مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة ” الديار “
أربعة عشر يومًا على انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أربعة عشر يومًا تحمل الكثير من الأحداث التي قد تخرج عن المتوقّع سواء إيجابياً أو سلبياً. بعض المطلعين على خفايا الملفات، يربط بين قرب انتهاء ولاية رئيس الجمهورية وبين بعض الملفات السياسية والقضائية. ويأتي على رأس هذه الملفات، بحسب مصادر سياسية، تشكيل الحكومة، وإن عدم إنجاز هذا الملف سيؤدّي إلى غموض يلّف المرحلة المقبلة التي تتراوح بين صراعات سياسية وصولًا إلى فوضى قد تُترّجم على الأرض ببعض الاحتكاكات بين الشوارع الحزبية.
وتقول المصادر ان الملف الرئاسي سيراوح مكانه في جلسة الخميس المقبل مع تعطيل للنصاب في ظل غياب أي توافق على شخصية تجمع بين محورين لا يجمعهما إلا القليل. هذا التباعد يجسّده موقفان صدرا في اليومين الماضيين لكل من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. فقد قال النائب رعد «اننا نريد رئيسًا للجمهورية يحقق مصلحة البلاد ولديه «رِكب» ولا يأمره الأميركي فيطيع، بل يطيع المصلحة الوطنية»، واضعًا شرطًا أساسيًا للقبول برئيس ألا وهي الإعتراف بدور المقاومة، حيث قال: «هناك صفة يجب أن تكون في رئيس الجمهورية القادم، ونحن معنيون بالتفكير بها ونضعها على الطاولة وهي رئيسُ جمهورية يُقِرّ ويحترِم ويعترف بدور المقاومة في حماية السيادة الوطنية». في المقابل، كان لجعجع كلمة خلال إطلاق دائرة البقاع الشمالي في مصلحة طلاب «القوات اللبنانية»، أن «القوات» لن نقبل برئيس جديد للجمهورية «شو ما كان وكيف ما كان». وشدّد على ان «الرئيس المنتظر عليه ان يتمتّع بمشروع وطرح واضح لخوض خطة الانقاذ الفعلية والقيام بالاصلاحات المتوجّبة علينا واعادة السلطة الى الدولة، فيما الفريق الآخر يتحدث عن رئيس توافقي اي رئيس في أحسن الأحوال «ما بيعمل شي» او رئيس يقوم بأمور تصب في مصلحته كما حصل في السنوات الست الماضية. من هذا المنطلق لن نقبل أي رئيس» لأن بذلك نرتكب جريمة كبيرة».
هذان الموقفان يجسدان انقسامًا واضحًا على الساحة اللبنانية، وأغلب الظن انه لن يؤدّي إلى إتمام الإستحقاق الرئاسي في مواعيده الدستورية. إلا أن اللافت في الحديثين أن أيًا من الأطراف لا يمتلك القدرة بمفرده أو بتحالفاته الحالية على الإتيان برئيس للجمهورية. من هذا المنطلق، من المتوقّع أن يبقى الإستحقاق الرئاسي رهينة أو توافق داخلي أو ضغوطات خارجية.
النائب جبران باسيل من جهته، وفي مناسبة 13 تشرين، قصف جبهات عديدة في خطابه مستهدفا كلاً من «القوات اللبنانية» و»حركة أمل» و»المردة»، بالإضافة إلى الهجوم التقليدي على حاكم مصرف لبنان. هذا الموقف الحاد الذي أطلقه باسيل، برّره أحد المراجع السياسية بالقول ان باسيل يستمد قوة خطابه من موقف الحزب الأساسي في الملف الرئاسي. ويضيف المرجع، سواء اعترفت القوى السياسية أو لم تعترف، لا رئيس للجمهورية من دون موافقة حزب الله وهذا الأمر محسوم. وبالتالي، فإن المزايدات التي يقوم بها أقطاب ما كان يُعرف بـ «14 أذار» يرفعون السقف للحصول على الأقل، وهم يعلمون تمام المعرفة أن مصيرهم التوافق مع الحزب لانتخاب رئيس للجمهورية.
وعن التوقّعات عن تاريخ انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يقول المرجع ان التخمينات في ما خصّ تاريخ الإنتخاب لا تصلح الا على المدى المنظور، وحتى الساعة لا شيء يوحي بأن هناك إمكانا لمثل هذا الأمر.
تشكيل الحكومة
على صعيد آخر، لا تزال محركات تشكيل الحكومة مطفأة. فبعد معلومات عن أن رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي في صدد تحضير تشكيلة لعرضها على رئيس الجمهورية، ردّت مصادر ميقاتي بالقول إن التشكيلة موجودة عند رئيس الجمهورية، وإن ميقاتي بانتظار جواب فخامة رئيس الجمهورية. وبالتالي، فإن الأمور باقية في نطاق الأخذ والردّ لحين ظهور معطيات جديدة.
وكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن أن هناك حكومة ستبصر النور في الأيام العشرة الأخيرة قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية، إلا أن التعقيدات التي ظهرت خلال النقاشات الأخيرة من ناحية أن باسيل يريد تغيير كل الوزراء المسيحيين في الحكومة ورفض رئيس الحكومة هذا الأمر، يجعل من الصعب تخيّل شكل الحكومة التي قد تتشكّل. وتتحدّث بعض الأوساط السياسية عن أن باسيل في صدد القبول بتغيير اسمين فقط لمصلحة اسمين آخرين، منهما النائب السابق إيدي معلوف.
على كل الأحوال الأمور ضبابية، الا ان دعوة السفارة السويسرية إلى عشاء يوم الثلاثاء المقبل يجمع شمل القوى السياسية اللبنانية الممثلة في المجلس النيابي، وذلك في عملية تمهيد لجلسات حوار رسمية تُعقد في جنيف، وتهدف إلى طرح ورقة سياسية تسمح لهذه القوى بتخطّي الإنقسامات وإعادة تكوين السلطة التنفيذية بشقّيها الرئاسي والحكومي، ولكن أيضًا وضع خارطة طريق لعملية التعافي الإقتصادي بعناوينها الكبيرة. ولم يُعرف حتى الساعة ما هي الدول وراء هذه الدعوة ومن صاحب الرعاية الحقيقية لهذا المؤتمر.
جلستان نيابيتان
نيابيًا، يشهد المجلس النيابي جلستين هذا الأسبوع، الأولى يوم غد الثلاثاء لتجديد «مطبخه الداخلي» مع بدء الدورة العادية الثانية للمجلس التي تنتهي أواخر هذا العام. وكان الرئيس بري قد دعا إلى عقد جلسة عامة في تمام الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الثلاثاء لانتخاب أمينَي سر وثلاثة مفوضين وأعضاء اللجان النيابية. وسيلي هذه الجلسة أخرى تشريعية على جدول أعمالها عدد من البنود التي تشمل مشاريع واقتراحات القوانين، من بينها إعادة التصويت على قانون السرية المصرفية، وإبرام اتفاقيات.
وتشير المعلومات إلى أن اقتراح القانون المعجّل المكرر الذي تقدّم به النائب بلال عبد الله قد يتمّ سحبه من على جدول أعمال جلسة الثلاثاء بسبب عدم تأمين توافق عليه. الجدير ذكره أن هذا مشروع القانون المعجّل المكرر، يرمي إلى تأجيل تسريح وتمديد سن التقاعد لمديرين عامين وضباط في الجيش وقوى الأمن والأمن العام، والذي يسمح من خلاله لعدد من المديرين العامين والضباط الذين يشغلون مراكز هامة وحساسة بالاستمرار في المراكز التي يشغلونها لمدة سنتين من تاريخ نفاذ هذا القانون. أما جلسة الخميس المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية، فمن المتوقّع أن يتمّ تأجيلها كما حصل في جلسة الخميس الماضي لعدم إكتمال نصاب جلسة الإنتخاب والتي تستوجب حضور 86 نائبًا.
إلى هذا، لم تنته بعد «سكرة» الإحتفالات بإنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، وآخر ظهور لهذه السكرات خُطاب باسيل الذي أخذ لنفسه رصيد إنجاز هذا الملف. هذا الكلام سحقه النائب محمد رعد الذي قال «هذا العدو أقرّ باستخراج الغاز من مياهنا الإقليمية، لماذا اقرّ؟ لأنّ المقاومة هي التي فرضت على هذا العدو الإذعان ولولا قوّة المقاومة وسلاحها وخوف العدوّ من أن يخوض حربًا ستكون مُكلِفة له في هذه الأيام، لما أقدم على هذا التفاهم».
وعود الكهرباء
على الصعيد الاجتماعي، كان لافتًا تصريح الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود عاموس هوكشتاين الذي قال في تصريح تلفزيوني انه «عند استخراج الغاز الطبيعي سنتأكد من أن يحظى لبنان بـ 24 ساعة تغذية كهربائية قبل كل شيء والأمر سيتم بشكل سريع، وأعتقد أن اللبنانيين يستحقون دولة تعمل لمصلحة مواطنيها». هذا التصريح أثار ردّات فعل كثيرة حيث اعتبر البعض (خصوصًا على مواقع التواصل الاجتماعي) أن اللبنانيين شبعوا وعودًا، في حين اعتبر البعض الآخر ان الولايات المتحدة الأميركية تستطيع التحكّم بالملف الكهربائي بحكم قدرتها على إعطاء wavers لاستجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن وقدرتها على التأثير في قرار البنك الدولي من ناحية التمويل. وبالتالي يرى هؤلاء أن هذا التصريح يجب أن يؤخذ على محمل الجد، خصوصًا أن الحضور الأميركي في الشرق الأوسط عاد بزخم قوي مع الإنشغالات العديدة لروسيا في حربها على أوكرانيا، وهو لن يُخلي الساحة بشكل شبه كامل للأميركيين