الرئيسية / آخر الأخبار / خوان لابورتا «يقامر» بمستقبل برشلونة
المرحلة الأصعب في تاريخ النادي

خوان لابورتا «يقامر» بمستقبل برشلونة
المرحلة الأصعب في تاريخ النادي

مجلة وفاء wafaamagazine

برشلونة مأزوم. النادي الكاتالوني ليس على ما يرام. تحاصره الأزمة المالية من مختلف الجهات وسط مساعٍ من القيّمين للبقاء في الواجهة، أقلّه «على المدى القصير». الفريق يصارع لإثبات الوجود، لكنه «يقامر» إلى حدٍّ كبير بمستقبلٍ قد لا يكون مشرقاً

فرض برشلونة نفسه على رأس الأندية الأوروبية ضمن فتراتٍ مختلفة خلال العقدين الماضيين، خاصة بين عامي 2008 و2015. منافسة مستمرة على الألقاب المحليّة والأوروبيّة جعلت «التيكي تاكا» تسيطر على القارة العجوز. خفتَ وهج «البلاوغرانا» تدريجياً بعدها إثر تغييرات فنية عشوائية، بدءاً بمدربين غير مناسبين لفلسفة النادي مروراً بصفقاتٍ عشوائية، لتتجلى الكارثة مع ثبوت فساد إدارة الرئيس السابق خوسيه ماريا بارتوميو. كدّس هذا الأخير ديوناً ضخمة على النادي، ما جعل الفريق يعاني الأمرّين. هكذا، وجد الرئيس الحالي خوان لابورتا نفسه قائداً لسفينة تكاد تغرق، فبدأ يتخلى شيئاً فشيئاً عن حمولته «الزائدة».

اضطر النادي للاستغناء عن خدمات نجمه الأول، الأرجنتيني ليونيل ميسي إذ حالت قوانين الدوري الإسباني دون إمكانية التجديد للاعب الأفضل في العالم بفعل تخبّط الميزانية. رحيل ميسي سبّب فجوةً فنية كبيرة داخل الفريق، نظراً إلى تمحور أسلوب اللعب حوله في أغلب الفترة التي لعب خلالها رفقة برشلونة. مقابل ذلك، ساهم التخلص من الراتب الضخم لـ«البرغوث» الأرجنتيني بخلق توازن نسبي في ميزانية النادي.
تمثّلت خطوة لابورتا الثانية بإقالة المدرب السابق رونالد كومان وتعويضه بابن النادي تشافي هيرنانديز، الذي سرعان ما أنشأ توازناً فنياً بالعناصر المتواجدين مع تدعيمات قليلة جعلته ينهي الموسم ثانياً في الدوري خلال الموسم الأخير، كإنجاز نوعي مقارنةً بالبداية المتخبّطة للفريق.

انتهى الموسم وبدأت عملية الترميم. واقعٌ جديد فُرض على النادي الكاتالوني، يقضي بتقليص نفقاته لضمان الاستدامة المالية. هكذا، توجهت إدارة برشلونة لاعتماد سياسات تضمن الاستمرارية على المدى القريب، فركّزت جهودها على الصفقات المجانية مثل متوسط ميدان إي سي ميلان فرانك كيسييه وقلب دفاع تشيلسي أندريس كريستنسن. ما كان لافتاً، سعي النادي لإبرام صفقات بمبالغ كبيرة رغم القيود المالية المفروضة عليه من قبل الاتحاد الإسباني، وهو ما لا يتوافق ربما مع هول الأزمة التي يمر بها برشلونة.
المشكلة لا تتعلق في السيولة، حيث إن العديد من الأطراف مستعدة لإقراض النادي نظراً إلى علامته التجارية الكبيرة. تتمحور المشكلة حول ضمان النادي عدم تسجيل خسائر تفوق مداخيله، وهو ما يصعب تحقيقه بالنظر إلى خسائره السنوية والديون المتراكمة عليه. بالتالي، وجد برشلونة صعوبة في تسجيل اللاعبين الجدد أو دفع مبالغ كبيرة لضمّ النجوم، كما أنه يواجه معوّقات في تجديد عقود بعض لاعبيه، على غرار الفرنسي عثمان ديمبيلي.

