مجلة وفاء wafaamagazine
مجموعة من الانتقالات اللافتة في كرة السلة اللبنانية، تنذر بموسمٍ مقبلٍ أقوى ينتظر أن يحمل إثارةً أكبر انطلاقاً من عودة العنصر الأجنبي كاملاً، وأيضاً من خلال لائحة نخبة ستوزّع الأقوياء على ما يبدو بشكلٍ سيخلق توازناً أكبر بما خصّ المنافسة على اللقب. المهم أن حفلة تجديد العقود والانتقالات التي حصلت تحمل أهميةً فنيةً كبيرة في كل نادٍ معنيّ
لم تكد بطولة لبنان لكرة السلة تنتهي حتى انطلقت الأندية إلى سوق الانتقالات، فتخطّت المنافسة بينها على بعض الأسماء الكبيرة ذاك التنافس الذي عرفته الملاعب بينها خلال الموسم المنتهي، حيث ارتقى التحدي في مراحله الأخيرة إلى أعلى المستويات.
الواضح أن لا خطوط حمراء بالنسبة إلى أي نادٍ في ما خصّ اللاعبين الذين وضعهم أهدافاً له، فكانت المفاجآت حاضرة في تخلي أسماءٍ مهمة عن فرقٍ بدت وكأنها لن تتركها أبداً بعدما تألّقت في صفوفها. لكنّ الواقع أن لعبة العروض والعقود فرضت إيقاعها لتُبقي هذا اللاعب مع فريقه أو تدفع ذاك باتجاه العودة إلى فريقه السابق أو الرحيل إلى فريقٍ آخر.
الأمثلة كثيرة حول ما حصل، وهي تلتقي مع وجهة نظرٍ فنيّة تعكس أهمية ما فعله كل نادٍ لسدّ ثغراته أو تمتين صفوف فريقه وجعله أقوى إيذاناً بموسمٍ ينتظر أن يكون أقوى بالتأكيد مع زيادة نسبة عامل الحسم والاستعراض، بالاعتماد على أجانب أكثر بعدما عرف الموسم الأخير عودة العنصر الأجنبي بمعدل لاعب واحد في كل فريق ابتداءً من مرحلة «الفاينال فور».
الرياضي قمّة المرونة
وفي موازاة هذه النقطة، يمكن تفسير سبب مسارعة أندية المقدّمة على حسم صفقاتها الكبيرة سريعاً حتى قبل التفاوض مع أي لاعبٍ أجنبي، إذ بدا جليّاً أن اللاعبين اللبنانيين وتحديداً الدوليين لعبوا أدواراً أساسية في خلق التوازن ضمن الفرق وترجيح كفّتها، وهو أمر تأكّد أكثر في سلسلة مباريات الدور النهائي بين بيروت فيرست كلوب البطل والرياضي وصيفه.
من هنا، سارع الرياضي إلى استعادة هايك غيوقشيان الذي لعب دوراً أساسياً في تتويجه باللقب في الموسم قبل الماضي. صحيحٌ أن هايك حقّق أرقاماً أكبر في ذاك الموسم بفعل غياب اللاعب الأجنبي العملاق تحت السلة، لكنّ تطوّره المستمر وثبات مستواه جعلا منه عنصراً حاسماً مع بيروت في موسمه الأول والأخير معه. هايك عوّض مراراً غياب أي لاعبٍ عن مستواه في المراكز المختلفة متسلّحاً بقدرته على التسجيل من مختلف المسافات، وأيضاً من ذكائه الاستثنائي، فبدا حتى في نظر الكثيرين أفضل من النجم التونسي صالح الماجري ولو أنه غاب عن أهم مباريات الحسم في النهائي بعد تعرّضه لإصابةٍ قوية.
لذا يمكن القول إن الرياضي سيعود للتمتع بمرونةٍ أكبر على أرض الملعب مع عودة هايك إليه، والذي سيعطيه خيارات دفاعية وهجومية أكبر، وخصوصاً في ظل حالات الحدّ من فعّالية اللاعبين الأجانب.
لعبة العروض والعقود فرضت إيقاعها في الفصل الأول من سوق الانتقالات السلوية
الحكمة أسرع بكثير
وإذا كان الرياضي قد خسر في الملاعب، فإن بيروت عاد وخسر في المكاتب. فعلاً خسر بطل لبنان في مكانٍ ما وربح في مكانٍ آخر، إذ بعيداً من هايك شكّل انتقال سيرجيو الدرويش من بيروت إلى الحكمة مفاجأة لعشاق النادي الأخضر قبل تلك التي عرفها الفريق الذي يحمل اسم العاصمة.
وبحسب المعلومات فإن حصول الدرويش على مبلغٍ أكبر بكثير مما كان سيحصل عليه في بيروت جعله يتخذ خطوة الانتقال إلى غزير، حيث سيزيد من سرعة فريقٍ سريع أصلاً بروحه الشابة وأسلوب مدربه جو غطاس الذي لا يهاب أي فريقٍ. ولم يكن وصول الدرويش ليكون مفيداً إلى أبعد الحدود لو أن الحكمة لم ينجح في تجديد عقدَي علي مزهر ومارك خويري «بوبو» اللذين يلعبان دوراً رئيساً في تسريع إيقاع اللعب وخلق مقاربة هجومية لا تملكها الكثير من الفرق.
بيروت خاسر ورابح
في المقابل، اتخذ بيروت طريقاً مختلفاً لتعويض نجميه بتعاقده مع القائد الحالي لمنتخب لبنان علي حيدر، والقائد السابق إيلي رستم.
وبلا شك لكلٍّ من هذين التعاقدين أهميته الفنية، إذ إن حيدر يعطي الحلول لأي مدربٍ في المركزين 4 و5، وخصوصاً مع توقّع اعتماد كل الفرق على لاعب ارتكاز أجنبي ومحاولة خلق عمق في التشكيلة عبر إيجاد لاعبٍ محلي يمكنه أن يشغل المركزين المذكورين لتعويض أي غيابٍ أو دخول اللاعب الأهم تحت السلة في مشكلة الأخطاء.
كذلك، يحتاج بيروت إلى لاعبٍ مثل حيدر للإبقاء على هيبة البطل، وخصوصاً في ظل قدرته في التأثير على المحيطين به عبر بثّ الحماسة والروح القتالية. هذه الروح تمتّع بها طوال مسيرته رستم الذي اختار فريقاً يشبهه لناحية جمعه عناصر يتمتعون بالخبرة وآخرين يؤمّنون حيوية الشباب التي لا تزال فيه، ولو أنه بدا في آخر موسمين بعيداً عن مستواه الحقيقي، وهو ما أعاده الخبراء إلى لعبه مع فريقٍ لم يكن مؤهّلاً جماعياً بمعنى أنه لا يملك التركيبة التي تسمح للاعبٍ مثل رستم تقديم كل إمكاناته الفردية.
انتهى الفصل الأول من مسلسل التعاقدات السلوية، وفصلٌ ثانٍ ينبئ بصفقات أقوى مع صدور لائحة النخبة ووضوح الصورة أمام كل الفرق، وقبل أن ينطلق الفصل الأخير الذي سيكون عنوانه أجنبياً بامتياز.