مجلة وفاء wafaamagazine
شعور بالإحباط والصدمة اجتاح بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة ارنستو راميرز بعد زيارتها الاستطلاعية الأخيرة إلى لبنان ولقائها بعدد من المسؤولين.. فهل اقترب «الصندوق» من اللحظة التي سيطفح معها كيله وينفد صبره؟
عماد مرمل
عاينت البعثة عن قرب في بيروت، ما تعتبره تراخياً غير مبرّر في تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، وفي البناء على الاتفاق المبدئي الذي تمّ التوقيع عليه قبل أشهر.
وإزاء الانطباعات السلبية التي كونتها البعثة حول سلوك السلطات اللبنانية، فهي وجّهت خلال مداولاتها مع أصحاب الشأن رسائل عدة، بعضها واضح وبعضها الآخر مشفّر، ولكنها تلتقي جميعها عند التحذير من انّ الوقت يمرّ والفرصة تتقلّص.
وأبدى مواكبون لمهمّة صندوق النقد خشيتهم من ان يكون هناك من يحاول عن سابق تصور وتصميم إبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه، وصولاً إلى استنزاف «الصندوق» وتطفيشه، بعد إيصاله إلى مرحلة القرف واليأس.
ووفق أصحاب هذه المخاوف، فإنّ البعض لا يناسبه ان يواصل «الصندوق» مهمّته حتى النهاية، لأنّ ذلك سيعني تطبيق الإصلاحات وتوزيع الخسائر بعدالة، في حين انّ تمديد الأمر الواقع يفضي إلى المضي في تذويب الودائع وتحميل الجزء الأكبر من تلك الخسائر للناس.
خيبة الأمل عكسها رئيس بعثة «الصندوق» ارنستو راميرز خلال اجتماعه والوفد المرافق مع رئيس الجمهورية ميشال عون وعدد من مستشاريه في قصر بعبدا.
وتنشر «الجمهورية» في ما يلي النص الكامل لمداخلة راميرز، الذي استهل كلامه بشكر عون على موقفه بالنسبة إلى قانون السرية المصرفية الذي ردّه لإدخال تعديلات عليه، موضحاً انّ بعثة «الصندوق» قدّمت لأعضاء اللجان النيابية المختصة مقترحات حول أفضل السبل لتصحيح ما يجب تصحيحه.
ثم انتقل راميرز إلى عرض ما اعتبرها أخباراً «غير جيدة»، ملاحظاً «انّ الغموض والجمود يسيطران على برنامج الإصلاح للنهوض بالاقتصاد، في حين كنا نتوقع تغييرات إيجابية في هذا الاتجاه بعد الانتخابات النيابية الأخيرة».
وتوجّه إلى عون قائلاً: «we are shocked..»نحن مصدومون، لأنّه لم يحصل شيء منذ انتهاء الانتخابات، بعدما كنا نتوقع الانكباب على إجراء الإصلاحات المطلوبة، خصوصاً عقب توقيع الاتفاق الأولي بيننا وبينكم».
وتابع مستعرضاً حصيلة تجربة «الصندوق» حتى الآن: «كثيرون في لبنان يعيشون الإنكار الكبير، وبالتالي الفرص تصبح أصعب فأصعب. مؤسسات عدة ومصرف لبنان تعيش الإنكار و»مصارف الزومبي» كذلك. لا نعرف كيف للبلد ان ينهض هكذا، ولبنان لا يمكن أن يبقى بهذه الحالة، وبقدر ما تستمرون على هذا النحو ستستمر آلام اللبنانيين. الانتظار لن يحسن الوضع بل سيزيده تفاقماً، ولذلك لا يجوز ابداً الانتظار».
ولفت رئيس بعثة صندوق النقد إلى انّ الأفكار الجديدة التي تُطرح من جانب بعض الجهات ليست جيدة، «لأنّ اصحابها يحاولون عبرها ان ينقلوا الخسائر من ضفة الى أخرى».
وأضاف: «يُفترض بالحكومة ان تتحمّل مسؤولياتها لتخفيف العذابات عن الأجيال المقبلة. لبنان لديه طاقات بشرية كبيرة ولكنها تهاجر، وحتى تفكر بالعودة يجب أن تبدأ بالثقة في مستقبل واعد، وهذا لا يمكن أن يتمّ الّا بالتعاطي الواضح والشفاف عبر تنفيذ الإصلاحات وتطبيق خطة للنهوض بالاقتصاد تتضمن إعادة هيكلة المصارف وتوزيعاً عادلاً ومنصفاً للخسائر، ونحن نعرف انّ توزيع الخسائر على هذا النحو صعب، ولذا ينبغي أن يكون هناك قرار سياسي جريء بذلك».
ونبّه راميرز من انّه «إذا لم تبد الدولة اللبنانية الجدّية المطلوبة فلا نستطيع نحن أن نساعدكم وكذلك الأسرة الدولية»، مشدّداً على أنّ البداية الإلزامية هي في الإصلاح»، علماً انّ هناك اموراً لا تحتاج إلى مجلس النواب، مثل توحيد سعر الصرف الذي يتطلب قراراً فقط. إذ لا يجوز أن تبقى هذه التعددية غير المعقولة في اسعار الصرف، والفروقات الكببرة بينها».
وأضاف راميرز: «نحن آسفون، ونشعر بالصدمة لأنّ تحرك البرلمان بطيء جداً، وينبغي ان يكون واضحاً انّ النظام المالي، متمثلاً بمصرف لبنان والمصارف، فَقدَ الصدقية ويجب البدء باستعادتها. واذا كان لدى البعض ضعف في الطموحات الإصلاحية فعليكم ان لا تستسلموا».
الجمهورية