الرئيسية / آخر الأخبار / يونان في قداس عيد مار أفرام السرياني: سنبقى ثابتين في هذا الوطن

يونان في قداس عيد مار أفرام السرياني: سنبقى ثابتين في هذا الوطن

مجلة وفاء wafaamagazine

احتفل بطريرك السريان الأنطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بالقداس الحبري الرسمي لمناسبة عيد مار أفرام السرياني شفيع الكنيسة السريانية وملفان الكنيسة الجامعة، في كاتدرائية سيدة البشارة للسريان الكاثوليك، المتحف – بيروت، في حضور السفير البابوي المطران جوزيف سبيتيري، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وعدد من الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات من مختلف الكنائس وفاعليات الطائفة وحشود من المؤمنين، وعاونه مطران أبرشية سيدة النجاة في الولايات المتحدة الأميركية مار برنابا يوسف حبش، ورئيس الأساقفة السابق لأبرشية الموصل وتوابعها مار يوحنا بطرس موشي، والأكسرخوس الرسولي في كندا مار فولوس أنطوان ناصيف، والنائب البطريركي في القدس والأراضي المقدسة والأردن المدبر البطريركي لأبرشية القاهرة مار يعقوب أفرام سمعان والقيم البطريركي العام أمين سر البطريركية المونسنيور حبيب مراد.

بعد الإنجيل، ألقى يونان عظة بعنوان “اثبتوا في محبتي… بهذا يتمجد أبي، أن تأتوا بثمر كثير وتكونوا تلاميذي”. وقال فيها: “الرب يسوع يدعونا في إنجيله اليوم إلى الثبات والاتحاد به، كما تتحد الأغصان بالكرمة وتزهر ثمارا يانعة. هكذا نحن، إن ثبتنا بالرب، نزهر بالمحبة والفضيلة، فنشع بنور تلاميذ المسيح. نحتفل اليوم بعيد القديس مار أفرام، شفيع كنيستنا السريانية وملفان البيعة الجامعة، وقد اعتدنا أن نجتمع معا في مثل هذا اليوم، في السبت الأول من الصوم، لنكرم هذا القديس العظيم، ونتغنى بسيرته، متقفين أثره، ومستنيرين بما تركه لنا من تعاليم وقدوة يحتذى بها. وبهذه المناسبة نتوجه باسمنا، وباسم إخوتنا المطارنة الأحبار الأجلاء الذين يعاونوننا في هذا القداس، بالتهنئة القلبية من جميع أبناء كنيستنا وبناتها في كل أنحاء العالم، في الشرق وبلاد الانتشار، ضارعين إلى الرب إلهنا، بشفاعة هذا القديس العظيم، أن يفيض عليهم نعمه وبركاته”.

أضاف: “مار أفرام كنارة الروح القدس، وكوكب الكنيسة، سطع في سمائها منذ القرن الرابع، حيث ولد في نصيبين، وتتلمذ على يد أسقفها القديس يعقوب النصيبيني، مقتديا بزهده ونسكه. فوشحه بالإسكيم الرهباني، ورسمه شماسا، ويقول التقليد إنه رافقه إلى مجمع نيقية المسكوني الأول. إنه الناسك القديس، ومخزن الفضائل والصالحات، لم تكن الرهبانية لدى مار أفرام نسكا وصلاة وعبادة فقط، بل أيضا نشرا للبشارة الإنجيلية بالكلام والفكر والعمل. فرأينا مار أفرام الراهب، المثال في التكرس والصوم والصلاة، يتنسك ويرشد ويعلم، فيفيض المواهب الإلهية أمام المؤمنين. وكان رائدا، فألف جوقة تراتيل من الفتيات، واقتدت به الكنيسة شرقا وغربا. إنه الروحاني المتعمق في الكتاب المقدس، وقد أشبع أسفاره درسا وتفسيرا، حتى قيل إنه لو فقدت نسخ الكتاب المقدس بالسريانية، لاستطعنا جمعها ثانية من مؤلفات مار أفرام وتفاسيره. إنه ملفان البيعة الجامعة وعمودها، أغنى الكنيسة بكتاباته، من ميامر (أشعار) ومداريش (أناشيد ونصوص مكتوبة)، تتغنى بها الكنائس السريانية وترنمها في صلواتها صباحا ومساء. وهو الشاعر الملهم والمتيَّم بمديح العذراء مريم، والمدافع الصلب عن إيمان الكنيسة وعقائدها، والعاشق للغة السريانية، لغة الرب يسوع ووالدته العذراء مريم ورسله. ولأهمية تعاليمه وتأثيرها في حياة الكنيسة والمؤمنين، أعلنه قداسة البابا بنديكتوس الخامس عشر عام 1920 ملفانا للكنيسة الجامعة”.

