مجلة وفاء wafaamagazine
لفت مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان خلال احتفال في المجلس الشيعي لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لوفاة رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، إلى أن “لبنان يعاني من أزمات شتى، لا تعد ولا تحصى، والسعي جاد وكذلك الجهد من الرئيس المكلف لتشكيل حكومة تواجه هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها لبنان، وتجترح حلولا تخرج البلد من هذا النفق المظلم الذي طال مكوثنا فيه، وليست هذه المهمة مسؤولية الحكومة وحدها، بل هي مسؤولية جميع القوى السياسية التي شاركت وتشارك في إدارة مرافق الدولة على اختلافها، ليسهل تنفيذ الحلول على الحكومة، بإعطائها ما تحتاج إليه من دعم ومواقف إيجابية، لتسلك السبيل الصحيح إلى ذلك. وبدل من أن يتضافر الجميع حول هذا الهدف، نجد للأسف من يطلع علينا من هنا وهناك، بأصوات ناشزة، ومواقف تنحو منحى غير مريح، يزيد الأمور تعقيدا، ويزيد الشعب اللبناني بؤسا وشقاء، وكأن هذا الشعب ليس من أهلهم ولا من ذويهم، ولا أبناؤه أبناءهم، ولا مصيره مصيرهم. لقد أولاهم هذا الشعب ثقته، وحملهم أمانة قيادة الوطن، فجنحوا به إلى جرف آيل إلى السقوط في أي لحظة”.
وقال: “إننا نريد حكومة تنهض بهذا الشعب المغلوب على أمره، ومن غير المسموح أن ينحدر به المسؤولون من جراء مواقفهم إلى واد سحيق من أودية جهنم التي يكوى بنارها السواد الأعظم من اللبنانيين، الذين فقدوا ما جنوه سحابة أعمارهم، وهجر أبناؤهم الذين خسرهم الوطن ثروة بشرية عليها يقوم مستقبل لبنان الذي أردناه واعدا. إن التعاطي بإيجابية مع تأليف الحكومة، يساعد الرئيس المكلف على التشكيل، لا على التعطيل، الذي يكون انعكاسه سيئا على الجميعِ من دون استثناء، ولا بد لنا من أن نؤكد المؤكد، أن تشكيل الحكومة هو مطلب اللبنانيين جميعا، وإذا لم يتم التشكيل، نخشى من أسوأ مما نحن فيه، خصوصا وأننا دخلنا استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإذا لم نستطع تأليف حكومة، فكيف سيكون الأمر بالنسبة إلى انتخاب رئيس جديد؟”.
أضاف: “حذار ثم حذار من الوصول إلى الفراغ الرئاسي، فهذا الاستحقاق – كما تشكيل الحكومة – تجري في سبيله مساع كبيرة اليوم. ومعالجة هذين الاستحقاقين أمر أكثر من ضروري، لكي تتمكن الدولة من الصمود والاستمرار، ولكي ننقذ اللبنانيين الذين يعيشون أسوأ مرحلة مروا بها ، وواجهها وطننا منذ ولادة دولة لبنان الكبير”.
وتابع: “إن انتخاب رئيس للجمهورية، استحقاق مهم، فهو رأس الدولة، وينبغي أن يكون مرجعية جامعة وشاملة لكل اللبنانيين. المطلوب هو الوفاق والتوافق، لتأمين عملية الانتخاب، فلبنان بلد توافقي، والفراغ هو كارثة على لبنان وعلى اللبنانيين. دورنا أن ننتبه ونتنبه، كي لا نصل إلى ما لا يحمد عقباه، وما حصل في الماضي بالنسبة إلى الفراغ الرئاسي، من غير المسموح أن يتكرر، لأن ما يمكن حدوثه قد يكون الأسوأ . واليوم ليس كالأمس، كل شيء تغير في هذا الإطار، وعلينا أن ندرِك هذه الحقيقة، وأن نعمل جميعا على إنجاز تشكيل الحكومة، وانتخاب رئيس جديد لكل اللبنانيين”.
وأردف: “إن دار الفتوى سعت، وتسعى دائما إلى جمع الكلمة، ووحدة الصف اللبناني، ولا ننسى أن لبنان محاط بمخاطر واستهدافات كثيرة، ولا سبيل لخلاصه إلا بالتضامن والوعي والحكمة والإدراك، فهي كفيلة بدرء الخطر عن لبنان، وجعله سدا منيعا في وجه كل متربص لئيم”.