مجلة وفاء wafaamagazine
نشر موقع “مينت برس نيوز”، مستنداً إلى مجموعة من الوثائق والمستندات، تقريراً مطولاً يتحدث عن كيفية توظيف الألعاب الإلكترونية في حرب الدعاية والسرديات الأميركية، والتي تعزز مصالح الأمن القومي الأميركي، ولاسيّما لعبة call of duty، التي أضافت مؤخراً مهمّة قتل قائد قوة القدس، الجنرال الشهيد قاسم سليماني، إلى لعبتها.
يقول الموقع إنّ “اللعبة كانت متاحة منذ أقل من ثلاثة أسابيع، لكنّها، في غضون عشرة أيام، أثارت الجدل بالفعل، نتيجة أسباب، ليس أقلّها أنّ المهمّات تشمل اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني”، مشيراً إلى أنّ “اللعبة حققت أكثر من مليار دولار من العائدات”.
ويؤكد “مينت برس نيوز” أنّ “Call of Duty هو عملاق ترفيهي، باع ما يقارب نصف مليار لعبة منذ إطلاقه عام 2003. أمّا ناشره فهو Activision Blizzard، عملاق صناعة الألعاب”.
ويضيف أنّه “مع الفحص الدقيق للموظفين الرئيسيين لدى Activision Blizzard وعلاقاتهم بسلطة الدولة، بالإضافة إلى التفاصيل المستقاة من المستندات التي تمّ الحصول عليها بموجب قانون حرية المعلومات، يظهر أنّ Call of Duty ليست لعبة إطلاق نار محايدة، لكنّها مصمَّمة بعناية لمصلحة الدعاية الأميركية العسكرية، والمتعلقة بتعزيز الأمن القومي الأميركي.
In the first five minutes the new Call of Duty has you pilot the missile that kills Soleimani lol
— sad because the female faceapp of me isnt fuckable (@websiteidi0t) October 20, 2022
“مجمع عسكري ترفيهي”
ويقول الموقع إنّه “لطالما كشفت السجلات قيام الاستخبارات الأميركية باستهداف ألعاب Activision Blizzard، واختراقها”، مضيفاً أنّ “الوثائق، التي أصدرها إدوارد سنودن، كشفت أنّ وكالة الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الدفاع تسللت إلى عوالم الإنترنت الشاسعة، مثل World of Warcraft، وخلقت شخصيات وهمية لمراقبة “النشاط غير القانوني المحتمل”، وتجنيد المخبرين.
وتابع “مينت برس نيوز”: “في الواقع، في مرحلة ما، كان هناك كثيرون من الجواسيس الأميركيين في لعبة فيديو واحدة، إلى درجة أنّهم اضطُروا إلى إنشاء مجموعة عدم تضارب”، لأنهم كانوا يضيّعون الوقت في مراقبة بعضهم البعض، عن غير قصد. وكتبت وكالة الأمن القومي أنّ الألعاب الافتراضية كانت فرصة وشبكة اتصالات غنية بالأهداف”.
ويضيف الموقع أنّ “الوثائق، التي حصل عليها الصحافي والباحث توم سيكر، تُظهر أنّ الروابط بين الأمن القومي وصناعة ألعاب الفيديو تتجاوز هذا الأمر، إلى حد بعيد، وتؤسس تعاوناً نشطاً”.
ويشير “مينت برس نيوز” إلى أنّ القوات الجوّية الأميركية، في أيلول/سبتمبر 2018، على سبيل المثال، “نقلت مجموعة من المديرين التنفيذيين للترفيه – بمن في ذلك منتج Call of Duty / Activision Blizzard Coco Francini – إلى مقرهم الرئيس في Hurlburt Field، في فلوريدا. وكتبوا أنّ السبب الواضح لذلك هو عرض أجهزتهم، وجعل صناعة الترفيه أكثر دعاية موثوق بها لآلة الحرب الأميركية”.
ويضيف الموقع أنّه “من خلال التعاون مع صناعة الألعاب، يضمن الجيش تصوراً إيجابياً يمكن أن يساعده على الوصول إلى أهدافه”.
مخططو الحرب
يقول “مينت برس نيوز” إنّه “بتمويل من شركات الأسلحة وحلف شمال الأطلسي وحكومة الولايات المتحدة، يعمل مجلس الأطلسي على وضع استراتيجيات بشأن أفضل السبل إلى إدارة العالم. كما توجد في مجلس إدارته شخصيات بارزة، مثل هنري كيسنجر وكوندوليزا رايس، وعدد من الجنرالات المتقاعدين، وما لا يقل عن 7 مديرين سابقين لوكالة الاستخبارات المركزية. وعلى هذا النحو، يمثل المجلس الأطلسي الرأي الجماعي لوكالة الأمن القومي”.
