الرئيسية / آخر الأخبار / تعويم 8 آذار… في مواجهة العودة الخليجية؟

تعويم 8 آذار… في مواجهة العودة الخليجية؟

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة “النهار”

اذا كان للتطورات والتحركات التي طرأت على المشهد الداخلي في الأيام الأخيرة من دلالات بارزة، فهي لم تعد تتصل فقط بارتباطها بالعد العكسي للانتخابات النيابية في 15 أيار المقبل، بل أيضا بمعالم انعكاسات محلية لتطورات خارجية جديدة حيال لبنان تزامن صدورها تباعا في تزامن لافت بين بدايات عودة السفراء الخليجيين الى بيروت والتوصل الى الاتفاق الاولي بين الحكومة وصندوق النقد الدولي. ذلك ان الانطباعات والمعطيات التي تركها اندفاع “حزب الله” الى إعادة تعويم ما كان يشكل سابقا تحالف 8 آذار الذي كاد بدوره ان يندثر تحت وطأة الزلزال السياسي والاجتماعي الذي خلفته انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 وتداعيات الانهيار، لا تقف دلالاتها عند المسببات الانتخابية وحدها بدليل ان المبادرة التي تولاها الأمين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله شخصيا عبر جمع حليفيه المارونيين الخصمين اللدودين رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية ليل الجمعة الماضي جاءت خارج التحالفات الانتخابية وبعد انجاز اعلان اللوائح. وهو الامر الذي يعد مؤشراً حاسماً الى ان الرسالة التي أراد الحزب اطلاقها من جمع حلفائه وتعويم جبهة او تحالف 8 اذار مجددا تتجاوز الأهداف الانتخابية الى “مواجهة” تطورات يعتبرها تمس بالتوازنات الداخلية مجددا، وفي مقدمها عودة الدول الخليجية الى ملء فراغاتها في الساحة الديبلوماسية والسياسية على المسرح اللبناني وعدم تركه للنفوذ الإيراني سواء في لحظة انتخابية او في المرحلة التي ستعقب الانتخابات وتطل على الاستحقاق الرئاسي. وفي ظل جمعه لباسيل وفرنجية الجمعة وبعد رصد ترددات هذه الخطوة فان نصرالله يبدو كأنه تفرغ تماما للمضي في لملمة وتحصين تحالف 8 اذار، اذ انه سيتحدث الليلة في اطلالة تلفزيونية عن التطورات الانتخابية وملفات أخرى بما يعكس الأولوية المطلقة التي يوليها الحزب لاعادة تعويم جبهة حلفائه عشية الانتخابات من جهة وكرسالة واضحة الى قدرته الساحقة على التحكم بجانب أساسي من المشهد الداخلي ردا على أي تطور داخلي او خارجي من شانه ان يؤثر على توازنات البلاد .

 

وبدا لافتا في هذا السياق انه فيما تجاهل باسيل الحديث عن اللقاء ولم يأت على ذكره في الخطاب الذي القاه غداة يوم اللقاء، بادر فرنجيه في لقاء له مع مجموعة من اساتذة “المرده” في بنشعي، الى التأكيد أن اللقاء مع باسيل “جاء في سياقه الطبيعي وبمعزل عن اي تحالف انتخابي كما بات واضحا وأردناه علنيا، لاننا نعتمد معكم الشفافية والوضوح”. واضاف: “كان هناك حديث عن فتح صفحة جديدة وامكانية استتباع اللقاء بجلسات تنسيقية”. وردا على سؤال أوضح فرنجيه ان “اللقاء جرى بدعوة من السيد حسن نصرالله، الذي هو ضمانة لأي لقاء، وكنا لنلبي أيضا لو وجهت الينا الدعوة من غبطة البطريرك أو من رئيس الجمهورية”.

 

 

عودة السفراء

وفي هذه الاثناء وعلى ضفة العودة الخليجية الى لبنان تلقى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي اتصالا من وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح جرى خلاله عرض للأوضاع اللبنانية والعلاقات بين لبنان ودول الخليج العربي، في ضوء التطورات الايجابية التي سجلت أخيرًا. وقال وزير خارجية الكويت خلال الاتّصال، إن “دول الخليج تتطلع إلى استقرار لبنان الشقيق الحبيب وأمنه واستعادة عافيته”. وشدد على ان “الروابط التي تجمع الكويت ولبنان بشكل خاص هي روابط متينة جدا تزداد رسوخا مع الايام”، مؤكداً ان “الكويت لن تدخر اي جهد لدعم لبنان ومساعدته على النهوض من جديد”. وتابع: “إن عزم رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي على استعادة العلاقات اللبنانية- الخليجية عافيتها ومثابرته على تبديد ما اعتراها من شوائب هو أمر مقدّر ويعبّر عن ايمان وطيد بعمق لبنان العربي”.

