مجلة وفاء wafaamagazine
لمناسبة عيد الفصح المجيد، احتفلت الجالية المالطية في سيدني بقداس العيد بحسب الطقس اللاتيني والذي ترأسه المستشار الإعلامي وسكرتير مجلس الأساقفة الشرقيين في أستراليا الأب إيلي نخول المرسل اللبناني الماروني بدعوة من الجالية، في كنيسة مار فرنسيس الأسيزي في “بلاكْ تاون”. وتخلل الإحتفال تبريك شعلة الفصح والشمعة التي ستُضاء على المذابح طوال هذه السنة حتى حلول عيد الفصح المجيد في السنة المقبلة، والتي ترمز إلى نور المسيح القائم من بين الأموات والمشعّ في قلوب جميع الشاهدين لقيامته والعاملين بوصاياه. فهو قد أوصى جميع من آمن به وبقيامته المجيدة من بين الأموات بأن يكونوا “ملحاً للأرض ونوراً للعالم” (متى 5/13). كما جرى تبريك مياه المعمودية، ودعا الاب نخول جميع المؤمنين، بحسب رتبة عيد الفصح في هذا اليوم، إلى الكفر بالشيطان وبجميع حيله وتعاليمه. كما دعاهم أيضاً إلى إعلان إيمانهم بالمسيح يسوع القائم من بين الأموات وبأبيه وروحه القدوس، وبتعاليم الكنيسة الكاثوليكية المقدسة.
وفي العظة التي ألقاها للمناسبة تحدث الأب نخول عن متغيرات ثلاث لا بد أن يسعى كل مؤمن إلى تجسيدها في حياته اليومية كتأثير مباشر لقيامة الرب يسوع علينا جميعاً نحن المؤمنين به وبتعاليمه، والشهود بالفعل والقول لهذه القيامة:
1- التغيير الأول هو الإنتقال من العالم القديم، ماقبل حدث القيامة، إلى العالم الجديد الذي خطّه يسوع بقيامته. فكل من كان ينظر إلى الوراء متحسّراً على ماضيه وأخطائه ومرارة حياته وفقدان معناها، قد انفتح أمامه اليوم بقيامة يسوع باب السماء على مصراعيه. ولم يعد بعد ضحية عالم الجهل والظلمة بل أضحى بالمسيح القائم من بين الأموات مشاركاً في حياة النعمة والخلاص الأبدي.
2- التغيير الثاني هو العبور من مفاعيل الجسد إلى ثمار الروح. فالإنسان بالمسيح قد عبر من الجهل إلى المعرفة ومن الضعف إلى القوة ومن الخوف إلى الجرأة ومن الغباء إلى حكمة أبناء النور. فمن اعتاد على مواجهة الصعاب بالهرب منها وإلقاء اللوم على الآخرين، لم يعد الآن كذلك. ومن اعتاد على التسرع في الكلام والردود الغضبية والكلام النابي والمؤذي لحل مشاكله مع الناس، لم يعد تعاطيه مع نور المسيح في قلبه على هذا النحو من التصرف، بل أصبح حليماً حكيماً متواضعاً في كلامه وتصرفاته، لأنه لم يعد لديه شيء أغلى وأحلى من التواصل مع الآخرين بمحبة واحترام وسلام. لأنه هكذا يبنى ملكوتُ الله ويُغلب الشرير وتُكسر قوّتُه.
3- والتغيير الثالث يتجلى في الإكتشاف العميق لسرّ الإنسان ودعوته ومعنى حياته. فبالمسيح يسوع القائم من بين الأموات لم تعد الحياة خائبة أو مضجرة. ولم يعد للحزن واليأس من مكان ولا للخوف من مجال للسيطرة على العقل والإرادة أو لشلّ مسار الحرية الحقيقية لأبناء الله. فبالإيمان بيسوع القائم من الموت يبني الإنسان حياته على صخرة صلبة، بحيث أنه “لو هطلت الأمطار وجرت الأنهار وعصفت الرياح، يبقى ثابتاً غير متزعزع لأن حياته مبنية على الصخر” (متى 7/24).
وختم الأب نخول عظتَه بالقول: “أنتم أبناء جزيرة مالطا العريقة بتاريخها وإيمانها والدفاع عن تعاليم الكنيسة وممتلكاتها في الأراضي المقدسة وكل العالم، لا تنسوا تراثكم الإيماني المتجذر في عائلاتكم وقلب كل واحد منكم. فبين الكنائس الشرقية وبينكم قواسم ثقافية ولغوية ونضالية مشتركة في عيش التقوى ونشر الإيمان والأمانة لتعاليم الكنيسة. فهنيئاً لكم لأنكم لا زلتم مستمرين على شهادتكم الحيّة لتعاليم يسوع المسيح ابن الله الحيّ، وعلى أمانتكم وشجاعتكم في نشر إنجيله في كل الأرض”.
وبعد البركة الختامية الخاصة بعيد الفصح، انطلق المؤمنون، بحسب التقليد المعتمد في وطنهم الأم مالطا، في مسيرة حول الكنيسة حاملين تمثال ضخم للمسيح القائم من القبر، رافعين الصلوات والترانيم الفصحية.