مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “نداء الوطن” :
بمظاهر البهجة والسرور، وبكثير من الغبطة وافتعال أجواء احتفائية “فاقعة”، ضجّت أروقة قصر بعبدا وقاعاته طيلة نهار الأمس بتصريحات التهليل لقرب ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، مع الإبقاء على التكتم المطبق في ما يتصل بتفاصيل الاتفاق المرتقب لا سيما في ضوء تأكيد رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد أنّ تل أبيب أمّنت مصالحها بموجب هذا الاتفاق بما يشمل حصولها على ملكية حقل كاريش كاملاً وتقاضيها أيضاً جزءاً من عوائد حقل قانا اللبناني، وعلى الرغم من ذلك بدا الجانب الإسرائيلي أكثر تحفظاً من الجانب اللبناني الرسمي في التعامل مع الملف، تحت وطأة تدحرج كرة الاعتراضات والضغوط الداخلية بقيادة بنيامين نتنياهو والتي أسفرت خلال الساعات الأخيرة عن استقالة رئيس وفد التفاوض الإسرائيلي من منصبه اعتراضاً على إبرام الاتفاق الحدودي البحري مع لبنان.
وعن وقائع اجتماعات قصر بعبدا الماراتونية والتي خلصت إلى تسريع خطى “الهرولة” الرئاسية باتجاه استعجال الترسيم البحري مع إسرائيل، أعربت مصادر المجتمعين لـ”نداء الوطن” عن ثقتها بأنّ “وحدة الموقف اللبناني الرسمي ستفضي إلى إنجاز مسودة الاتفاق النهائي والتوقيع عليها في فترة زمنية قصيرة”، موضحةً أنّ الملاحظات التي وضعها لبنان على الطرح الذي نقله الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين “هي في أغلبها ملاحظات تقنية واستيضاحية لا تؤثر على جوهر الاتفاق”، وأشارت إلى أنه بمجرد إرسال الرد اللبناني إلى هوكشتاين اليوم “سيكون لبنان قد حسم موقفه وتوجهاته حيال اتفاقية الترسيم بانتظار الجواب الإسرائيلي النهائي للتوجه بناءً على ذلك إلى الناقورة في سبيل صياغة المحضر النهائي وإعداد نسختين منه، واحدة للتوقيع اللبناني عليها وأخرى للتوقيع الإٍسرائيلي، على أن تكون النسختان مقترنتين بتوقيع الوسيط الأميركي وممثل الأمم المتحدة”.
وبحسب المعلومات المتوافرة حول مضمون الاتفاق الذي سيتم إيداعه وتوثيقه في الأمم المتحدة، فإنّه يؤكد على الخط 23 في تحديد حدود لبنان الجنوبية البحرية مع إسرائيل، كما يشمل “ترتيبات أمنية” في هذه المنطقة البحرية تبدأ من عمق 5 كلم بالتعاون مع الأمم المتحدة، من دون المساس بنقطة رأس الناقورة البرية المعروفة بالرمز B1، وذلك بالتوازي مع التزام شركة توتال الفرنسية بالبدء في عمليات الحفر في البلوك رقم 9، بينما ستحصل إسرائيل على نسبة معينة من عوائد الجزء الجنوبي لحقل قانا اللبناني الواقع ضمن هذا البلوك.
رئاسياً، ومع ترقب توجيه رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوته الثانية لالتئام الهيئة العامة على نية انتخاب رئيس جديد للجمهورية منتصف الشهر الجاري، برز أمس تقاطع في المواقف على ضفة كتل المعارضة بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، تأكيداً منهما على الاستمرار في ترشيح النائب ميشال معوض للرئاسة الأولى، على أن تبقى عين المعارضة شاخصة باتجاه ما سيكون عليه موقف تكتل “نواب التغيير” في الجلسة الرئاسية المقبلة.
وفي هذا الإطار، كشف جعجع لقناة “الحدث” أنّ “المفاوضات لا تزال جارية من أجل إقناع أفرقاء المعارضة كافة للإلتفاف حول اسم مرشح واحد”، آملا أن “نصل إلى نتيجة إيجابيّة في هذا الموضوع قبل الجلسة المقبلة”، وذكّر بأنّ معوّض لم يكن على لوائح “القوات” في الانتخابات النيابية “بل نحن ذهبنا باتجاه اعتماد ترشيحه لأنه يمكن أن يكون مرشحاً توافقياً بين أفرقاء المعارضة”، وأردف: “عملياً لدى النائب معوّض 50 صوتاً من أصل 60 صوتاً في (صفوف نواب) المعارضة وبالتالي على العشرة الباقين أن يكونوا ديمقراطيين”.
بدوره، استغرب جنبلاط في إطلالة مسائية عبر شاشة “أل بي سي” اعتراض النواب التغييريين على ترشيح معوض قائلاً: “ما عندي فكرة من أين أتوا باسم سليم إدة!”، مجدداً التأكيد على استمرار كتلة “اللقاء الديمقراطي” في دعم ترشيح معوض وأضاف: “سنُبقي على عنوان ميشال معوض في معركتنا الرئاسية وعندما نقول يجب أن يكون الرئيس توافقياً هذا يعني أن يكون قادراَ على طرح معالجة البنود الخلافية الكبرى بالحوار كمسألة السلاح، ولذلك سيكون لنا حديث مع معوض حول هذا الموضوع لناحية إبقاء حل هذه المسألة ضمن إطار الاستراتيجية الدفاعية بعيداً عن القرار 1559″، مشدداً على أنّ “معوض ليس مرشح تحد بل هو مرشح شهيد الطائف”، بخلاف رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الذي يعتبر “مرشح تحد” من جانب الفريق الآخر، مع إشارة جنبلاط في هذا المجال إلى أنه سبق أن فاتح وفد “حزب الله” الذي زاره في كليمنصو بالموضوع الرئاسي متوجهاً إلى أعضاء الوفد بالقول: “مرشّح التحدي الذي أتيتم به وهو (ميشال) عون كلّف البلاد كثيراً، فهل يمكننا الاتفاق على ألا يكون ثمّة مرشح تحدّ (آخر)؟ لم يجيبوا”.