 

وجدد ميقاتي الشكر للكويت، “أميرا وحكومة على وقوفها الدائم الى جانب لبنان، ومساعيها وجهودها لعودة العلاقات اللبنانية – الخليجية الى صفائها وحيويتها”.

 

وقال: “إن هذه الجهود يقدرها جميع اللبنانيين، وهي ستبقى على الدوام محطة مضيئة في تاريخ علاقات لبنان والكويت”. وفيما زار ميقاتي في دارته السفير الكويتي عبد العال القناعي، شرع السفير السعودي وليد البخاري في إقامة سلسلة افطارات في دارته في اليرزة بدءا بافطار أقامه امس على شرف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ومفتي المناطق.

 

وبازاء هذه التطورات لاحظ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الشعانين امس ان “تباشير ثلاثة ظهرت هذا الأسبوع هي: إعلان زيارة قداسة البابا فرنسيس لبنان في حزيران المقبل؛ الاتفاق المبدئي مع خبراء صندوق النقد الدولي؛ عودة سفراء الدول الخليجية إلى لبنان. وإذ تأتي هذه الخطوات الإيجابية بينما تحصل تطورات مهمة على الصعيدين الإقليمي والدولي، نأمل أن تستفيد منها الدولة اللبنانية وتوظفها في الإطار الوطني دون سواه”.

 

 

الاحتدام الانتخابي

اما على صعيد المشهد الانتخابي فشهد “السبت الناري” مجموعة واسعة من المهرجانات الانتخابية التي اطلقت فيها مواقف سياسية بارزة من اتجاهات مختلفة ولكن الأبرز فيها تمثل في ارتفاع لافت في سقوف المواجهات بين القيادات والقوى المسيحية خصوصا. وفي هذا الاطار شن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل اعنف حملاته وهجماته على “القوات اللبنانية”.وجاءت كلمته في مهرجان اعلان لوائح التيار تحت شعار “ما خلونا ونحن كمان ما خليناهن” فـ”اعتذر” من اللبنانيين لان فريقه لم يستطع المضي قدما في الخطط التي وضعها للاصلاح والانماء، كما هاجم “مَن غدروا” بالتيار والمجتمع المدني وخصومه، متوعدا اياهم بالمحاسبة. واكد “أنّنا نُريد أن نُحاسب مَن فتحنا لهم باب المسامحة وعقدنا معهم مصالحة على أساس أن نكون فريقاً واحداً داعماً للعهد أمّا هم فانتخبوا الرئيس ليفشّلوه ويسقطّوه ويتباهون بهذا الامر”.

 

في المقابل اطلق الرئيس فؤاد السنيورة دعوةٌ الى مشاركة كثيفة في الانتخابات. ورأى أن “الهواء المنعش عاد الى بيروت مع عودة السفيرين السعودي والكويتي وليد البخاري وعبدالعال القناعي، بعد أن كاد النفس أن ينقطع”. وخلال سحور رمضاني للائحة “بيروت تواجه”، اضاف “أقول ذلك لأن لبنان العربي يواجه حملة متصاعدة لتغيير هويته العربية واستتباع دولته واختطافه وهذا ما ترفضه بيروت ويرفضه اللبنانيون. وتوجه إلى “كل من يتقاعس أو يحاول أن يبرر عدم قيامه بواجبه الانتخابي في 15 أيار متذرعا بكل الأعذار غير المقبولة ومنها انه لا توجد فائدة من الانتخاب وبالتالي لن يتغير شيء”. وقال: “هذا الكلام غير صحيح، بإمكاننا أن نغير إذا ذهبنا وشاركنا في هذه الإنتخابات. ماذا سنفعل في 16 أيار إذا لم نشارك؟ هل نذهب للنق “.

 

وتعهد رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل بدوره خلال اطلاق لائحة “متن التغيير” بمواجهة وضع يد حزب الله على لبنان وتطوير النظام السياسي بدءا باللامركزية الموضوعة بدُرج رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما نتعهد بتطبيق الحياد الكامل عن كل صراعات المنطقة، والعمل على خطة اقتصادية مبنية على رؤية اقتصادية ونظام متوازن يؤمّن فرص عمل لكل اللبنانيبن”.

 

من جانبه أكد رئيس كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط خلال اعلان مرشحي “لائحة الشراكة والإرادة” في الشوف وعاليه “عدم الاستسلام”، وقال “نلتقي كي نكمل معركة السيادة، ‏‎معركة تثبيت عروبة لبنان، وعلاقات لبنان الطبيعية مع الدول العربية، معركة قرارنا الوطني الحر والمستقل من دون أي هيمنة خارجية أو داخلية”.