مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الديار”
لا تحتاج جبهة العهد ومعه «التيار الوطني الحر» عادة الى الكثير من الوقت، كي تشتعل مع جبهة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لانّ الخلافات دائماً سائدة، والكيمياء غائبة الى امد بعيد، من دون اي امل في إمكانية وجودها، اذ سرعان ما تتوجّه السهام لـ «تخربط» العلاقة في اي لحظة انسجام سياسية، هذا اذا حصلت، لانها في الاصل كالمثل الشائع «ما تهزو واقف على شوار» خصوصاً بين الرئيس بري ورئيس»التيار» جبران باسيل.آخر التوترات السائدة بين الطرفين، تعود الى عصر الاربعاء الماضي مع كلمة الرئيس بري في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، التي اشار فيها الى انّ لبنان يمّر في أسوأ مرحلة من تاريخه، ولم يعد جائزاً مقاربة العناوين الداخلية على المستوى الذي يجري، فلبنان ليس بخير، وبعض الارادات الخبيثة تسعى لاسقاط البلد في دوامة الفراغ، موجهاً الانتقاد الى النائب باسيل: «شو يعني ما خلونا؟ ولماذا طلب 6 وزراء دولة لاضافتهم الى الحكومة؟ وهل يوجد وطن في العالم تأتي فيه الكهرباء بنسبة صفر بالمئة»؟ لافتاً الى انّ المسؤولين عن الكهرباء هدروا ثلث الدين العام، والمقصود بهم وزراء «التيار الوطني الحر» وكل الذين تعاقبوا حتى اليوم على وزارة الطاقة.الى ذلك إختلف الوضع هذه المرة، فلا «زعل» ظهر على ملامح «التيار» ولا ردود فعل من نوابه ومسؤوليه، بل صمت مريب ساد الاجواء بين بعبدا وميرنا الشالوحي من جهة، وعين التينة من جهة ثانية.نواب «التيار» لا يردّون على هواتفهم
تعليقاً على ما قاله رئيس المجلس النيابي، ولمعرفة ردة فعل نواب «التيار»، اجرت «الديار» اتصالات بعدد منهم، ليتبيّن بأنّ خطوط معظمهم مقفلة، وبعضهم لم يردّوا على الهاتف، ومَن ردّ إكتفى بعبارة: «نفضّل عدم التعليق»، ووفق معلومات لـ»الديار» فقد تلقى النواب والمسؤولون في «التيار» فور انتهاء كلمة بري توجيهات من القيادة بإلتزام الصمت. وهذا ما برز ليل الاربعاء خلال نشرة الاخبار على محطة OTV الناطقة بإسم العهد والتيار، بحيث غابت عنها الردود على الرئيس بري.
علي درويش: الملف الحكومي يتقدّم لكن لم ينته بعد
وعلى الخط الحكومي، وبعد خمسة اجتماعات عقدت في بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، ظهرت بوادر تفاؤل بإمكانية تشكيل الحكومة في تشرين الاول المقبل، وفي هذا الاطار أجرت «الديار» اتصالاً بالنائب السابق علي درويش المقرّب من الرئيس ميقاتي، فأبدى بعض التفاؤل قائلاً: «المحادثات لم تقفل بعد خمسة اجتماعات، والتشاور قائم لتحديد المسائل العالقة، لذا يمكن القول انها اخذت منحىً ايجابياً لكنها لم تنته، فهنالك تقدّم لكن لا يجب ان نندفع اكثر، ونأمل ان نصل قريباً الى خواتيم إيجابية تؤدي الى اعلان التشكيلة».ورداً على سؤال حول التركيبة الحكومية الانسب في الوضع الراهن، إعتبر درويش بأنّ التركيبة التوافقية بالتأكيد هي الانسب، لانّ لبنان لا يُحكم إلا بهذه الصيغة، والمعطى الافضل هو الإنطلاق بالتشكيلة التي قدمها الرئيس ميقاتي في 29 حزيران الماضي، المقاربة للتشكيلة الحالية الممثلة بأغلبية الافرقاء، مع عرض حلول لبعض النقاط.ماذا وراء مطلب الست وزراء؟
