازين التي تحكم الصراع الدولي بين القوى الجبارة اليوم هي موازين الباطل وهي التي تتحكم في التكتلات الدولية وتخضع القوى الضعيفة لها التي باتت بشكل او بآخر تتبع نهجها المتخلف في الثقافة والتي باتت تفقد استقلاليتها من هذه الزاوية، وخصوصا الدول الاسلامية التي ودعت وجهتها الحضارية وافتقدت مشروعها الرباني الذي حدده الله لها بقوله تعالى (كنتم خير امة اخرجت للناس)، معللا ذلك بقوله (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وتنظر بعين الحضارة المادية الغربية الى الحياة بمنظارها فوجدت نفسها امة ضعيفة خاسئة فخضعت لاملاءات الحضارة المادية واصبحت العوبة بيدها تخوض صراعاتها وتعطي يد الذلة صاغرة امام عربدتها وغرورها، وهي غافلة عن ان ما تمتلكه من القدرات اكبر بكثير مما يمتلكه اعداؤها لو احسنت استخدامها وان ما تدفعه من خسائر مادية ومعنوية في هذا الطريق الذي تسلكه اقل بكثير مما كانت ستدفعه لو انها تمسكت بالمعادلات الالهية متمسكة بمشروعها الرباني ولكانت قدمت لنفسها وللبشرية اعظم خدمة في فرض معادلة القيم الالهية ولكنها تخلت فخسرت مشروعها ونفسها وكانت شريكة في المظالم التي ترتكب اليوم في كل ما يجري من صراعات ومظالم وتخلف انساني”.
وأكد ان “الغاية من المشروع الالهي هو اخراج الناس من الظلمات الى النور، وما يجري اليوم من صراع سياسي بين اللبنانيين والاساليب التي يجري استخدامها من بعض الاطراف في هذا الصراع ما هو الا نموذجا لهذا السقوط والانحراف في أحط نماذجه، واكثر حتى مما يطلبه ربيبها منها من التزوير والكذب والتلاعب بالمفاهيم والاتهامات الباطلة والايقاع بخصمها السياسي الذي يعتبرونه ذكاء وسياسة بحيث يستبيحون لانفسهم كل المحرمات للوصول ليس الى ما يخدم اهدافا وطنية وانما لتقديم أنفسهم لاسيادهم الدوليين وبأقذر صورة، لانهم افتقدوا الحس الوطني والقيم الاخلاقية ارضاء لاسيادهم وطمعا في ما يحلمون به من فتات لم يتعلموا من تجارب الماضي والآخرين في الامس البعيد والقريب كيف تخلى هؤلاء الاسياد عن عملائهم وكيف تركوا طعمة لغرمائهم حين اصبحت مصلحة اسيادهم تقتضي ذلك، ولعله ليس في التاريخ البشري اسوأ من هذا النموذج الذي قدمه هؤلاء على كثرة النماذج والامثلة مع انهم عاينوا عن كثب ان كل ما حلموا بأنه كائن لا محالة قد ذهب ادراج الرياح ومع كل خيباتهم الماضية وتجاربهم الفاشلة فهم في كل مرة يعيدون التجربة ويحصدون الهزيمة”.
وقال: “لقد استعانوا بالعدو الاسرائيلي في اكثر من مرة وبحلفائه واذاقهم الذل والهوان بايقاع الفتنة بين اتباعه، ولم يتعلموا وراهنوا على تغييب الامام السيد موسى الصدر وخسئوا ان ينهوا مشروعه الوطني وبناء المقاومة للدفاع عن سيادة لبنان، ولكن المقاومة اشتد عودها اكثر وكان الوعي الشعبي الذي ازداد قناعة بجدوى المقاومة مما زاد في احتضانه لها وهزم العدو في منازلته لها في اكثر من موقع، وانكم اليوم اذ تراهنون على الحصار والتضييق على بيئة المقاومة لتحصدوا تخلي الناس عنها والحصول على الاغلبية النيابية والتفكيك بين قوى المقاومة كوعد ابليس نفسه بالجنة، ونحن نراهن على وعي اللبنانيين الذين رأوا ماذا حل ببلدهم نتيجة سياسات هؤلاء ومتاجرتهم بجوع الناس ودمائهم، فأين هي الحقيقة التي ادعوا انهم يدافعون عنها، واين هم عوائل ضحايا المرفأ واين الحقيقة فقد باعوها في سوق النخاسة حين ارادوا المتاجرة بها لاهدافهم السياسية ولو على حساب الحقيقة التي لو ارادوها لأتوها من ابوابها، ولكن ذلك لا ينفعهم ولا يهمهم منها سوى الاستغلال الرخيص بمغامراتهم الفاشلة التي لن تكون نتيجتها سوى ضياع الحقيقة ودماء الضحايا وعوائلهم”.
واضاف: “نقول ومن باب الحرص على الوطن واهله المعذبين وضحايا هذا الصراع اللئيم اختصروا هذه المأساة التي هي من صنعكم وعودوا الى ضمائركم واخرجوا بلدكم من هذا الصراع الذي لن يفيد احدا حتى انتم ستكونون من ضحاياه، ولكنكم لن تفعلوا لأنكم اخضعتم انفسكم لموازين الصراع الدولية ولاوامر الاسياد التي تحسبون لها الف حساب ولا تحسبون لله ولا لشعبكم اي حساب، فتخطئون مرة اخرى الحساب، وان الله لبالمرصاد وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين، ولكننا مع ذلك نأمل من الحكومة والمجلس النيابي الحفاظ على الحد الادنى من تأمين مقومات العيش الكريم للمواطنين ومكافحة الاحتكار والفساد من خلال اقرار قانون الغاء الوكالات الحصرية وفتح الابواب امام المنافسة في الاسواق الذي سيؤدي حتما الى تخفيف الاسعار وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، والعمل الجاد لاجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها وتسهيل عملية الاقتراع على المواطنين بحيث يستطيع المواطن الادلاء بصوته في اماكن توجده خصوصا في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة بما يؤدي الى المشاركة الكثيفة في الاقتراع، ونحن ندعو اخواننا وابناءنا الى عدم الانجرار خلف الدعوات المشبوهة التي تستخدم التضليل في تحميل قوى المقاومة العسكرية والسياسية مسؤولية الانهيار الاقتصادي والتردي المعيشي، ونحذر من الخضوع للمال السياسي نتيجة الظروف الخانقة، وليعلم الجميع ان شراء وبيع الذمم عمل محرم يخدم القوى المتأمرة على لبنان وشعبه التي تتحمل مع مشغليها مسؤولية ما الت اليه امور البلاد”.