مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة النهار
مع عطلة عيد الميلاد التي لم تشهد أي تطور عام سوى المواقف والدعاءات الصادرة عن المراجع الدينية المسيحية في ما يتصل بالازمة الرئاسية تترقب الأوساط السياسية مرحلة ما بعد الأعياد لبلورة أي اتجاه ستسلكه الازمة اذ بات في حكم المؤكد ان ثمة تخوفا من مرحلة انسداد طويلة ستترك الكثير من التداعيات السلبية . ولعل العامل اللافت في هذا السياق ان أي اتجاه داخلي او خارجي محدد لمحاولات الخروج من ازمة الفراغ الرئاسي ليس واضحا ومؤكدا بعد وان كل ما اثير في الفترة الأخيرة عن مبادرات من هنا وهناك لم يكن سوى رهانات غير مستندة الى وقائع جدية . واما في المشهد الداخلي فان مرحلة ما بعد رأس السنة ستحدد الاتجاه الذي ستسلكه جلسات انتخاب رئيس الجمهورية التي يصعب ان تستأنف على النمط نفسه الذي اتخذته الجلسات العشر السابقة التي انعقدت والتي لم تفض الى أي نتائج وأثارت عواصف الانتقادات للطابع الذي سلكته . وثمة من يعاود الكلام عن احياء فكرة الحوار الموازي او المترافق او المواكب لجلسات الانتخاب ولكن من دون اي ضمانات بان مصير هذا الاتجاه سيكون افضل من الدعوات التي اطلقت سابقا للحوار ولم تنجح في تشكيل مناخ اجماعي على تلبية أي من تلك الدعوات .
في غضون ذلك بدا لافتا ان البابا فرنسيس خص لبنان بلفتة خلال عظته امس في قداس الميلاد في الفاتيكان، إذ قال في كلمته: “ساعد يا ربّ لبنان ليتمكّن من التّعافي بدعم الجماعة الدوليّة وبقوّة الأخوة والتضامن”.
اما في لبنان فكان موقف جديد للبطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي دعا المسؤولين إلى الكفّ عن تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، معتبراً أنّ “الكبرياء يمنع السياسيين من التلاقي والتحاور للخروج من الأزمة”. وقال الراعي، في عظة عيد الميلاد من الصرح البطريركي في بكركي، إنّ “الكبرياء يمنع السياسيين من التلاقي والتحاور من أجل الخروج من أزمة انتخاب رئيس، فيما أنين الشعب الجائع والمقهور لا يبلغ آذان قلوبهم وضمائرهم”، سائلاً: “أين هم من وجه الرحمة الذي انكشف لنا في الميلاد؟”. وأضاف: “ليكفوا عن تعطيل انتخاب رئيس لكي تعود الحياة الطبيعية إلى المؤسسات الدستورية وتخرج البلاد من أزماتها القاتلة الاقتصادية والمالية والشعب من فقره وحرمانه وقهره”. يشار الى ان الرئيس السابق ميشال عون وعددا من نواب “تكتل لبنان القوي ” بينهم جبران باسيل كما الوزير السابق زياد بارود حضروا قداس بكركي .
ولدى مغادرته الصرح البطريركي بعد قداس الميلاد، إكتفى باسيل بالقول رداً على سؤال عن موعد لقائه المقبل بالنائب تيمور جنبلاط: “عم نعمل كتير لقاءات ما عم تعرفوا فيها وعم تكمشونا بكم وحدة بس”.
ورداً على سؤال عن العلاقة مع جنبلاط قال: “ماشي الحال وانشاء الله مع الكل”.
وكشف انه “سيكون لهم مبادرة واضحة في الأسبوع الأول من السنة الجديدة”.أضاف: “مش رح نفرّص”.
من جانبه أكد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، المطران الياس عودة أن “الحكم نزاهة وترفع واهتمام بشؤون الناس الصغيرة قبل الكبيرة. إن السياسة البعيدة عن الفضائل مصيبة على المجتمع، لذا يرزح مجتمعنا تحت ثقل عقم أفكار السياسيين وأفعالهم. لقد طال انتظار شعبنا عودة العزة والسيادة والكرامة والحياة الهانئة فإذا بهم يعاينون كافة أشكال الذل والفقر والإستهانة بحقوقهم والتعدي على الكرامات وعلى الأملاك الخاصة والعامة، وعلى القريب والغريب، وعلى الدستور والقوانين، حتى يئسوا وملوا وخاب ظنهم بكافة المسؤولين، بمن فيهم النواب الذين انتخبوهم، وما عادوا يتوقعون إتمام انتخاب رئيس، وما عادوا ينتظرون جلسات الخميس الهزلية العقيمة. حتى العيد لم يعد مصدر فرح بسبب الضائقة المالية وقصر ذات اليد وانهيار سعر الليرة”. واضاف في عظة الأحد: “أما الطبقة السياسية المفروض أن تكون من النخبة التي تحسن إدارة البلاد ومعالجة الأزمات واتخاذ القرارات الصائبة، وأن تكون قدوةً للمواطنين، فقد أصبحت لعنةً عليهم، تكتفي بالتفرج على معاناتهم. هل من يفكر بالعائلات المحرومة أدنى سبل الحياة، وبالأطفال الجياع، والمرضى بلا دواء، والمسجونين بلا محاكمة والحزانى والأيتام؟”.وسأل “إلى متى السكوت عن تعطيل الدولة والإستخفاف بالواجبات وقهر الناس؟ إلى متى التغاضي عن التجاوزات والتساهل مع التعدي على صلاحيات الدولة والسكوت عن السلاح المنتشر وعن كل جريمة ترتكب؟ هل هكذا تبنى الأوطان وتحصن؟ وإلى متى نسكت عن شريعة الغاب تعم، وكل ينفذ مخططه؟ وإلى متى التآمر على التحقيق في جريمة المرفأ، وإلى متى تعطيل التحقيق وتهريب الحقيقة منعاً للعدالة؟ صلاتنا في هذا العيد المبارك أن ينعم الله على الجميع بسلامه، وبرحمته ونعمه، وأن يغرس الصبر والرجاء في قلوب أبناء شعبنا الحبيب، وينير أذهان المسؤولين ويحيي ما تبقى من ضمائر، حتى نصل جميعنا معًا إلى الخلاص المرتجى، في هذا الدهر، وفي الآتي”.
