مجلة وفاء wafaamagazine
«خدمة مرور الزمن» التي يستفيد منها العناصر الفارّون من ميليشيا العملاء لتجاوز عقبة التوقيف، أتاحت لبعضهم العودة في الزمن إلى سياسة التهديد والوعيد، كما في قضية العميل نبيه عليق الذي استغل هذه «الثغرة القانونية» ليعود إلى بلدته عيترون، قضاء بنت جبيل، ويمكث أشهراً رغم تاريخه وتاريخ أسرته الحافل بالتعامل. عليق الذي ما إن أنهى «إجازته» وغادر إلى ألمانيا، حتى تحوّل إلى «أبو علي»، متوعّداً بـ«تصفية الحساب» مع من يتهمهم بفضح تاريخه والوقوف وراء إشاعة الأخبار حول قدومه إلى لبنان، فيما علمت «الأخبار» بأن عدداً ممن وجّه إليهم تهديدات عبر الهاتف في صدد التقدم بإخبار في حقه الأسبوع الجاري.
وكان علّيق قد دخل إلى لبنان عبر مطار بيروت الدولي في 29 آب الماضي. وبعد تدقيق عناصر الأمن العام في أوراقه، تبيّن أن اسمه وارد ضمن «البرقية 303» التي تعنى بالمطلوبين في حالات الإرهاب والعمالة، فأُبلغ القضاء المختص الذي أشار بتوقيفه وإحالته إلى مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني بجرم الانتماء إلى «ميليشيا لبنان الجنوبي» ودخول بلاد العدو. وبعد استماع الاستخبارات إليه، أشار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي بتركه رهن التحقيق، ثم أصدر مذكرة إلى الأمن العام أشار فيها بمنعه من السفر ومتابعته أمنياً. لكن عقيقي عاد وأصدر في 19 أيلول الماضي إشارة أخرى مناقضة قضت بإلغاء «منع السفر»، ما أتاح للعميل تسلّم جواز سفره مجدداً.
لكن، وعملاً بالسياسة الجديدة التي قرّر بعض ضحايا العملاء من الأسرى المحررين اعتمادها للاستمرار في ملاحقة جلاديهم أمام القانون، قدّمت مجموعة من هؤلاء إخباراً لدى النيابة العامة العسكرية في 4 تشرين الأول الماضي حمل الرقم 17194/2022، أحيل إلى الجهة المختصة (استخبارات الجيش) التي أحالته إلى مكتب استخبارات الجنوب. واقتصر تعامل المكتب مع الطلب على متابعة عليق لعدم وجود أي مستند قانوني، ولعدم صدور أي إشارة قضائية أخرى عن عقيقي الذي بدا أنه التزم بمقتضى إشارته الأولى وحاصر نفسه بعامل «مرور الزمن» والاكتفاء بتوقيف العميل السابق 4 أيام على ذمة التحقيق لدى استخبارات الجيش، علماً أن مصادر قانونية أكّدت لـ«الأخبار» توفر احتمال قانوني يتيح للنيابة العامة العسكرية التوسع في التحقيقات ربطاً بالمعطيات التي وردت في الإخبار، وبسلسلة مقالات وردت في «الأخبار» حينها، أشارت إلى شبهة توزيع العميل مساعدات اجتماعية وأموالاً على بعض الأشخاص. ورأت المصادر أن «احتمال توفر جرم آخر قائم خارج إطار مرور الزمن، ويمكن استغلاله في العودة إلى توقيف العميل والتوسع في التحقيق معه». مع ذلك، لم يشأ عقيقي التوسّع، وبرّرت مصادر «العسكرية» ذلك، أولاً، بـ«مرور الزمن»، وثانياً بـ«الاعتكاف القضائي» رغم عدم تأثرها بهذا الاعتكاف.
بصرف النظر عن العطب القضائي الذي يبرّر به القضاء عدم التعامل مع ملفات العملاء بـ«المواد الجامدة»، رغم توفر مساحة تتيح له الاستعانة بمواد أخرى، تبقى المسؤولية قائمة على المشرّع اللبناني الذي يتجاهل تعديل التشريعات والقوانين المرتبطة بعامل مرور الزمن في حقّ العملاء، والتي يستفيد منها هؤلاء لتسوية أوضاعهم.
الأخبار