الرئيسية / آخر الأخبار / رياض سلامة يعايد اللبنانيين بالفوضى والطوابير عودة طوابير المحروقات… ومصارف قد لا تفتح أبوابها الثلاثاء

رياض سلامة يعايد اللبنانيين بالفوضى والطوابير عودة طوابير المحروقات… ومصارف قد لا تفتح أبوابها الثلاثاء

مجلة وفاء wafaamagazine

قبيل أيام على نهاية عام آخر من الانهيار النقدي والمالي والاقتصادي، أراد حاكم مصرف لبنان معايدة اللبنانيين بمزيد من الفوضى في السوق السوداء وداخل المصارف، وإعادة تذكيرهم بقدرته على إعادتهم إلى طوابير الذل أمام محطات الوقود. ولأن لا وجود لمن يلجم الحاكم الذي يعمل رئيس الحكومة وفق أوامره ويمنحه صلاحيات مطلقة، وقع المواطنون مجدداً ضحية بياناته الكاذبة التي لا يستفيد منها سوى فريقه المحظي


مرة أخرى، أدخل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة البلاد في دوامة تعاميمه الاعتباطية التي لم تؤد سوى إلى مزيد من الفوضى والتخبط لا سيما في قطاع المحروقات. فالقرار الذي أصدره أول من أمس برفع دولار منصة «صيرفة» إلى 38 ألف ليرة والإعلان عن إمكانية الأفراد والمؤسسات والشركات اللجوء إلى المصارف لاستبدال ليراتهم بدولارات وفق هذه المنصة، بقي حبراً على ورق. على رأس الخاسرين كان المواطنون الذين هرعوا لتحويل ما يحملونه من دولارات إلى ليرات لبنانية على أساس سعر صرف السوق الموازية (بين 43 و44 ألف ليرة) للإفادة من الهامش الضئيل بين سعر صرف المنصة وسعر السوق السوداء، ففوجئوا بامتناع كل المصارف، من دون استثناء، عن تنفيذ التعميم بحجة أن لا دولارات لديها وأنها لا تزال تنتظر بياناً توضيحياً من مصرف لبنان. وبحسب مصادر مصرفية، فإن ما صدر عن سلامة أول من أمس ليس تعميماً، بل مجرد بيان من دون أي مفعول ملزم قانوناً، ولا يرتب عدم تنفيذه أي مسؤولية على المصارف.

 

وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن سلامة كان قد أبلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي معارضة المجلس المركزي لرفع سعر دولار منصة «صيرفة». ولدى سؤال ميقاتي له عما سيفعل، أجاب بأنه سيلجأ مجدداً إلى المادة 75 من قانون النقد والتسليف التي تمنحه صلاحية العمل في السوق بالاتفاق مع وزير المال مشترياً أو بائعاً للذهب أو العملات الأجنبية، والفقرة «ب» من المادة 83 التي تسمح له بالقيام مباشرة، «في حالات استثنائية وبالاتفاق مع وزير المال بشراء العملات الأجنبية من الجمهور وبيعها». هكذا، حفر سلامة ووزير المال يوسف خليل، بغطاء من ميقاتي، الفخ الجديد. ففور صدور البيان، حرص سلامة الذي يتحكّم بتطبيقات أسعار الصرف على خفض سعر الدولار نحو 5 آلاف ليرة بضربة واحدة، ما أثار الهلع ودفع إلى تهافت المواطنين على تصريف دولاراتهم خشية مزيد من التراجع في سعر العملة الخضراء، ورغبة بالاستفادة من فارق السعر عبر منصة «صيرفة»، قبل أن يتبين أن سلامة عمل، عبر صرافيه، على لمّ الدولارات من السوق بسعر منخفض يوازي 43 ألف ليرة، قبل أن يعاود الارتفاع أمس إلى 45 ألفاً.
كل ذلك لم يثن حاكم المركزي عن الاستمرار بالكذب، فعمد أمس إلى إصدار بيان يطلب فيه من الأفراد «التوجه إلى بنك الموارد (يملكه الوزير السابق مروان خير الدين) لإجراء العمليات فوراً إذ إن المصرف المذكور وافق على تنفيذها» داعياً «المصارف المستعدة لأخذ خطوة مماثلة بالتقدم بطلب من مصرف لبنان للموافقة عليها». وهو بيان يعترف فيه سلامة بفشله في إلزام المصارف التقيّد ببيانه السابق، ويصفه أحد المصرفيين بأنه «ذرّ للرماد في العيون، فغداً هو آخر يوم عمل وبعدها تقفل المصارف حتى الثلاثاء المقبل، إضافة إلى أن لبنك الموارد نحو 16 فرعاً لا يمكنها تلبية طلبات آلاف المواطنين». وكشف عن احتمال عدم فتح المصارف أبوابها الثلاثاء تفادياً للمشكلات التي يمكن أن تحصل أمام أبوابها نتيجة عدم تلبيتها مطالب الأفراد الراغبين بصرف ليراتهم إلى دولارات. أما الحل فهو إما تراجع سلامة عن بيانه أو إصدار تعميم استيضاحي يتضمن آلية تنفيذ المعاملات وسقفها المالي والزمني لكل زبون، علماً أن ثمة مصارف قد تعلن توقفها عن العمل وفق منصة «صيرفة» حتى إشعار آخر، متسلحة بأن التعميم الذي ينظم عمل صيرفة ليس ملزماً للمصارف بل اختياري.