وعلى صعيد متصل، تقول مصادر متابعة للملف الحكومي ان اجتماع الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي امس الأول لم يحمل جديدا بالنسبة الى مسألة تشكيل الحكومة، وان المواقف لا تزال على حالها حول الصيغة الحكومية المنتظرة. واشارت المصادر الى ان البحث بين الرئيسين عون وميقاتي تطرق الى مواضيع تتعلق بالعمل الحكومي ومصير عدد من المراسيم التي لا تزال مجمدة ما يعرقل عددا من المواضيع المهمة مثل تشكيل هيئة محكمة التمييز وتعيين عمداء كليات الجامعة اللبنانية وترقية الضباط من رتبة عقيد الى عميد ومسائل اخرى جُمدت نتيجة مواقف سياسية ومقاربات بعضها كيدي .واشارت المصادر الى ان مسألة تأليف الحكومة لا تزال تتمحور حول عدد الوزراء في الصيغة الحكومية، لا سيما وان الرئيس عون كان اقترح على الرئيس المكلف زيادة ٦ وزراء على الصيغة التي كان الرئيس ميقاتي قد قدمها الى رئيس الجمهورية والتي كانت حظيت سابقا بموافقة الرئيس المكلف. وفي هذا الاطار اكدت المصادر ان اقتراح الرئيس عون زيادة ٦ وزراء لم يكن الهدف منه، كما يروّج البعض، ضمان فريق رئيس الجمهورية الثلث الضامن في الحكومة، وليس ايضا تعطيل عملية التشكيل، بل ان الهدف متعدد الوجوه، واولها قناعة الرئيس عون بضرورة تأمين حصانة سياسية لحكومة الوزراء التكنوقراط تمكنها من مواجهة الاستحقاقات المرتقبة في الاتي من الايام وابرزها استحقاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية واقرار الاصلاحات في خطة التعافي الاقتصادية وغيرها .
اما السبب الثاني، تضيف المصادر، فهو ان تجربة الحكومة الحالية وقبلها حكومة الرئيس حسان دياب اللتين ضمتا وزراء تكنوقراط، لم تكن مشجعة اذ افتقدت الحكومتان على دعم الكتل السياسية الممثلة فيهما ما ادى الى تراجع في الغطاء السياسي الواجب توافره في هذه الحال. حتى ان الكتل السياسية وجهت الكثير من الانتقادات الى عدم قدرة الوزراء التكنوقراط على مقاربة الشق السياسي من العمل الحكومي . وتشير المصادر، ثالثا، الى ان غياب هذا الغطاء السياسي كان يؤدي، في كل مرة تطرح فيها على مجلس الوزراء قضايا اساسيا، الى تعليق البحث، وبالتالي اتخاذ القرار، حتى يعود الوزراء التكنوقراط الى مرجعياتهم السياسية لسؤالها عن موقفها من القصايا المطروحة . اما في حال تمثلت هذه القيادات من خلال الوزراء الستة يمكن اذذاك اختصار الوقت واتخاذ القرارات فورا من دون اي تأخير للتشاور خارج مجلس الوزراء.وفي رأي المصادر، رابعا، ان الحكومة العتيدة تحتاج الى تمثيل سياسي مباشر من خلال الوزراء الستة خصوصا في حال وقع الفراغ الرئاسي لتعذر انتخاب رئيس للجمهورية لاي سبب كان، لان الحكومة ستتولى مجتمعة صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، وفي مثل هذه الحال تصبح الحاجة الى تمثيل سياسي في الحكومة ملحّة وضرورية .واشارت المصادر ان هذه الاسباب كافية ليكون المطلب بتوزير ستة وزراء دولة يمثلون الاطراف السياسيين الموجودين في حكومة ميقاتي، مطلبا محقا ووطنيا بامتياز خصوصا ان هذه الحكومة هي الاولى بعد الانتخابات النيابية التي جرت في ايار الماضي، وافرزت واقعاً سياسياً جديدا لا بد من اخذه في الاعتبار لدى مقاربة ملف تكوين السلطة التنفيذية.وفي تقدير المصادر نفسها ان اي تفسيرات تُعطى لموقف الرئيس عون من المطالبة بستة وزراء دولة سياسيين، من اي جهة او مرجعية صدرت، لا تأتلف مع الواقع الذي يفرض مقاربة وطنية مسؤولة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد بعيدا عن الحسابات الشخصية والاعتبارات التي برزت في الاونة الاخيرة، لان الدعم السياسي للحكومة العتيدة هو حاجة ضرورية الان لان البلاد تمر بفترة دقيقة ومصيرية لا يجوز فيها التساهل او اللامبالاة .