مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة الأنباء الإلكترونية
فيما الدولار الأميركي يواصل تحليقه فيقضي على ما تبقّى من القيمة الشرائية لليرة اللبنانية متخطياً عتبة الأربعين ألفاً منذراً بأوضاع معيشية مأساوية على أبواب فصل الشتاء، تبدو الأفق مقفلة على الحلول السياسية لا سيما الاستحقاق الرئاسي حيث لا أمل بأي خرق قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، لتبقى الأبواب مفتوحة أمام تشكيل حكومة جديدة سيُحسم مصيرها هذا الأسبوع قبل تحوّل مجلس النواب الى هيئة ناخبة في 21 من الجاري.
لكن يبدو أن هناك صعوبة في موضوع تشكيل حكومة جديدة على عكس الأجواء التي سادت في الأسابيع الماضية، بحسب ما أشار الى ذلك عضو تكتل لبنان القوي النائب أسعد درغام في اتصال مع “الانباء” الالكترونية، لأن الأمور برأيه بعدت كثيراً وكل فريق قام برفع السقف أكثر من اللازم، على حد قوله، ولا يريد أحد ان يتنازل للآخر أقله في هذا الوقت، مستبعداً حصول تبدل في المواقف في اليومين المقبلين إلا في حال ظهور تطورات مفاجئة.
كلام درغام في هذا الملف يتلاقى مع الموقف الذي لفت اليه النائب السابق علي درويش في حديث مع جريدة “الأنباء” الالكترونية، مؤكداً هو الآخر وجود صعوبة كبرى تحول دون تشكيل الحكومة، لكنه لم يجزم بأن الأمور وصلت الى نقطة اللاعودة.
وقال درويش ان “الأيام المقبلة ربما تحمل مفاجآت ليست في الحسبان”، متمنياً تبدّل المواقف والعودة الى التفاؤل لكن الأمور على ما يبدو شبه مقفلة، مذكّرا بأن الرئيس نجيب ميقاتي سعى جاهداً من أجل تشكيل حكومة وهذا واضح للجميع، لكن للأسف بعد المستجدات الأخيرة أصبح من الصعب ان تشكل فيما تبقى من أيام الا في حال حصول معجزة تقلب الأمور رأساً على عقب، مضيفا “في النتيجة يجب أن نحتكم الى الدستور الذي ينص على تولي حكومة تصريف الأعمال صلاحيات الرئاسة في حال الشغور الرئاسي”، مشيراً الى أنه يعوّل كثيراً على مجلس النواب الذي يصبح بعد جلسة الخميس المقبل في العشرين من الجاري بحالة انقاد دائمة، آملاً التوصل إلى انتخاب رئيس جمهورية جديد يباشر على الفور بالدعوة الى تشكيل حكومة جديدة وهذا من شأنه أن يحل المشكلة.
دستورياً، يؤكد رئيس مؤسسة “JUSTICIA” والمرجع القانوني المحامي الدكتور بول مرقص في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أن “الدستور، كما الطبيعة، لا يعرف الفراغ. وهنالك آليات لانتقال الحكم واستمرار المؤسسات، أما “تفريغ المؤسسات” المتعمد من قبل السياسيين، فهذا أمر آخر”.
وأوضح مرقص بأن “الدستور بطبيعته لا ينص على التفاصيل من حيث ماهية الصلاحيات التي زيستنبطها الفقه والاجتهاد الدستوري والأعراف الدستورية التي تؤول إلى القول بأن الحكومة تمارس صلاحيات الرئيس في ظل الشغور الرئاسي، بالمعنى الضيق.”
وأشار الدكتور مرقص إلى أن الدستور “وضع آليات تفصيلية لانتخاب رئيس للجمهورية في المواد 49 و73 و74 و75، وعليه ليس هنالك من عذر دستوري أو في الدستور مطلقا لعدم انتخاب رئيس جمهورية”.
وحول ما يدور في البلاد بشأن ما أصبح يعرف بـ”تعويم” الحكومة، فقد أشار الدكتور مرقص إلى أنه “يمكن أن تكون الحكومة الجديدة مماثلة للحكومة السابقة وهو أمر آخر، ورهن بتوافق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف ورهن إعطاء مجلس النواب الثقة لهذه الحكومة، سواء كانت ذاتها أو مع بعض التعديلات مع اتتي مع الذهاب فورّا لانتخاب الرئيس على اعتبار أن حكومة جديدة يجب أن تنشأ مع بدء ولايته فلا طاقة لنا لهدر المزيد من الوقت والجهد.”
وبالعودة إلى الملف الرئاسي، يلفت مرقص إلى أنه “في حال خلو سدة الرئاسة لأيّ علّة كانت تؤول صلاحيات الرئيس الى مجلس الوزراء٨ وفق المادة 62 من الدستور سواء أكانت الحكومة من قبيل تصريف الأعمال أم حكومة مزاولة أصيلة لا فرق إلا بقدر تصريف الأعمال”، مشيراً إلى أن “ما يؤدّي الى التوسّع قليلاً في هذا الهامش المسمّى “المعنى الضيّق لتصريف الأعمال” هو أن فترة تصريف الأعمال “إذا طالت” فإنها تؤدي الى التوسّع قليلاً في حدود تصريف الأعمال كما أن تسمية رئيس الحكومة نفسه الذي يرأس حكومة تصريف أعمال كرئيس حكومة مكلّف من جديد من شأنها أن تبعث قليلاً من الحياة في مسيرة حكومة تصريف الأعمال على اعتبار أنه هو نفسه الذي كان يفترض أن يشكّل الحكومة الجديدة”.
ويؤكد الدكتور مرقص أن “الفراغ تأبهه النصوص التي نظّمت عملية انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية الى الحكومة بمقتضى المادة 62 من الدستور، لكن أيضاً وخصوصاً أن الدستور نفسه ضمن آلية انتخاب رئيس جمهورية دونما تقاعس من قبل النواب بمقتضى 4 مواد على الأقل من الدستور التي تُلزم المجلس النيابي بالانعقاد حكماً لانتخاب الرئيس فلا يحول دون ذلك سوى تراجع الأخلاقيات السياسيّة الى أدنى حدّ”.
إذا الحكومة الجديدة أمام فرصتها الأخيرة، وإذا لم تتشكل فإن لا فراغ في الدستور، وحكومة تصريف الاعمال ستتولى الصلاحيات في الفترة الفاصلة عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية مهما طالبت أو قصرت.