قرار سلامة الأخير ليس تعميماً بل مجرد بيان غير ملزم قانوناً ولا يرتب عدم تنفيذه أي مسؤولية على المصارف

في المقابل، أعلن بنك الموارد في بيان، عن فتح أبواب جميع فروعه خلال العطلة «لجميع المواطنين الراغبين في الإستفادة من عملية شراء الدولار الأميركي على سعر صيرفة والذين لم يتجاوب معهم مصرفهم المعتاد». فيما أبلغت بعض المصارف موظفيها بأنها ستفتح أبوابها حتى الرابعة من بعد ظهر اليوم أمام أصحاب الحسابات فيها، وحددت سقفاً لعمليات الصرف بـ 2000 دولار.
اللافت، هنا، أن مصرف لبنان أصدر بياناً أول من أمس أعلن فيه أن حجم التداول على منصة صيرفة (27 كانون الأول) بلغ 36 مليون دولار بمعدل 38 ألف ليرة لبنانية للدولار، رغم أن أياً من الأفراد أو الشركات لم يتمكن من الحصول على دولارات من المصارف. مصادر مصرفية أوضحت أن الأموال المذكورة هي أموال مسجلة لدى المصارف لمصلحة أفراد ومؤسسات تقدمت بطلبات وستعمل المصارف على تنفيذها فور نيلها موافقة من مصرف لبنان، أي بعد 48 ساعة، ما يعني تأجيلها إلى العام المقبل. وتلك قصة أخرى، إذ عمم أصحاب المصارف وأعضاء مجالس الإدارة لوائح على الموظفين تحمل أسماء محددة يمكن لها الاستفادة، فيما سمع المواطنون من الموظفين ما مفاده أن أسماءهم غير موجودة في اللائحة. وهو ما يعزز نظرية «المؤامرة» بين سلامة وأصحاب المصارف ومجالس إداراتها والتجار والصيارفة والشركات والمؤسسات المحظية كما الزبائن النافذين، على توزيع أرباح فرق السعر بين منصة «صيرفة» ودولار السوق السوداء بينهم مقابل تسجيل الخسائر في مصرف لبنان على عموم اللبنانيين، وما يلحق ذلك من تضخم نتيجة المضاربة الحاصلة.

 

