الرئيسية / آخر الأخبار / المرتضى: العودة إلى الأبجدية ضرورة لا خيار

المرتضى: العودة إلى الأبجدية ضرورة لا خيار

مجلة وفاء wafaamagazine

رعى وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى حفل إطلاق طابع بريدي، باسم “يوم الابجدية”، خلال احتفال اقيم في مبنى متحف الابجدية في بلدية جبيل.

 

وقال المرتضى في كلمة ألقاها بالمناسبة: “لنا نحن اللبنانيين أن نتباهى بأن مدينة من عندنا كانت منها أولى أبجديات العالم، التي جعلت رسم الكلام نبرة صوت لا شكل صورة. إنها جبيل أو بيبلوس، حاضرة فينيقيا وسيدة البحار. والآن، في عصرنا الحديث، تبدو العودة إلى الأبجدية ضرورة لا خيارا، بمعنى اعتماد الثقافة غاية والنقاش الفكري الهادئ الرصين وسيلة، لأن الوعاء الأبجدي يضيق جدا بالعصبيات وبأصوات النشاز التي تزمجر بلا هوادة من غير أن تفيد في شيء إلا الضوضاء. إن لنا في صناعة الأبجدية إرثا عظيما فلا نبددنه كما فعل الابن الشاطر في المثل الإنجيلي، لأننا إذا أضعنا ميراثنا، فقد لا نجد لنا من يقبل منا عودة”.


وقال: “نلتقي في بلاد جبيل، موطن الحرف والأبجدية، على أرض الوطن الرسالة لبنان، في جبيل حيث صنع الناس الكثير من ملامح حضارة العالم، فكانوا معلمي معلمي العالم، أن نلتقي ذلك الإنسان الذي أبحرت مراكب أبجديته عن هذا الشاطئ اللبناني الجبيلي كي تبدأ رحلة صناعة الأبجدية في العالم كله”.

 

وتابع: “ليكون يومنا هو يوم الأبجدية الذي صاغه إنسان هذا الشاطىء اللبناني، إنسان جبيل / لبنان، الإنسان الذي ومنذ فجر التأريخ يقول لنا: لقد أنسنت الأرض، كانت الأرض جديبة لا تصنع فكرا، ولا تصنع إبداعا، ولا تنفتح على الآفاق الواسعة التي تمتد وتمتد حتى تحول الأرض الصغيرة عالما كبيرا.. لقد أنسنت الأرض وجعلتها تنبض، وتوحي، وتعطي، والسنون تمتد وتمتد ويبقى العطاء.. عطاء الثقافة والمعرفة والحضارة والإبداع والأبجدية والشعر والأدب… عطاء الينابيع التي لا تجف من حضارة لبناننا، وإبداع العقول الخلاقة لإنساننا”.

 

وأضاف: “الينبوع الإبداع، وينبوع الفن، وينبوع الفكر وصناعة الأبجدية كالينبوع الذي يعيش في أعماق الأرض تماما لا ينضب، يبقى يعطي الخصب والرخاء والجمالات… ويعطي في كل يوم ربيعا جديدا. وها هو في يوم الأبجدية، وبدعوة لجنة تنظيم عيد الأبجدية، يعطي انطلاقة ينبوع جديد وربيع فياض بإطلاق طابع بريدي باسم يوم الأبجدية. لنبقى نصنع الحضارة ونبدأ في ألف – باء الحضارة.. ونحن نعلم أن هذا البلد أنتج الأبجدية ولكن أيها الأحبة كيف نملأ الأبجدية؟ كيف نصوغها؟ كيف نبدعها؟ كيف نملأها بكل ما يحتاجه الإنسان من علم ومن فن ومن إنسانية.. حيث لا يكفي أن تبقى الحروف كل حضارتنا بل المسألة هي كيف نملأ الحروف بكل عقلانية وإنسانية وروحية”.

 

وأضاف: “إن الذين صنعوا الأبجدية قالوا للإنسان إن بإمكانك أن تكتب فكرك، وكتب كثير من الناس فكرهم وبقي لنا الفكر، والذين صنعوا الأبجدية قالوا للإنسان: بإمكانك أن تعبر عن فكرك وسمعنا الكثير من كل همسات الفكر ومن كل صرخاته.. فماذا نحن؟ وهل ننطلق من أجل أن نستهلك الوحل الذي يسمونه فكرا… ونستهلك اللغو الذي يسمونه سياسة ونستهلك الطائفية التي يسمونها دينا ونستهلك كل هذا الذي أصبح يمنحنا شيئا من وحل الواقع لنحول كل هذه الينابيع الصافية المعطاء في أعلى القمم ومنحدرات السهول لنمنعها من أن تبقى على الصفاء – نسعى أن نوحلها والهوامش هي ما نستهلكه والجزئيات هي ما نلاحقه أما أصالة الساحة، وأما الكليات فكم نبحث ونحن نحمل مصباح “ديوجين” في النهار حتى نراها فلا نراها”.

 

وختم المرتضى: “أيها الأحبة، لبناننا جميل جميل جدا.. جميل في سهله وفي جبله وفي شواطئه وفي كل تأريخه وفي كل حضارته وأبجديته… لكن الإنسان في لبنان هو الأجمل.. فلماذا نريد أن نقبح هذا الجمال بالبغض والعداوة؟ ولماذا نريد تشويه هذه الصورة الإنسانية الروحية الجميلة التي تضيف إلى جمال هذه الطبيعة جمالا ليتزاوج جمال الطبيعة بجمال الإنسان الذي يصنع للطبيعة جمالها ويحافظ على جمالها في نفسه؟ تعالوا كما تصنعون وتزرعون بستانا هنا وبستانا هناك حتى نستطيع أن نجعل البيئة بيئة تجتذب الأمطار وتجتذب الضباب والغيوم والخصب والرخاء.. تعالوا لنزرع إنسان الجمال، لا جمال الصورة، وأنتم تنظمون هذه المناسبة الراقية الخلاقة وتطلقون هذا الطابع البريدي باسم أبجديتنا… لتستمر حضارتنا… ولنبقى كما قال سعيد عقل: نحن معلمو معلمي العالم. دمتم دام لبنان وجبيل وبلديتها… دامت حضارة أبجدية لبنان وجبيل”.