مجلة وفاء wafaamagazine
عاد سيلفيو برلسكوني إلى الدوري الإيطالي الممتاز من بوابة نادي مونزا، وعادت معه نفحات السياسة، والشبهات. المالك الرياضي الناجح والسياسي المحنّك يسعى لمزاولة نشاطه في مجلس الشيوخ الإيطالي، ما يجعل من مونزا ربما شمّاعةً جديدة يعلّق عليها برلسكوني الدعايات السياسية «المبطنة»، سيراً على خطى ما فعله مع فريقه السابق «إي سي ميلان»
يُعد رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني إحدى أكثر الشخصيات الجدلية في تاريخ إيطاليا، وقد تمكّن من حماية مصالحه كسياسي ومقاول من خلال احتكار وسائل الإعلام واستغلاله الرياضة، كما أسقط قضايا مختلفة ارتبطت باسمه على امتداد العقود، عبر «فبركة» القوانين بما يخدم منفعته الشخصية.
العديد من الدعاوى القضائية طاولت سيلفيو خلال مشواره المهني، برز جزء كبير منها مع بداية سطوع اسمه كمقاول ومالك مؤسسات إعلامية. وفي ظل تراكم تهم الفساد التي حاصرته حينها، نُصِح برلسكوني بالاستثمار في نادي كرة قدم كي يلمّع صورته أمام الشارع الإيطالي، فاشترى حصة الأغلبية في «إي سي ميلان» عام 1986، وعيّن أدريانو غالياني لتسيير أمور النادي (كان يشغل منصباً إدارياً في نادي مونزا حينها إضافةً إلى قيامه بالعديد من الأعمال المشتركة مع سيلفيو).
لعب الميلان بطريقةٍ أو بأخرى دوراً بارزاً في امتداد نفوذ برلسكوني. نجاحات تاريخية حقّقها سيلفيو خلال فترة رئاسته النادي، جعلت «الروسونيري» يتألق محلياً وأوروبياً. بالمقابل، كان الميلان بمثابة الدعاية الدائمة لبرلسكوني الذي جعلته بارزاً في عالم السياسة عام 1994 عندما أنشأ حزب «Forza Italia» (فاز معه في الانتخابات التشريعية وتولى منصب رئيس الوزراء).
شغل برلسكوني منصب رئيس الوزراء لأول مرة من عام 1994 إلى عام 1995، ثم مرة أخرى في أعوام 2001-2006 وأعوام 2008-2011. تراجع نجم رئيس الحكومة بعدها على الساحة الإيطالية بسبب تزايد قضايا الفساد التي ارتبطت باسمه، إن كان على صعيد السياسة، العقارات، الإعلام أو حياته الشخصية. هكذا، عزل البرلمان الإيطالي برلسكوني عام 2013 ومُنع من المشاركة في الانتخابات العامة لمدة 6 سنوات بعد إدانته بتهمة الاحتيال الضريبي، كما قام ببيع نادي ميلان عام 2017 في ظل تراكم الديون (رأى المحللون السياسيون بعدها وجود صلة بين نتائج انتخابات حزبه السيئة وبيع الفريق).
هناك جوانب عاطفية واقتصادية وسياسية لعودة برلسكوني إلى كرة القدم
وفي أقل من سنتين، عاد برلسكوني إلى عالم كرة القدم من بوابة نادي مونزا الذي كان يلعب في الدرجة الثالثة عندما اشتراه عام 2018. هناك جوانب عاطفية واقتصادية وسياسية لعودة سيلفيو إلى كرة القدم، قد تكون مرتبطة جزئياً بنتائج الانتخابات السيئة لحزبه السياسي «فورزا إيطاليا» خلال الفترة الأخيرة. يدعم ذلك ربما تزامن وصول مونزا إلى الدرجة الأولى هذا الموسم قبل أشهرٍ فقط من استعداد برلسكوني لحملة الانتخابات المقبلة.
السياسة أولاً
من المرجّح أن يشغل مونزا الدور الذي كان يلعبه ميلان بالنسبة إلى «الحوت الإيطالي»، وهو تلميع الصورة، حشد الجماهير وإثبات الوجود. الطريقة التي أدار فيها برلسكوني ناديه الجديد، بمساعدة غالياني، تُظهر هدف سيلفيو في توسيع رقعة المؤيدين له سياسياً.
لعب برلسكوني على موضوع «الفخر الوطني» بالنسبة إلى شمال إيطاليا من خلال التركيز على اللاعبين الإيطاليين، بينما حفّزت حملة مكافحة الوشم على أجساد اللاعبين، التي اعتمدها فور شرائه مونزا، العودة للقيم التقليدية.
بصرف النظر عن أداء النادي على أرض الملعب، من الواضح أن برلسكوني يهدف إلى استعادة أنصار اليمين، بعد أن خسرهم حزبه «فورزا إيطاليا» خلال الفترة الماضية.
يخطط رئيس الوزراء الإيطالي السابق لعودة سياسية في الانتخابات الوطنية الشهر المقبل (25 أيلول)، قائلاً إن هذه الخطوة «ستجعل الجميع سعداء». ونشر برلسكوني مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي دعا فيه الناخبين إلى التصويت لصالح يمين الوسط في الانتخابات المقبلة بهدف بناء «معجزة إيطاليّة جديدة»، واعداً المواطنين بضرائب أقل وإجراءات بيروقراطية أبسط. وأكّد رئيس الوزراء السابق لـ«Radio Rai» أن ترشحه كعضو في مجلس الشيوخ جاء بعد تلقيه ضغوطاً للقيام بذلك من الكثيرين، حتى خارج «orza Italia».
تجدر الإشارة إلى أنه، وعلى الرغم من الاختلافات، ستخوض أحزاب اليمين: إخوة إيطاليا، الرابطة وفورزا إيطاليا بزعامة سيلفيو برلسكوني، الانتخابات الوطنية في ائتلاف موحّد، في حين أدّت الخلافات بين مختلف أحزاب اليسار والوسط إلى الانقسام في نوايا التصويت.
وبحسب صحيفة «الجورنال» الإيطالية، أعطت استطلاعات الرأي المختلفة حول نوايا التصويت للتحالف اليميني ميزة 48.2% مقابل 29.5% للحزب الديمقراطي وغيره من التشكيلات اليسارية قبل شهرٍ واحد من إجراء الانتخابات العامة الإيطالية، ما قد يعطي برلسكوني صلاحياتٍ كبيرة في الحكومة المقبلة.