المحطات ترفع خراطيمها
أول تداعيات هرطقات سلامة وبياناته الاحتيالية تجلّت أمس بفوضى على محطات البنزين. فما إن صدر البيان اليومي عن وزارة الطاقة الذي حدّد سعر مبيع صفيحة البنزين بـ629 ألف ليرة للـ95 أوكتان، أي بانخفاض نحو 137 ألف ليرة عن اليوم السابق، حتى تهافت الآلاف إلى المحطات في مختلف المناطق. إلا أن غالبية المحطات عمدت إلى رفع خراطيمها رافضة تطبيق بيان الوزارة لأن السعر المحتسب وفق منصة صيرفة، أي 38 ألف ليرة، لا يتطابق مع واقع عدم تجاوب المصارف مع طلبات أصحاب المحطات وموزعي المحروقات واضطرارهم إلى الشراء مجدداً عبر السوق السوداء أي بدولار يوازي 44 ألف و500 ليرة كما يقولون. إذ كان من المفترض خفض الصفيحة 37 ألف ليرة بشكل يتناسب وهبوط الدولار «من دون ترتيب خسارة علينا توازي 100 ألف ليرة عن كل تنكة بنزين». في حين عمدت المحطات التابعة لشركات إلى وضع سقف للتزود بالوقود لا يتجاوز 600 ألف ليرة، ما أعاد مشهد الطوابير.
وأصدر وزير الطاقة وليد فياض بياناً أشار فيه إلى أن الانخفاض في جدول تركيب أسعار المحروقات سببه «تحديد مصرف لبنان سعر صرف الدولار بــ38 ألفاً بحسب منصّة صيرفة للشركات وللمواطنين»، مشيراً إلى أن «نجاح هذه المبادرة مرتبط كليّاً بالتزام مصرف لبنان والمصارف بتنفيذ التدبير لناحية تأمين الدولارات للشركات والأفراد بسعر الصرف هذا». ولفت إلى أن «لا علاقة للوزارة بتحديد سعر الصّرف الذي يتكلّفه مشغّلو المحطات وموزّعو المحروقات، فهو مرتبط بسياسة مصرف لبنان النقدية وتقيّد المصارف بتنفيذها».


وفور صدور الجدول، بدأ أصحاب المحطات تبادل الرسائل في ما بينهم عبر تطبيق الواتساب للتوافق على الإقفال، وبدأت بالتوازي سلسلة اتصالات وزيارات بين المعنيين بالملف ورئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الشركات ستحاول مجدداً اللجوء إلى المصارف اليوم، وفي حال رفضها تلبية طلباتها مجدداً سيتم إبلاغ وزارة الطاقة بالأمر.
وأوضح فياض لـ«الأخبار» أن التسعيرة «استندت إلى جوهر قرار حاكم مصرف لبنان الذي حدد سعر صيرفة بـ38 ألف ليرة وأكد أن الدولارات موجودة في المصارف للجميع». وطالب حاكم مصرف لبنان بـ«توضيح ما إذا كان قرار شراء الدولار عبر صيرفة يشمل شركات المحروقات أم لا، وبأن تلتزم المصارف بتوفير الدولارات المطلوبة لتغطية حاجات السوق. وفي حال تقرر أن يكون العمل وفق سعر السوق السوداء فإن الوزارة ستعمل وفق ما كانت تعمل عليه سابقاً».
وليلاً، اعلن رئيس الشركات المستوردة للنفط مارون شماس انّه «بعد الاتصالات بين سلامة ووزير الطاقة سيتم العودة لاحتساب تسعيرة المحروقات بحسب السوق السوداء».


من أوقف تمويل الكهرباء؟
كشفت مصادر مطلعة أن قراراً سياسياً جمّد طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من وزارة المالية إبلاغ مصرف لبنان بفتح اعتمادات لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان لشراء باخرتي فيول لزيادة ساعات التغذية. وقالت المصادر إن الملف «أُوقف» في وزارة المالية، وأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، نفى تسلّمه أي قرار من الوزارة للمباشرة بفتح الاعتمادات بقيمة 62 مليون دولار. وكشفت المصادر أن المشكلة تفاقمت بعد وصول باخرتين إلى لبنان محمّلتين 66 ألف طن من الفيول لإفراغها في المعامل، إذ إن عدم فتح الاعتمادات سيرتب أعباء إضافية على المستوردين وعلى مؤسسة كهرباء لبنان.

وبحسب المصادر، فإن وزارة المالية تذرّعت بأن الأمر يحتاج إلى إجراءات أخرى، وأن الوزير يوسف خليل أبلغ ملاحظاته إلى رئيس الحكومة طالباً منه بحث الأمر مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. ولم تُعرف بعد وجهة الحكومة في هذا المجال، علماً أن ميقاتي كان قد أشاع مناخاً إيجابياً تبين أنه غير حقيقي عن بدء مشروع رفع ساعات التغذية إلى 4 ساعات يومياً على كامل الأراضي اللبنانية.

 

 

 

الأخبار