مجلة وفاء wafaamagazine
موسماً بعد آخر، يزداد دور رُعاة الأندية في عالم كرة القدم، وقد أصبحوا خلال السنوات الأخيرة أساساً لميزانيات الأندية. الرعاية جزء لا يتجزّأ من كرة القدم الحديثة، وهم يساهمون في تقديم عائدات إضافية لتعزيز التنافس على الألقاب
حجز العديد من الشركات التجارية مكاناً لها في عالم الرياضة بشكل عام، وكرة القدم ليست استثناءً، حتى أصبحت عقود رعاية القمصان أحد مصادر الدخل التي لا غنى عنها بالنسبة إلى الأندية.
تُدرك الفرق بمختلف أحجامها مدى أهمية عقود الرعاية، ويدرك الرعاة أهمية الترويج لشركاتهم ومنتجاتهم. هي ببساطة علاقة تجارية مربحة للطرفين، إذ تسعى الأندية إلى تقليل التكاليف وتغطية النفقات، فيما تهدف الشركات الكبرى إلى زيادة الأرباح. ظهر ذلك جليّاً خلال أزمة كورونا، عندما شكّلت عقود رعاية القمصان طوق نجاة بالنسبة إلى العديد من الأندية في العالم، كما لجأ البعض إلى إبرام عقود مع شركات جديدة بهدف تقليص الخسائر.
في العادة، يتم الاتفاق بين الشركة والنادي على تخصيص مبلغ (في الغالب يكون بالملايين سنوياً) مقابل كتابة أسماء وشعارات الشركات على قمصان اللاعبين، الأمر الذي يساهم في انتشار أوسع للمنتجات التي تقدمها تلك الجهات.
تزداد الأموال التي يستثمرها الرعاة في كرة القدم مع استمرار ازدياد شعبية اللعبة، وهناك العديد من الجهات الكبرى البارزة في هذا المجال.
تُعدّ شركات المشروبات قطاعاً رئيسياً عندما يتعلق الأمر برعاية قمصان كرة القدم.Pepsi, Coca-Cola, Red Bull… وغيرها من الشركات الكبرى التي ترعى قمصان العديد من الفرق في مختلف المسابقات الأوروبية والدولية.
تضخّ ماركات الملابس والأحذية مبالغ ضخمة في كل عام أيضاً (أبرز تلك الشركات Nike و Adidas و Puma)، كما تلعب شركات السيارات والتكنولوجيا دوراً كبيراً في عقود الرعاية، حيث تظهر شعارات مثل Audi و Chevrolet و Amazon… على القمصان بهدف الوصول إلى جمهور كبير من العملاء المحتملين، ولا يمكن إغفال دور مواقع المراهنات الرياضية في رعاية القمصان أيضاً.
إنفاق هائل
جميع الأندية لديها الحق في إبرام صفقات رعاية لقمصانها، غير أن الشركات قد لا تهتم بتقديم عروض للبعض. تلعب العلامة التجارية لأيّ نادٍ ومدى شعبيته وحجمه، إضافةً إلى قيمة لاعبيه الفنية، الجماهيرية والسوقية، دوراً بارزاً في تلك العقود. في النهاية، الطرفان يبحثان عن الربح الوفير.
في إسبانيا، يمتلك ريال مدريد العديد من عقود الرعاية لقمصانه، يبرز منها «أديداس وطيران الإمارات». يجني «الميرينغي» 70 مليون يورو في الموسم الواحد إثر صفقة الرعاية مع شركة طيران الإمارات، التي بدأ شعارها يظهر على قمصان ريال مدريد منذ عام 2013، بالتزامن مع بداية السطوة على ألقاب دوري أبطال أوروبا. وتُعد شراكة «أديداس» مع ريال مدريد من أفضل الأطقم وأكثرها كلاسيكية. تم تجديد عقد أديداس كمورّد رسمي لأطقم «الميرينغي» آخر مرة في صفقة ضخمة بقيمة 1.1 مليار يورو، ومن المقرر أن تستمر الصفقة حتى نهاية موسم 2027-2028.