مغامرة مالية
تتمثل الخطوة الأضخم التي قام بها لابورتا بإعطاء الضوء الأخضر لاقتراح من قبل مجلس إدارة النادي يقضي ببيع جزء من حقوق الترويج التلفزيوني في السنوات اللاحقة مقابل ضخ النقد الفوري. تأمل الإدارة من هذا الإجراء تحقيق ما يصل إلى 700 مليون يورو، لكنّ التداعيات المستقبلية قد تفوق فوائد الحاضر بكثير.
ad

يراهن لابورتا على مستقبلٍ مشرق «نظرياً» يغري به المستثمرين لدعم النادي في الحاضر، علماً أن هذه المداخيل مقترنة برهنٍ عقاري ضخم على مستقبل برشلونة. تم بيع 10% من حقوق النادي التلفزيونية في الدوري حتى الآن على مدار الـ25 عاماً المقبلة للصندوق الأميركي «سيكسث ستريت» الاستثماري، مقابل 207.5 ملايين يورو، مع الإشارة إلى أن لابورتا منفتح لبيع ما يصل إلى 25% من عائدات بث الدوري المحلي بحسب الشائع في الوسط الإسباني.
في السياق ذاته قال لابورتا إن الإدارة تعمل على أربع صفقات منفصلة وإنها تأمل في إتمامها بسرعة من أجل الخروج من حدود سقف الإنفاق للموسم المقبل، الذي يُقدر سلبياً بـ(ناقص 144 مليون يورو)، كما تبلغ ديون النادي قرابة الـ800 مليون يورو، منها أكثر من 310 ملايين يورو مستحقة في الأشهر الـ12 المقبلة.

تتّجه إدارة برشلونة لبيع حقوق النقل التلفزيوني في الدوري المحلي

لا يوجد مالك ثري لبرشلونة يمكنه ضخّ الأسهم ومن الصعب إعادة تمويل ديون الفريق، الأمر الذي جعل لابورتا يتوجه إلى توليد النقد بهذه الطريقة. هي ليست بالضرورة خطوة سيئة، لكنها بالتأكيد مخاطرة من المحتمل ألا يكون لابورتا وإدارته موجودين في المستقبل لمواجهة تداعياتها، في حين أنهما سيتواجدان لجني الأرباح على المدى القصير.
كسب برشلونة نحو 165 مليون يورو من صفقة حقوق بث «الليغا» في موسم 2020-2021، فإذا حقق النادي هذا المبلغ على مدار الـ25 عاماً المقبلة وباع 25% من حقوقه، فسينتهي به الأمر بالتخلي عن أكثر من مليار يورو. من هنا يظهر تفضيل لابورتا للسيولة الحالية مع تداعياتها المبهمة مستقبلاً على التقشّف ومحاولة تحقيق الازدهار في السنوات اللاحقة، كما الحال في تجربة إي سي ميلان الإيطالي الذي «ضحّى» بمواسم قليلة بعيداً عن الضوء المحلي والأوروبي ثم عاد في الموسم الماضي وحقّق لقب الدوري بفعل توازنه الفني والإداري.
هي حقبة مفصلية في تاريخ برشلونة قد تجعل لابورتا عبقرياً إذا حقّق النجاح، أو سيتم التحدث عنه بنفس الطريقة التي يتداولها مشجّعو برشلونة عن بارتوميو. السنوات المقبلة ستُظهر نتائج السياسات المتبعة حالياً، والأكيد أن النادي يخوض مقامرة هائلة وسط نجاحٍ غير مضمون.

عن Z H