وفي المقابل ناشد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان القيادات الروحية والسياسية بقوله: “الناس تلفظ أنفاسها، والدولة مهددة، واللعبة الدولية الإقليمية تستثمر بالقطيعة والخراب، والشحن السياسي والإعلامي والطائفي يلهب النفوس، والمتاريس لحظة، والنار دمعة، ولبنان أمانة الرب، والمطلوب إنقاذه سريعا عبر الحوار والتلاقي والمؤسسة الدستورية الوطنية المخولة قيادة هذا الإنقاذ هي مجلس النواب. المطلوب من الكنيسة والمسجد ومن القيادات الروحية والسياسية تدشين صرخة وطنية روحية للحوار بعيدا عن اللعبة الدولية. والقواعد الإلهية تعني أن نكون عائلة وطنية واحدة بعيدا عن بازار العالم”.
أضاف: “للقيادات الروحية والسياسية أقول: من يؤمن بالمسيح ومحمد يؤمن بالحوار والتلاقي لإنقاذ بلدنا وناسنا ومشروع دولتنا الذي يحتضر. وليعلم الجميع أن هذا البلد لا يعيش إلا بالمصالح المشتركة. المطلوب الاتفاق على رئيس مصالح مشتركة لإنقاذ هذا البلد من أسوأ ورطة بتاريخه. ومن طيف أثير المسيح أقول: لا للطائفية ولا للقطيعة ولا للتطرف ولا للتدويل ولا للتبعية ولا للانتظار ولا للتعطيل ولا لإنهاك هذا البلد ولا للكارتيلات التي تضغط بكل ترسانتها لنسف صيغة لبنان أو الاستسلام. المطلوب أن نفاوض أنفسنا لا أن نفاوض الغير، والتعويل على الصفقات الدولية يعني وضع البلد على حد السكين، والسلام الوطني يبدأ من اعتقادنا أننا شعب واحد، والقطيعة جائزة إبليس، والأهم وفقا لوصايا المسيح ومحمد إنقاذ لبنان من لعبة التفريق والتمزيق والعداوة والكانتونات وأن نخجل من الخطيئة الوطنية، ومن يؤمن بالمسيح ومحمد يؤمن بالحوار الوطني كطريقة حصرية لإنقاذ لبنان”.
في سياق اخر برز تطور يتعلق بسلّيم “حزب الله” الجيش اللبناني المشتبه به الأساسي بإطلاق النار الذي استهدف آلية لقوة الأمم المتحدة الموقتة أسفر عن مقتل عنصر إيرلندي، وفق ما كشف مسؤول أمني لوكالة الصحافة الفرنسية امس .
وقال المسؤول الأمني الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن “مطلق النار الأساسي على دورية اليونيفيل بات موقوفاً لدى الأجهزة الأمنية، بعدما سلّمه حزب الله” للجيش خلال الساعات الماضية، مشيراً إلى أن تسليمه “جاء في سياق تعاون حزب الله مع التحقيق الذي تجريه مخابرات الجيش”. واعتبر أن المشتبه به “قد يكون حزبياً، لذلك تمكن الحزب من توقيفه وتسليمه”.
وقال مصدر قضائي لبناني قبل أيام إن الدورية كانت مراقبة مسبقاً، وتمت مطاردتها “من قبل سيارة كان يستقلها مسلّحون، وقد تعرضت لمضايقات واعتراض في نقطتين قبل وصولها إلى موقع الحادث”، مشيراً إلى أن أكثر من شخص شاركوا في إطلاق النار، بحيث طالت سبع طلقات الآلية وأصابت احداها الجندي القتيل في رأسه من الخلف.
وأكد المسؤول الأمني أن “المشتبه به الأساس بات بتصرف التحقيق”، مشيراً إلى أن “التحقيقات الأولية اقتربت من نهايتها، وقد تفضي إلى توقيف آخرين”.