عقود رعاية القمصان خفّضت من حجم بعض المشاكل بالنسبة إلى قطب البلد الآخر، حيث كان تعيين «Sportify» راعياً رئيسياً لقميص برشلونة مكان «Rakuten» بمثابة دعم جيّد من الناحية المالية للفريق الكاتالوني.
سيحصل برشلونة على 70 مليون يورو في الموسم الواحد، بواقع 60 مليون يورو لرعاية قميص فريق الرجال، وخمسة ملايين يورو لرعاية قميص فريق السيدات، بالإضافة إلى خمسة ملايين يورو أخرى مقابل تغيير اسم ملعب «كامب نو» إلى «سبوتيفاي كامب نو» خلال فترة عقد الرعاية.
باتت الشركات العملاقة تبحث عن الأندية الجماهيرية لتحقيق أرباح كبرى
وبحسب موقع «GOAL»، يرتبط النادي الكاتالوني بعقدٍ مع نايكي منذ عام 1998 وتم تحديد العقد وفقاً للشروط الحالية في عام 2016، كما تمت الموافقة على تجديده من قبل الإدارة السابقة. حالياً، يتلقّى نادي برشلونة 105 ملايين من «نايكي» في كل موسم، ويمكن أن يصل المبلغ إلى 150 مليوناً بحكم سلسلة من المتغيرات في عام 2020.
وتتجه بعض الأندية إلى رعاية قمصانها من خلال شركات على علاقة وثيقة بالمُلّاك، كما الحال بالنسبة إلى باريس سان جيرمان.
يظهر اسم شركة الطيران التابعة لدولة قطر «Qatar Airways» في منتصف القميص الجديد الذي طوّرته شركة نايكي للألبسة الرياضيّة، وقدّرت التقارير في فرنسا الصفقة ما بين 60و70 مليون يورو سنوياً مقابل عرض الشعار القطري.
وسبق أن أعلن النادي الباريسي عام 2019 عن تمديده عقد الرعاية الذي يربطه مع شركة «Nike» حتى عام 2032، وبحسب قناة «أر أم سي سبورت» الفرنسية، بلغت قيمة العقد الجديد قرابة الـ 75 مليون يورو سنوياً.
في إنكلترا، يعتمد مانشستر سيتي أسلوباً مشابهاً للنادي الباريسي، حيث يمتلك «السيتيزينز» شراكة طويلة مع «الاتحاد» للطيران منذ تسلّم الإدارة الإماراتية زمام الأمور في النادي، توفّر له قرابة الـ 60 مليون يورو سنوياً. دخل آخر تحقّقه قمصان الفريق منذ عام 2019 عندما تم توقيع عقد مع شركة «بوما» الألمانية للمعدات والألبسة الرياضية، وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن الصفقة بين الطرفين تمتد لفترة 10 أعوام وتبلغ قيمتها 650 مليون جنيه إسترليني.
سيحصل برشلونة على 70 مليون يورو في الموسم الواحد (أ ف ب)
في المدينة نفسها، يحصل مانشستر يونايتد على عائدات ضخمة من رعاية قمصانه، إذ لا يزال نادي «الشياطين الحمر» يجذب كبار الرعاة بسبب حجمه وعلامته التجارية، رغم تراجعه فنياً في السنوات الأخيرة.
أبرم النادي صفقة مدّتها خمس سنوات مع شركة البرمجيات الألمانية «Team Viewer» مقابل 55 مليون يورو في الموسم الواحد، وكان اليونايتد قد وقّع مع أديداس عقداً لمدة عشرة مواسم بقيمة 75 مليون جنيه إسترليني في الموسم الواحد، كأكثر أندية إنكلترا حينها دخلاً من رعاية قمصان فرق كرة القدم.
إذاً هو عالم كبير يتطور باستمرار، والأكيد أن هذا له تأثيره السلبي على كرة القدم التي أصبحت مادة للاستهلاك، أكثر منها رياضة حقيقية. وفي هذا الإطار، يرى البعض أن ما يحصل هو تسليع لكرة القدم خاصة، التي باتت الشركات العملاقة تؤثر فيها، وتحدد من الأندية التي يمكن أن تتفوّق رياضياً على مستوى العالم، على اعتبار أن الذي ينفق أكثر يمكن أن يحصل على بطولات أكثر بسبب امتلاكه جميع عناصر الفوز.