مجلة وفاء wafaamagazine
خرقَ تشييع الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني في مأتم رسمي وشعبي مهيب رتابة المشهد السياسي أمس، إذ جمع الراحل في مماته، كما كان في حياته، كل ألوان الطيف اللبناني لما كان يتمتع به من مميزات الوطنية والاعتدال والتعلق بأهداب الوحدة الوطنية وصيغة العيش المشترك بين اللبنانيين وبالحوار الذي انتج خلال ولايته «اتفاق الطائف» والجمهورية الثانية. وعلى وقع هذا التشييع تيسّر أمر انعقاد جلسة ثانية لمجلس الوزراء مطلع الاسبوع المقبل باستكمال المشاورات التي جرت في شأنها، وهي ستكون محور الاهتمام في قابل الايام الى جانب الجلسة الانتخابية الرئاسية الـ11 يوم الخميس المقبل بعدما كانت مقررة أمس وفرض رحيل الحسيني تأجيلها.
في هذه الاجواء وصل وزير الخارجية وزير الخارجيّة الإيرانيّة حسين أمير عبداللهيان مساء امس إلى لبنان، في زيارة يلتقي خلالها المسؤولين اللبنانيّين الكبار اليوم ويتقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقد أطلقت هذه الزيارة سيلاً من التكهنات والتأويلات حول اهدافها ومراميها ومدى ارتباطها بالاستحقاقات اللبنانية، وعلى رأسها استحقاق انتخابات رئاسسة الجمهورية.
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن عبد اللهيان توجّه الى بيروت «من أجل إجراء زيارة رسمية، وسيلتقي نظيره اللبناني وكبار المسؤولين اللبنانيين، وسيبحث معهم في العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية».
السعودية ومصر
وقبَيل وصول عبداللهيان وزّعت سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان نص البيان الختامي للاجتماع الوزاري للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين السعودية ومصر على مستوى وزراء الخارجية، حيث تضمن موقفاً مشتركاً سعودياً ـ مصرياً حول الوضع في لبنان ضمن فقرة خاصة نصّت على الآتي: «شدد الجانبان على أهمية أمن لبنان واستقراره، ودعوا القوى السياسية الى تحمل مسؤوليتها لتحقيق المصلحة الوطنية، والإسراع في إنهاء الفراغ الرئاسي واستكمال الاستحقاقات الدستورية ذات الصلة من أجل العمل على تلبية طموحات الشعب اللبناني في الاستقرار السياسي والإصلاح الاقتصادي الذي يسمح بتجاوز الصعوبات الجمة التي واجهها لبنان في السنوات الأخيرة».
مجلس الوزراء
في غضون ذلك أنجز رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الترتيبات السياسية والادارية والحكومية لعقد جلسة مجلس الوزراء الثانية، وقال لـ«الجمهورية» ان جدول اعمالها «سيكون عنوانه الاساسي ملف الكهرباء»، وأكد انّ نصاب انعقادها متوافر.
وقالت مصادر حكومية لـ«الجمهورية» ان الامانة العامة لمجلس الوزراء تلقّت في الساعات الماضية موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء على حضور الجلسة وينتظر ان توجّه الامانة العامة لرئاسة الحكومة الدعوة إليها غداً، لتنعقد قبل ظهر الاثنين المقبل او صباح اليوم التالي وذلك في انتظار التثبّت من بعض الترتيبات والمواعيد المتضاربة، وهو ما سيتم حسمه اليوم.
وفي موازاة تأكيد وزراء «حزب الله» وحركة «أمل» المشاركة في الجلسة استناداً الى مضمون جدول الأعمال، والتي تسرّبت أمس في نتائج لقاءات جمعت عدداً منهم مع ميقاتي على هامش مراسم دفن الرئيس الراحل حسين الحسيني في بلدته شمسطار، قبل ان يؤكد مستشارو ميقاتي خبر الموافقة، وهو ما دفعَ الى رسم المراحل الادارية الاخرى المقبلة. وقال وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية في برنامج «صار الوقت» عبر قناة «إم تي في» مساء امس، انّ وزراء «الثنائي الشيعي» أبلغوا الى ميقاتي أن مشاركتهم في جلسة مجلس الوزراء محصورة بِبندَي الكهرباء. وأوضح أنه في حال تمّت مناقشة بنود إضافية سينسحب وزراء «الحزب».