وتابع: “إنه الشماس الخادم المكرس الذي يتحسس بأوضاع المؤمنين، فعلى أثر الاضطهاد الذي حل بنصيبين، هجرها مرافقا شعبها إلى الرها حيث تفانى في الخدمة. وبعد أن أسس مدرسة نصيبين، أسس مدرسة أخرى في الرها كانت مقرا للعلوم والمعارف. وعندما حلت المجاعة في هذه المدينة ومات عدد كبير من أهلها، راح مار أفرام يطوف منازل الأغنياء ويحثهم على عمل الرحمة، جامعا الصدقات وموزعا إياها على الفقراء. وإثر الجوع، انتشر وباء الطاعون، فراح مار أفرام يعتني بالمرضى ويشجعهم، حتى أصيب بالمرض، واحتمل الآلام صابرا، إلى أن فاضت روحه عابقة برائحة القداسة. إنه وبحق شمس السريان اللامع الذي يضيء الدرب أمامهم، بل أمام الكنيسة بأسرها في كل جيل”.

وقال: “بالعودة إلى إنجيل اليوم، يعلن الرب يسوع بكلام واضح: أنا الكرمة الحق وأنتم الأغصان. فنحن الذين آمنا به، نتكل عليه، ولا نستطيع أن نصنع الخير والصلاح من دونه. وبالثبات به، نثمر ثمار الأعمال الصالحة والحياة المسيحية البارة، فنكون تلاميذ حقيقيين للمعلم الصالح الذي بذل ذاته من أجلنا. نعم، ثبتنا بالرب، إذ بالمعمودية أصبحنا هيكلا له، فيه يسكن، وبالإفخارستيا، سر المحبة الإلهية، اتحدنا بفادينا الإلهي اتحادا نغذيه بتسليم ذواتنا له، عاملين بوصاياه، إذ لا نستطيع أن ننفصل عنه أبدا. يدعونا الرب اليوم لكي نبقى أمناء لكلامه وتعاليمه ونعمته التي حلت فينا. فنشهد له في حياتنا، في كلامنا، وفي مثلنا الصالح. كان آباؤنا السريان، ومار أفرام في طليعتهم، روحانيين وواقعيين متبصرين، أدركوا أن المسيحية روح وحياة. فثبتوا بالرب، وكانوا قوة تسند الكنيسة رغم كل التجارب والضيقات والاضطهادات. ونحن مدعوون اليوم على غرارهم لكي نبقى ثابتين بالرب يسوع رغم ما نعيشه من المحن والأزمات والتحديات والنكبات. نتبع الرب وعيوننا شاخصة إليه، لكي ننال لنا وللآخرين نعم الخلاص، واثقين بوعده الدائم لنا أنه في وسط الكنيسة فلن تتزعزع أبدا”.

أضاف: “نعم سنبقى ثابتين في كنيستنا، نغرف من كنوزها في مسيرتنا الأرضية. نعيش الشركة الروحية بالمشاركة الفاعلة وروح الإرسالية، ولا سيما نحن نعيش هذه المسيرة السينودسية مع إخوتنا المؤمنين في الكنيسة على امتداد المعمورة، فنستعد للسينودس الروماني الذي سيعقد برئاسة قداسة البابا فرنسيس في العالم المقبل. ونحن في لبنان سنبقى ثابتين في هذا الوطن مهما تخلف المسؤولون السياسيون فيه عن أداء واجباتهم الوطنية بخدمة نزيهة للشعب الجريح والمتألم، الذي أضحى عرضة للخوف واليأس من المستقبل، ولم يجد الكثيرون سوى الهجرة سبيلا لهم، ولا سيما في صفوف الشباب والطاقات المنتجة. ولا بد لنا من أن نذكر بأهمية متابعة التحقيق بشفافية في قضية تفجير مرفأ بيروت، وهي جريمة ضد الإنسانية، ووجوب قيام الحكومة بالإصلاحات اللازمة للنهوض بالبلاد من قعر الهاوية التي أضحى يتخبط بها، ومساءلة المسؤولين عن سرقة ودائع الناس في المصارف ومحاسبتهم، وتأكيد ضرورة إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها الدستورية، والتشديد على مشاركة جميع المواطنين في الاستحقاق الانتخابي، لإنتاج سلطة جديدة تحكم بالعدل والحق، وتعيد البلد إلى سابق عهده من التقدم والازدهار”.

وختم: “نسأل الله أن ينير قلوب المسؤولين وعقولهم في بلادنا وفي الشرق والعالم، لكي يعملوا على تحقيق خير الأوطان والعيش الكريم للمواطنين. ونضرع إليه تعالى، وهو ملك السلام، أن ينشر سلامه وأمانه في كل مكان. فتنتهي الحروب والفتن، وتزول الأحقاد والضغائن، ويحل السلام والأمان، وتسود المحبة والألفة، ولا سيما من أجل انتهاء الحرب في أوكرانيا، وعودة السلام إلى هذا البلد وجيرانه”.