مجلة وفاء wafaamagazine
تعيش الأندية الإيطالية سباتاً واضحاً في سوق الانتقالات الصيفي، حيث يعكس التركيز على الإعارات والصفقات المجانية مدى شحّ العائدات. الدوري الإيطالي «كالشيو» بحاجة ماسة إلى إصلاحاتٍ بنيوية إذا ما أراد القيّمون عليه المحافظة على الاستدامة المالية وتقليص الهوة مع الدوريات الكبرى الأخرى في أوروبا
انتهى الموسم الإيطالي بتتويج «إي سي ميلان» بطلاً للدوري. مسارٌ ثابت سلكه أبناء المدرب ستيفانو بيولي وصولاً إلى منصة التتويج. ما كان لافتاً، رفع «الروسونيري» اللقب بأقل الإمكانات المادية الممكنة، على خلفية اتّباع الإدارة سياسات مخصّصة للاستدامة المالية وتدنّي العائدات في الدوري بشكل عام.
ساهمت أزمة كورونا بتبعات سلبية على «الكالشيو»، الذي كان يعاني أساساً من مشكلات بنيوية في تسويق مبارياته. تعكس لغة الأرقام ذلك بشكلٍ أوضح. بالمقارنة بين إيطاليا وإنكلترا مثلاً، حصل متذيّل ترتيب «البريميرليغ» على 116.4 مليون يورو من مداخيل النقل التلفزيوني عن موسم 2021/2022، أكثر بـ40% ممّا حصل عليه أعلى فرق الكالشيو دخلاً (نال إنتر ميلانو قرابة الـ84 مليون يورو). وفي الوقت الذي تمكّن فيه الدوري الإنكليزي الممتاز من تجديد صفقات البث وزيادة العائدات المستقبلية عبر توقيعه عقداً مدته ست سنوات في الولايات المتحدة وحدها بقيمة 2.3 مليار يورو، يحوم الضباب حول مستقبل العائدات التلفزيونية لدوري الدرجة الأولى في إيطاليا، بعد غياب بث مباريات الكالشيو في الفترة الأخيرة عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (تمّ تعويض ذلك ببث بعض المباريات عبر منصة يوتيوب).
تلعب تلك العوامل دوراً جوهرياً في سياسات الأندية الإيطالية المعتمدة خلال سوق الانتقالات الصيفي، حيث اتبع أغلبها نظام الإعارات أو التوقيعات المجانية مع محاولة بيع بعض النجوم لخارج الدوري بهدف تأمين عائدات إضافية وإعادة جدولة الأجور.
حصل متذيّل ترتيب «البريميرليغ» على 116.4 مليون يورو من عائدات النقل التلفزيوني مقابل 84 لبطل إيطاليا
يُعد نادي «إي سي ميلان» الفريق الأكثر قدرةً على الصرف خلال السوق الحالي، نظراً إلى تنظيمه المالي وحصوله على عائدات جراء تتويجه باللقب المحلي إضافةً إلى تغيير الملكية. رغم ذلك، حافظ «الروسونيري» على سلوكه الاستهلاكي المعتمد في السنوات الأخيرة، والذي ساعده تباعاً على إعادة الاستقرار الإداري والفني داخل أسوار ملعب «سان سيرو». وقّع الفريق مع مهاجم ليفربول ديفوك أورويجي بصفقة انتقال حر، كما أنه قاب قوسين أو أدنى من استقدام جناح تشيلسي حكيم زياش على شكل إعارة. كان هناك نقص في الحلول الهجومية على دكة البدلاء في الموسم الماضي، وهو ما جعل الميلان يخصص جزءاً من ميزانية الانتقالات لاستقدام اللاعب تشارلز دي كيتليري بدلاً من الاستثمار في مدافع نادي ليل الفرنسي «زفين بوتمان»، الذي انضم إلى نيوكاسل يونايتد الإنكليزي.
بالنسبة إلى القطب الثاني في المدينة، استقدم إنتر ميلانو المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو على سبيل الإعارة قادماً من تشيلسي كما أنه يسعى إلى التوقيع مع الأرجنتيني باولو ديبالا. كان الإنتر منافساً شرساً للروسونيري في الموسم الماضي، ورغم تفوّق مهاجمي المدرب سيموني إنزاغي من الناحية الهجومية، حسمت صلابة ميلان في الخط الخلفي السباق على اللقب. تمثل منعطف «السكوديتو» في لقطة حارس المرمى الاحتياطي للإنتر، إيونوت رادو، عندما فشل في الإبقاء على هدف نظيف في بولونيا ما أدى إلى إبعاد اللقب عن أصحاب الأرض. وفي ظلّ عدم إعطاء «النيراتزوري» قائد الفريق سمير هاندانوفيتش منافس حقيقي على دكة البدلاء، وقع الإنتر مع حارس أياكس الذي انتهى عقده أندريه أونانا.
هذا ووصل إلى إنتر أيضاً صانع الألعاب الأرميني هنريك مخيتاريان قادماً من روما بشكلٍ مجاني.
وعلى جهة يوفنتوس، فإن نادي تورينو يقترب من التوقيع مع متوسط الميدان الفرنسي بول بوغبا على شكل انتقال حر، كما جناح باريس سان جيرمان، اللاعب الأرجنتيني أنخيل دي ماريا.
الوضع المالي السيّء بالنسبة إلى الأندية الإيطالية قد يحتّم بيع بعض من نجومها أيضاً، للالتزام بقواعد اللعب المالي النظيف والحؤول دون الوقوع بفخ العقوبات. من المرجح أن يقوم روما ببيع نيكولو زانيولو فيما يتفاوض الإنتر وباريس سان جيرمان على سعر لميلان سكرينيار، كما يحاول تشيلسي ويوفنتوس التوصّل إلى حل بشأن شروط شراء ماتياس دي ليخت.
حراك كبير يحصل في إيطاليا اليوم، إلا أنّ الثابت الوحيد وهو أن الأندية الإيطالية ستكون بعيدة نسبياً عن نظيراتها الإنكليزية أو الألمانية والإسبانية في السباق على دوري أبطال أوروبا.