الرئيسية / آخر الأخبار / هل ارتكبت استخبارات الجيش جريمة بحقّ موقوف؟

هل ارتكبت استخبارات الجيش جريمة بحقّ موقوف؟

مجلة وفاء wafaamagazine

أوقفت استخبارات الجيش الشاب علي الرضا ز.، الملاحق بموجب مذكرة غيابية في حقه، في 18 كانون الثاني الفائت. وعندما حضر أمام قاضي التحقيق العسكري ندى الأسمر في 24 شباط، فوجئ الموجودون بدخوله على كرسيّ مدولب، مع اهتزاز عصبي وعوارض تشبه نوبات الصرع. تقرير الطب الشرعي يفيد بأنه مصاب بشلل نصفي، فمن يتحمّل المسؤولية؟ التحقيق في الحادثة مطلوب وضروري

رضوان مرتضى

هل تسبّب عناصر من استخبارات الجيش اللبناني في إصابة الشاب علي الرضا ز. بالشلل؟ شاب عمره 26 عاماً، كان في صحة جيدة، بل كان رياضياً في مرحلة سابقة، أصبح الآن أسير كرسيّ مدولب، نتيجة شلل نصفي في الأطراف العلوية والسفلية، مع نوع من ضعف الذاكرة القصيرة، وفق ما يرد في تقرير طبيب شرعي.

ما الذي جرى؟ تروي والدة الشاب لـ»الأخبار» تفاصيل الحادثة. كان ابنها ملاحقاً بموجب مذكرة غيابية واحدة صادرة في حقه على خلفية قضيّة مخدّرات. استُخدم العنف المفرط ضده أثناء توقيفه، ولا أحد يعلم ما جرى في مرحلة التوقيف، إنما النتيجة: «وجود ندبتين جراحيتين مندملتين تقعان عند أعلى العظم الجداري الأيسر بطول 3 و4 سنتم تقريباً، مع وجود فراغ عظمي قطره 6 سنتم».



الطبّ الشرعي
فراغ عظمي! هذا ما يقوله ويجزم به تقرير الطبيب الشرعي، الذي عاين الشاب الموقوف لدى استخبارات الجيش. هل جرى إطلاق النار على رأسه أثناء التحقيق معه مثلاً؟ هذا أمر غير مألوف. التقرير يشير إلى أن الكشف الطبي حصل بعد أكثر من شهر على الإصابة (وهذا ما يدفع إلى الارتياب أكثر في تأخير عرضه على الطبيب الشرعي لإخفاء معالم الجريمة)، إذ «يمكننا القول بأن هذه الإصابة ناتجة عن التعرّض للصدم بجسم صلب، ولا نستطيع معرفة ما إن كان ذلك نتيجة لطلق ناري أو للضرب بآلة حادّة أو الاصطدام بجسم صلب، خاصة أنه لم يحصل الكشف عليه بعد الحادثة مباشرة». الكلمات الأخيرة هي من نص ضمن تقرير لطبيب شرعي ثانٍ عاين الشاب المصاب.
الوالدة لا تريد الصمت عما جرى. تقول إن ابنها كان أعزلَ، ومهما كان ما حصل خلال التوقيف، هل يجوز أن يُفعل به ذلك «وإلا ما هو دور القضاء! هذا ظلم، وأنا سوف أعتصم أمام المحكمة العسكرية للحصول على إخلاء سبيل ابني ومعرفة ما جرى». لكنّ الطلبيْن غيرُ متحقّقين، لا معلومات حتى الآن عمّا جرى وأوصل الشاب إلى الشلل، ولا موافقة على إخلاء السبيل رغم الحالة الصحية المأساوية للشاب. هيئة المحكمة وافقت على إخلاء السبيل بالمناسبة، ولكنّ الاعتراض جاء من قبل مفوّض الحكومة القاضي فادي عقيقي، وهذا ما يدفع إلى السؤال عن السبب! ألم يُثر هذا القاضي وجود موقوف في حالة حرجة، تمّ التحقيق معه فيما يُرجّح أنه كان في الكوما؟ ألم يسأل نفسه هذا السؤال أو يطلب فتح تحقيق؟ أم هو يحاول التستّر على العناصر الفاعلين؟


