مجلة وفاء wafaamagazine
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس.
بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: “ما وصل إليه بلدنا هو نتيجة لانعدام الإيمان وقلة المحبة وطغيان الأنانية والمصلحة، ما يطمس الإنسانية في قلب الإنسان ويلغي الرحمة والتعاطف، فتتغلب المصلحة الشخصية على محبة الآخر، وينشأ الاستغلال والاحتكار، والربح غير المشروع، وغيرها من الآفات، كل ذلك في سبيل حب الأنا.
نسي الجميع وصية المسيح: “كما تريدون أن يفعل الناس بكم إفعلوا أنتم بهم”، فنكلوا بأخيهم المواطن، وجعلوه مطية لمصالحهم، ووسيلة لإدراك غايتهم، لذلك عم الفساد وصار أسلوب حياة، وأصبح الواحد يطلب ما لنفسه ولو على حساب الآخر، وهذا ما نعاينه يوميا في تصرف المسؤولين والمواطنين، وما شاهدناه وأحزننا عندما تقابل أمام قصر العدل ذوو الموقوفين يطالبون بالعدالة لهم، وذوو الضحايا المطالبون بالعدالة لضحاياهم. العدالة لا تتجزأ، وعندما تسود تشمل الجميع. لذا أملنا أن يطالب الجميع، معا، بإظهار الحقيقة وإرساء العدالة للجميع، وهذا يحصل عندما يترك المحقق الأصيل يقوم بعمله دون إعاقة أو تدخل.
وعلى جميع معرقلي العدالة أن يتخطوا مصالحهم وينزعوا حصاناتهم ويسهلوا عمل القضاء لكي ينال كل ذي حق حقه. الرحمة التي أوصانا بها الرب ليست شعارا بل هي تطبيق عملي للشعور بالرأفة الذي يتغنى به البعض تمويها. وعوض رفع الشعارات عليهم المطالبة بمحاسبة كل من يقترف خطيئة تجاه إخوته البشر، خصوصا الذين يستغلون أوجاع الناس وآلامهم ويأسهم ويتاجرون بحياتهم. ألم يحن الوقت لوضع حد لكل من يرمي الفقراء في فم الموت غرقا؟ هل معرفتهم ومحاسبتهم بهذه الصعوبة؟”
أضاف: “نحن نفتقر إلى مسؤولين يكيلون بمكيال واحد، ويعاملون الجميع بحسب ما يمليه القانون، دون مواربة أو انتقائية. وبما أننا على أبواب انتخاب رئيس للجمهورية، أملنا أن يتم هذا الاستحقاق دون تأخير، وأن لا يصل إلى المركز أي ساع إلى كرسي أو لقب، بل من يملك رؤية وبرنامج عمل، ويكون ذا مصداقية، ويسعى إلى إنقاذ أشلاء هذا البلد، لا أن يكتفي بالوصول إلى المركز وتحقيق الأطماع التي يحملها، والجوع إلى السلطة والمال. كذلك نأمل أن يكون النواب على قدر الثقة التي أولاهم إياها الناخبون وألا يستخدموا الوكالة بخفة وعشوائية. عرف لبنان بتميزه وفرادته، ويكاد يكون البلد الديمقراطي الوحيد في محيطه حيث درجت عادة تداول السلطة، لكنها للأسف تعطلت، وأملنا أن نعود إلى أصالتنا وتميزنا وأن يعود لبنان إلى دوره الريادي وألقه”.
وختم: “دعوتنا اليوم أن نكون رحماء وأن نعي مقدار ضعفنا وخطايانا، أن ننتبه إلى أفعالنا وأقوالنا، وألا نجرح أحدا، بل أن نكون بلسما يطري الجراح ويخفف الآلام، لأننا بهذا نكسب الآخرين، فيمجدون، بسببنا، الرب الخالق، ويحفظون وصاياه ويعملون بها مثلما فعلنا نحن”.