ويضيف الموقع أنّ “إثنين من موظفي Call of Duty الرئيسيين يعملان أيضاً في المجلس الأطلسي. تشانس غلاسكو، المؤسس المشارك لمطوّري Infinity Ward، الذين أشرفوا على الصعود السريع لامتياز اللعبة، يقدّم المشورة إلى كبار الجنرالات والقادة السياسيين بشأن آخر التطورات في مجال التكنولوجيا. وهناك أيضاً مصمم اللعبة والمنتج، ديف أنتوني، وهو أيضاً موظف في Atlantic Council، وانضم إلى المجموعة في عام 2014. ومهمته تقديم المشورة بشأن الشكل الذي سيبدو عليه مستقبل الحرب، كما أنه يضع استراتيجيات لحلف الناتو من أجل القتال وفقاً لها”.
ويقول “مينت برس نيوز” إنّ “أنتوني لم يُخفِ أنّه تعاون مع وكالة الأمن القومي الأميركية في أثناء صنع امتياز Call of Duty. عندما قال “كان شرف لي أن أستشير الملازم الأول الكولونيل، أوليفر نورث، بشأن قصة بلاك أوبس 2″، مضيفاً أن “هناك كثيراً من التفاصيل الصغيرة التي لم يكن من الممكن أن نعرف عنها أبداً من دون مشاركته”.
“ألعاب الحرب”
وبشأن تفاصيل اللعبة، يقول الموقع إنّه “في المهمة الأولى، يجب على اللاعبين تنفيذ ضربة عبر طائرة من دون طيّار ضد شخصية، تدعى الجنرال غرباني”، وهو يحمل تشابهاً صارخاً مع الجنرال الإيراني قاسم سليماني، مضيفاً أن “من الواضح أنّ المهمّة هي إعادة إحياء ضربة الطائرات من دون طيّار، غير القانونية، التي شنتها إدارة ترامب عام 2020 ضد سليماني”. ويتابع أنّ “اللعبة تُصوّر شخصية شبيهة بسليماني، وهي تعقد صفقة أسلحةٍ مع الروس”، الذين يبدون “سعداء للغاية برؤيته”.
ويقول “مينت برس نيوز” إنّ “سليماني شكّل القوّة الرئيسة في هزيمة إرهاب داعش في جميع أنحاء الشرق الأوسط”، مشيراً إلى أنّ استطلاعات الرأي، التي أجرتها الولايات المتحدة، وجدت أنّ سليماني ربما كان الزعيم الأكثر شعبية في الشرق الأوسط، إذ إنّ أكثر من 80% من الشعب الإيراني كانوا يؤيدونه.
ويضيف الموقع أنّه “بعد عملية الاغتيال، نشرت وزارة الخارجية الأميركية كذبة، مفادها أنّ سبب مقتل سليماني هو أنّه كان على وشك تنفيذ هجوم إرهابي ضد الأميركيين، لكنّه، في الواقع، كان في بغداد من أحل إجراء محادثات سلام مع السعودية”.
ويشير “مينت برس نيوز” إلى أنّه “كان من الممكن أن تؤدي هذه المفاوضات إلى سلام بين البلدين، وهو الأمر الذي لم تكن الحكومة الأميركية ترغب فيه. وتابع أن “رئيس الوزراء العراقي آنذاك، عادل عبد المهدي، كشف أنّه طلب شخصياً إلى الرئيس ترامب الإذن بدعوة سليماني. وافق ترامب، ثمّ انتهز الفرصة لتنفيذ عملية القتل”.
لذلك، مثلما تقوم Activision Blizzard بتجنيد كبار مسؤولي وزارة الخارجية من ذوي الرتب العليا، تحتفل ألعابها بالاغتيالات الأكثر إثارة للجدل في وزارة الخارجية نفسها.
ويشير الموقع إلى أنّها ليست المرة الأولى، التي تصدر فيها Call of Duty تعليمات إلى اللاعبين الصغار بقتل القادة الأجانب. ففي Call of Duty Black Ops (2010)، يجب على اللاعبين إكمال مهمة قتل الزعيم الكوبي فيدل كاسترو. وإذا تمكنوا من إطلاق النار عليه في رأسه، فستتم مكافأتهم بمشهد حركة بطيئة دموية إضافية، والحصول على كأس برونزية، اسمها “الموت للديكتاتوريين”. وبالتالي، يضطر اللاعبون إلى تنفيذ ما فشلت واشنطن في القيام به رقمياً، في أكثر من 600 حدث.