الموقوف مصاب بشلل نصفي ويحتاج إلى رعايةٍ دائمة في مكان مُهيّأ لاستقباله

تحقيق خلال الغيبوبة!
كلّ الأسئلة مشروعة في ظلّ التعتيم على الحادثة التي وقعت مطلع العام الجاري، يبدو أنه جرى التعتيم عليها حتى جُلِب الموقوف أمام قاضي التحقيق العسكري ندى الأسمر. يومها فوجئ الموجودون بدخول المريض بحال مزرية على كرسيّ مدولب، مع اهتزاز عصبي وشيء مثل نوبات الصرع، ما دفع القاضية إلى طلب عرضه بشكل فوري على طبيب شرعي، وهذا ما حصل. وكيله القانوني المحامي أشرف الموسوي يقول لـ»الأخبار» إن اللافت في التحقيقات هو «وجود اعتراف مدوّن، لكن لم يثبت أن موكّلي كان واعياً عند استجوابه… هل يُعقل أنه استجوب بعد نحو ثمانية أيام من دخوله في غيبوبة؟». لقد أوقفت استخبارات الجيش الشاب في 18 كانون الثاني الفائت، ثم أُدخل إلى الطوارئ في مستشفى belle vue حيث مكث لأسبوعين، ونُقل بعدها إلى وزارة الدفاع ثم إلى المستشفى العسكري. واليوم هو مصاب بشلل نصفي، وبحاجةٍ إلى رعايةٍ دائمة في مكان مهيّأ لاستقبال شخصٍ في حالته. لذلك تطلب عائلة الشاب ووكيله من القضاء إخلاء سبيله، دون كفالة، أو مقابل كفالة متناسبة ووضعه المادي والاجتماعي الصعب، متعهدين بحضوره جميع الجلسات.


بالنسبة إلى العائلة، الأولوية الآن هي لعلاج الشاب. صحيح أنه يعالج لدى الجيش، لكنّ الوالدة تصرّ على أن يكون ابنها معها، لأنها غير واثقة من علاج ابنها على يد من فعل به ما فعل. تسأل بحرقة: «لماذا عاملوه بكل هذه الوحشية؟ هل هو إرهابي أم قاتل حتى يتسبّبوا بشلله؟ لماذا تركوه موقوفاً في ظل هذه الظروف السيئة. لا أريد سوى أن يعطوني إياه لأحاول إعانته في أيامي الأخيرة لأنه لا يُعامل عندهم كإنسان».

توضيح…
في المقابل، تردّ مصادر عسكرية بأنّ علي الرضا قاوم عناصر الاستخبارات أثناء توقيفه، وأنّه سحب مسدسه عليهم فناوله أحد العسكريين بضربة على رأسه ليحمي نفسه. وتذكر المصادر العسكرية أنّ العناصر نقلوه إلى المستشفى ليخضع للعلاج وأبقي بإشارة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بإشراف ممرض ومعالج فيزيائي وقد سُمِح لوالدته بزيارته بشكل دائم، قبل أن يُنقل إلى عهدة قوى الأمن الداخلي منذ نحو شهرين. وتعلّق المصادر على الاتهامات التي تطاولها بالسؤال عمّا إذا كان المطلوب أن يُعرّض العسكري نفسه للخطر؟

ينقصه التحقيق
غير أنّ رواية الجيش ينفيها كل من الموقوف علي ومحاميه ووالدته، مؤكدين أنه لم يكن مسلّحاً ولم يُقاومهم حتى. ويرون أنّ السيناريو مختلق من العناصر العسكريين لتبرير فعلتهم. ويسأل المحامي الموسوي «لو كان ما يقولونه صحيحاً، فأين المسدس الذي صادروه؟ أين التحقيق الذي أجراه الجيش؟». أما علي، فيؤكد أنّه تعرّض لضرب عنيف أثناء توقيفه أفقده وعيه.


لم يكن علي مطلوباً بمذكّرة إطلاق نار، وهو ليس مطلوباً خطيراً ليُنصب له كمين ويُعامل بالوحشية التي أدّت إلى شلله وإصابته بعطبٍ دائم مدى الحياة. في حقه حكم غيابي بجنحة تعاطي مخدّرات، ومذكرة توقيف غيابية بترويج مخدّرات. وكلتا التهمتين تسقطان بمجرد مثوله أمام القاضي، لكون المتهم بريئاً حتى تثبت إدانته. وهذا الجرم أصلاً ليس من اختصاص مديرية المخابرات، إنما مكتب مكافحة المخدرات المركزي في قوى الأمن. الجيش ومديرية المخابرات مطالَبان بفتح تحقيق لمحاسبة الضابط والعسكري المسؤوليْن بدلاً من التستّر عليهما لطمس جريمة ارتُكبت بحقّ شاب لم يُدنه القضاء بعد. المطلوب المحاسبة كي لا تتكرر مأساة علي مع مواطنين آخرين.

 

 

 

الأخبار

عن Z H