وعن العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله»، قال حمية: «هي علاقة صداقة ويرعاها اتفاق مار مخايل ولا أتدخل في ملفات غيري من الوزراء».
موقف «التيار»
تزامناً، كشفت مصادر «التيار الوطني الحر» انّ وزراءه مع حلفائهم لن يشاركوا في الجلسة، وان التسريب عن انّ هناك خرقاً ما أضيف إلى مشاركة وزير الصناعة جورج بوشكيان الذي كان أوّل من أبلغ ميقاتي أمس الأول انه لن يقاطع اي جلسة أيّاً كان جدول أعمالها.
وقالت هذه المصادر: «إنّ موقفنا واضح، وسبق ان أبلغنا الى جميع المعنيين في السرايا الحكومية وخارجها انّ أي مسعى لعقد مثل هذه الجلسة وتكرار الدعوة إليها مرة أخرى كان وسيبقى «جلسة غير دستورية»، وأن أي حل لأزمة الكهرباء وتوفير التمويل اللازم كان قد قطع شوطاً كبيراً قبل ان يتراجع رئيس الحكومة أمام ضغوط رئيس مجلس النواب الذي منع وزير المال من إتمام الإجراءات الضرورية لتأمين كتاب الضمان المنتظر من حاكمية مصرف لبنان، وأنّ الأمر يكفي بإصدار مرسوم يوقّعه جميع الوزراء». وختمت: «إن كان رئيس الحكومة قد نال بعض تواقيع الوزراء المختصّين في المرات السابقة فإنه لن يحصل على توقيع وزير الطاقة هذه المرة. وعليه، كيف يمكنه إصدار المرسوم الخاص الصادر عن مجلس الوزراء؟ وهل يمكن ان يُستعار توقيعه من أوراق أخرى؟.
تشييع الحسيني
وكان لبنان الرسمي والشعبي قد شيّع أمس رئيس مجلس النواب السابق السيد حسين الحسيني في دارته ببلدة شمسطار، وتقدّم ميقاتي المشيّعين بصفته الشخصية وممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما تمثّل الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله برئيس تكتل بعلبك الهرمل النائب الدكتور حسين الحاج حسن على رأس وفد من كتلة «الوفاء للمقاومة»، الى عدد كبير من الوزراء والنواب والشخصيات السياسية والفعاليات من كل الانتماءات وحشد كبير من ابناء منطقة البقاع ومختلف المناطق اللبنانية.
وقال ميقاتي بعد التشييع: «نمرّ بلحظات حزينة جداً في وداع ابي الطائف، ومؤسس الجمهورية الجديدة. واكرر ما اقوله دائماً انه إكراماً له يجب ان نسعى دائماً لمتابعة تنفيذ اتفاق الطائف كاملاً بعيداً من الانتقائية. وإنني على ثقة أنّ هذا النهج هو الذي يوصِل لبنان الى شاطئ الامان. لقد قام الرئيس الحسيني بجهد دستوري وبرلماني كبير، وعلينا ان نُكمل ما بدأه بالطريقة السليمة. رحمه الله وهو كان صديقاً وأخاً ومعلّماً، ولسنا نحن فقط من سيفتقده بل كل لبنان ايضاً».
والتقى ميقاتي، بعد عودته من التشييع، قائد الجيش العماد جوزف عون، وعرض معه أوضاع المؤسسة العسكرية، ثم استقبل سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا وبحث معها في العلاقات بين البلدين.
الراعي
في غضون ذلك، واصَل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي زيارته لبريطانيا، فزار امس مجلسي النواب والشيوخ البريطاني في قصر وستمنستر، وأجابَ في حلقة حوارية عن اسئلة مجموعة من النواب والشيوخ البريطانيين، عارِضاً للواقع اللبناني السياسي والاجتماعي والاقتصادي وللتحديات التي يواجهها لبنان وطارحاً لبعض الحلول الممكنة لها، ثم زار الكاردينال فينسنت نيكولز رئيس أساقفة لندن الكاثوليكي، وشدّد خلال اللقاء على «ضرورة حماية الخصوصيّة اللبنانيّة التي هي حاجة شرقيّة وغربيّة». وبعد اللقاء، عقد الراعي مؤتمرا صحافيا في مقر رئيس الاساقفة، شدّد خلاله على «ضرورة وقوف المجتمع الدولي الى جانب لبنان»، متطرّقاً الى نقاط ثلاث هي:
– الهوية اللبنانيّة والنظام السياسي: من حيث بنية النظام الديني والثقافي الجامع، وموقع لبنان الجغرافي الهام وكونه صلة الوصل بين الشرق والغرب.
