مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “نداء الوطن”
يواصل اللبنانيون تدحرجهم على مزالق الانهيار وقد تصدروا أمس ترتيب الشعوب “الأكثر تعاسة” في المنطقة العربية بحسب نتائج تقرير غالوب العالمي للعام 2022 الذي يعتمد مقياس “مشاعر الضغوط والحزن والغضب والقلق والآلام الجسدية التي يعاني منها الناس يومياً في دولهم”، ويستمر أهل الحكم في الحفر تحت أقدام اللبنانيين ووأد كل الفرص الهادفة إلى منع صبّ “زيت الشغور” على نيران “جهنم” التي أضرمتها سلطة 8 آذار في هشيم البلد وأوصلته إلى ما وصل إليه على مدى سنوات عهدها الست الأخيرة.
وبالأمس، جدد “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” والحلفاء في قوى الثامن من آذار عزمهم على منع إنجاز الاستحقاق الرئاسي في ما تبقى من مهلته الدستورية، فصوّت نوابهم بـ55 ورقة بيضاء لصالح فرض الشغور في سدة الرئاسة الأولى مقابل ارتفاع حاصل الأصوات النيابية العازمة على إنجاز الاستحقاق إلى 42 صوتاً لمصلحة مرشح المعارضة النائب ميشال معوض مع غياب نائبين عن الجولة الرئاسية الثالثة من الداعمين لترشيحه ما يرفع رصيد التصويت له عملياً إلى 44، الأمر الذي وضع كتلتي “التغييريين” و”الاعتدال الوطني” تحت مجهر المساءلة الشعبية والمسؤولية الوطنية عن تضييع فرصة الوصول إلى أكثرية 65 صوتاً قادرة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الدورات الانتخابية الثانية عبر الإحجام عن ضمّ أصواتهم الـ22 إلى أصوات كتل وتكتلات المعارضة الـ44 في صندوق الاقتراع.
وإذ سُجل في لعبة موازين القوى في الجلسة الرئاسية الثالثة تناقص أعداد الأوراق البيضاء، بعدما خسرت “جبهة الشغور” من رصيدها 8 أوراق من أصل 63 في الجلسة الأولى، مقابل رفع المعارضة رصيدها بواقع 8أصوات، برزت إثر تطيير “التيار الوطني” و”حزب الله” وكتل 8 آذار نصاب الجلسة الثانية ورفعها إلى الاثنين المقبل من قبل رئيس المجلس نبيه بري، مجاهرة نواب “القوات اللبنانية” و”اللقاء الديمقراطي” بتحميل النواب التغييريين مسؤولية مباشرة عن إيصاد أبواب الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية عبر اعتماد تصويت فولكلوري واستعراضي لا ينفع ولا يدفع باتجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وطالبوهم بـ”الحسم” في توجهاتهم وترشيحاتهم الرئاسية قبل جلسة الاثنين لتعزيز فرصة التوافق جدياً مع سائر كتل المعارضة على رئيس سيادي إصلاحي إنقاذي والعمل سوياً على إحباط مخطط الشغور في سدة رئاسة الجمهورية.
ومساءً، كانت إطلالة متلفزة لرئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع شددت بهذا المعنى على ضرورة توحيد أصوات نواب المعارضة والتغيير لتحصيل أكثرية الـ65 المطلوبة في الدورات الانتخابية الثانية وإلا فإنّ بعض هؤلاء النواب يتحمّلون “ولو جزئياً مسؤولية وصول البلاد إلى الفراغ الرئاسي في حال وصلنا إليه”. ومع تأكيد جعجع على كون “الفريق الأساسي الذي يتحمّل مسؤولية هذا الفراغ هو بالطبع فريق الممانعة الذي يصوّت بورقة بيضاء”، فإنه حذر النواب التغييريين في الوقت عينه من أنّ استمرارهم “بحرق أصواتهم وهدرها بالتصويت لشعارات من هنا وتعابير من هناك” سيعني أنهم “من حيث يدرون أو لا يدرون يساعدون فريق “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” في تعطيل الإنتخابات الرئاسيّة”.
وعلى هذا الأساس، توجه جعجع إلى “أصحاب الـ22 صوتاً” مجدداً مناشدتهم المسارعة إلى “طرح حل عملي” على كتل المعارضة الداعمة لترشيح معوّض وعدم الاكتفاء فقط بالتصريح والانتقاد “من أجل الوصول إلى انتخابات رئاسيّة في فترة العشرة أيام المتبقيّة”، وأضاف: “فليختاروا لجنة تتكلم باسمهم لنجلس معها، ونحن منفتحون على جميع الحلول (…) لأنّ الطرف القادر على إنقاذ البلد من الفراغ الرئاسي قوامه اليوم هؤلاء الـ22 نائباً الذين يعمدون إلى حرق أصواتهم” من دون طائل.
توازياً، وإذ يستعد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتدشين باكورة نشاطاته على رأس السلطة التنفيذية في مرحلة الفراغ الرئاسي من خلال ترؤسه وفد لبنان الرسمي إلى القمة العربية في الجزائر في اليوم التالي لانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، في 1 تشرين الثاني المقبل، برز في المشهد الداخلي أمس تدشين المجلس الدستوري الدفعة الأولى من قراراته حيال الطعون الانتخابية المقدّمة أمامه، فردّ خمسة طعون من أصل خمسة عشر طعناً، مثبّتا بنتيجتها نيابة كل من النواب فراس حمدان والياس الخوري وبلال الحشيمي وسعيد الأسمر وجميل عبود، في حين يتحضر المجلس لإصدار الدفعات التالية من قراراته في الطعون المتبقية بدءاً من الأسبوع المقبل كما أكد رئيسه القاضي طنّوس مشلب إثر انتهاء جلسة امس.