مجلة وفاء wafaamagazine
تُعد كلمة “نرجسي” أحد أكثر المصطلحات التي يُساء استخدامها بشكل عشوائي، سواء في المحادثات العادية، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، أو في المقالات والبرامج التلفزيونية لوصف “الأشخاص الذين يهتمون بصورتهم ويتحدثون عن أنفسهم دائما، دون التفات للآخرين” كما يقول الدكتور جوزيف بورغو الطبيب النفسي والكاتب في كبريات الصحف العالمية.
النرجسية مشكلة أكبر وأخطر من مجرد الرغبة في الظهور وجذب الأنظار و”النرجسيون الحقيقيون أكثر سُمية، ولديهم أنماط مختلفة، تؤثر عليك بطرق عدة، عندما يتفاعلون معك” وفقا لما ذكره بورغو، في كتاب له بعنوان “الدفاع عن نفسك ضد النرجسيين المتطرفين”.
وعلى الرغم من صعوبة استبعاد جميع أنواع النرجسيين من حياتك، تؤكد المُعالجة الأسرية ليزلي دواريس، أنه “لا مفر من تجنبهم بأي شكل، إذا أردت الحفاظ على نفسك”.
وتواصل تحذيرها من “جدية النرجسيين الزائفة، وتصرفهم بطرق تبدو لطيفة، لكنها تكون من قبيل التلاعب غالبا، بل مجرد حيلة لإبقائك على صلة بهم، أو للحصول على شيء محدد منك في المقابل”.
صعوبة العلاج وأهمية التقييم
علاج النرجسية “ليس بالأمر السهل على الإطلاق” كما يقول الدكتور تينيسون لي، المستشار البريطاني المتخصص باضطراب الشخصية النرجسية، مُعللا ذلك بأن النرجسيين لا يعترفون بأنهم على خطأ، فهم يرون أنفسهم الأفضل دائما، وبالتالي فإن “إقناع أحدهم بوجود مشكلة لديه أمر صعب جدا، فهو يعتقد أن الآخرين هم من يتحمل مسؤولية أفعاله”. وهو ما يجعل الهروب من قبضة الشخص النرجسي أمرا أساسيا.
ورغم أن معظم النرجسيين يتسببون في الأذى، فإن بعضهم لا يفكرون في الإيذاء، لأنهم يكونون مهووسين بأنفسهم أكثر. لكن يبقى أن “النرجسي السام هو شخص يجب تجنبه، لأن وجوده في حياتك يُعد أمرا خطيرا، ونفس الشيء ينطبق على النرجسي السيكوباتي” وفق المعالِجة النفسية أليسا روبي باش.
وللمساعدة في تقييم النرجسيين من حولك، لتعرف أيا منهم يمكنك التعايش معه، وما إذا كان بعضهم يستحق إبعاده عن حياتك. فإليك أهم 8 أنواع من النرجسية الشائعة.
المُنغلق
وهو نوع يصعب تمييزه غالبا من بين أنواع النرجسيين الأخرى، فاضطرابه “لا يكون واضحا، في كثير من الأحيان”. فهو لا يفرض شخصيته، ولكنه يمارس النرجسية عمليا في الواقع “من خلال شعوره بأنه الأفضل دائما، وحرصه على إثارة الإعجاب، وهوسه بالنجاح، وغيرته المرضية، وافتقاره للتعاطف مع الآخرين”.
تقول روبي باش “إنهم يحاولون التظاهر بأنهم غير أنانيين، لكنهم في الحقيقة أكثر اعتمادا على الآخرين، ويسعون لربط أنفسهم بشخص يثق بهم لكي يستغلونه”.
السّام
“إذا كان لديك صديق يشغل كل وقتك واهتمامك باستمرار، ويُظهر ضيقا أو غضبا إذا لم تحقق مطالبه، فأنت تتعامل مع شخص نرجسي سام”. كذلك “إذا تسبب شخص في طردك من وظيفتك، أو إيذائك جسديا، أو إنهاء علاقتك بأحدهم، فقد يكون نرجسيا ساما أيضا” وفقا لعالم النفس الإكلينيكي الدكتور جون ماير الذي يخبرنا بأنه “لا شيء في النرجسية السامة جيدا” ويضيف محذرا أن النرجسي السام “يجعل من حياة الآخرين دراما مستمرة، ويسبب الألم والدمار طوال الوقت”.
المُتسلط
وهو نوع “يجمع بين سمتين رهيبتين: التنمر والانتصار للذات” كما يقول الدكتور ماير، موضحا أن المتنمرين “يبنون أنفسهم عن طريق توجيه أذاهم إلى الآخرين، ويشعرون بالفرح عندما يرون الناس يتألمون. ولا يشغلهم إلا الفوز، بل لا يترددون في التهديد للوصول إلى أهدافهم”. لذا، يحذر الدكتور بورغو من أن النرجسي المتسلط “في أشد حالاته سُميّة، يمكنه أن يجعلك تشك في نفسك وقيمتك كإنسان”.
الانتقامي
ففي حين أنه يمكنك التعايش مع المتسلط، ما دمت لا تشكل تهديدا واضحا لتطلعاته، لكن الأمر يختلف تماما عندما تصبح هدفا للنرجسي الانتقامي. فهو لن يتوقف عن محاولة تدميرك، لأنك قد تكون تحديت مكانته المتفوقة دون أن تشعر، وسوف يتحدث عنك بسوء مع الأصدقاء والعائلة، أو يحاول طردك من عملك، أو يفسد علاقتك الزوجية ويقلب أبناءك ضدك وربما يقضي سنوات بهذه الحرب، حتى يتأكد من تدميرك، حسب الدكتور بورغو.
السيكوباتي
وهو من أخطر الأنواع “ويوجدون بكثرة ضمن القتلة المتسلسلين” بحسب الدكتور ماير. ويسميه علماء النفس “المختل عقليا” أو “المختل اجتماعيا” فهو يجمع بين “اضطراب الشخصية النرجسية” (NPD) و”اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع” (ASPD) فيجعل المصابين به عدوانيين يشعرون بجنون العظمة، ساديين وغير إنسانيين تجاه الآخرين. وعلى حد وصف المُعالجة العائلية الدكتورة جين مان، التي تنصح بالابتعاد عن هذا النوع الخبيث من النرجسيين “قبل أن يؤذيك جسديا وعاطفيا وماليا، دون أي شعور بالندم”.
السري
وهو -بحسب الدكتورة مان- يميل إلى أن يكون عدوانيا ولكن بشكل سلبي، فيُظهر المسكنة والعجز، ويُفضل تقديم نفسه كضحية، ويبرع في استخدام البكاء لجذب الانتباه، والتصرف وكأنه يعاني من القلق أو الاكتئاب.
الاستعراضي
ويصفه الدكتور ماير بأنه “النرجسي المتغطرس المتعجرف، المتمركز حول ذاته بشكل واضح وصارخ في كل سلوكياته، والذي يستغل الآخرين، ويحرص على أن يجعل كل من حوله يعرفون أنه نرجسي”. وهو ما تؤكده روبي باش، بحديثها عن شعور النرجسي الاستعراضي “بعدم الارتياح، عندما لا يكون في دائرة الضوء”.
المُغري
وهو نوع صعب من النرجسيين، يقول عنه الدكتور ماير إنه يستمتع بشن غزوات عاطفية “يُبدي فيها إعجابه بأحدهم أو يُظهر حبه له، حتى يجعله يشعر بالرضا عن نفسه” ثم يشطبه من اهتماماته بمجرد شعوره بالفوز.