– الصعوبات التي تواجه المجتمع اللبناني: من حيث الطمع بالأرض اللبنانية ومشكلة اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين، وضرورة حماية قضاياهم وعودتهم الى أرضهم لحمايتها ولصون تاريخهم وثقافتهم وهويتهم.
– الحلول: تحييد لبنان عن صراعات المنطقة والصراعات الاقليمية والدولية، مع حفاظه على علاقات الصداقة العربيّة والغربية، وضرورة انتخاب رئيس للجمهوريّة بأسرع وقت. وقد دعا البطريرك «الدول الداعمة للبنان في الأمم المتحدة، ومنها بريطانيا، للعب الدور المطلوب من خلال التزامها بالدعم أمام المجتمع الدولي ومنظمة الامم المتحدة».
مؤتمر النازحين
من جهة ثانية، اختتم «التيار الوطني الحر» فعاليات مؤتمره، الذي عقده امس في فندق «رويال ضبية» عن أزمة النزوح السوري بعنوان «لن نتخلى عن أحد»، وتخللته «مقاربة للملف من زواياه المختلفة، من الإطار القانوني للنزوح، وصولاً إلى تداعياته على الأمن والاستقرار والاقتصاد وعبء هذه الأزمة على الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي على لبنان، كما التحديات التي تفرضها على الواقع البلدي اللبناني».
وطرح التيار «مجموعة توصيات» تحت عنوان، «بحثاً عن إطار وطني جامع للحل بما يؤمّن العودة الكريمة والآمنة للنازحين السوريين الى بلادهم، وبما يحفظ كرامة اللبنانيين وحقوقهم»، شددت على ضرورة تطبيق القوانين المرعية الإجراء، ومنها قانون العمل، لجهة «منع المنافسة غير المشروعة من غير اللبنانيين». وقانون البلديات وقانون تنظيم دخول لبنان والإقامة فيه والخروج منه، والذي ينص في المادة 17 على صلاحية المدير العام للأمن العام بإصدار قرارات بترحيل الأجانب في حالات استثنائية حيث يشكل الأجنبي خطراً على السلامة والأمن العام»، وإبعاد ملف النزوح عن التجاذب السياسي واتخاذ قرار لبناني جامع لمعالجة تداعياته، وإيجاد حل تدريجي ومُستدام بعودة العائلات النازحة إلى بلدها الأم وبقاء العمّال منها في مجالات العمل المسموحة بعد تصحيح وضعهم، نظراً لحاجة لبنان إلى اليد العاملة. وإصدار قانون يعالج وضع اللاجئين عموماً، والنازحين السوريين خصوصاً، بحيث لا يُعامَل كنازح أو كلاجئ كل من أتى ويأتي من المحافظات السورية غير المتاخمة للحدود اللبنانية. وتطبيق خطة الحكومة لعودة النازحين». وتمنّى «متابعة هذه التوصيات من خلال حوارات ثنائية أو موسّعة، وعبر ورش عمل وندوات بمشاركة الجهات المعنية من الدول المانحة ومنظمات المجتمع الدولي وتعاونها».
أهالي ضحايا المرفأ
وعلى صعيد آخر، نفّذ أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت تحركاً احتجاجياً أمس، أمام قصر العدل في بيروت، في حضور عدد من النواب والناشطين المتضامنين. ورفع المحتجّون العلم اللبناني واللافتات المطالبة بـ«العدالة ورفع أيدي السياسيين عن القضاء، وتضامناً مع وليم نون ورفاقه، واعتراضاً على طلب التحقيق معه ومنعاً لطمس التحقيق من خلال بدعة القاضي الرديف مُرتكبين بذلك، مخالفة للدستور والقانون، خصوصاً بعد دعوة أربعة قضاة إلى انعقاد جلسة للمجلس العدلي».
نون
وتحدث وليم نون باسم أهالي الضحايا إلى الاعلام، فقال: «الجلسة غير قانونية، وأيّ قرار سيصدر عن هذه الجلسة هو غير قانوني، ولنا الحق باتخاذ إجراءات ضدّ التحقيق». وأضاف: «نحن مطلوبون للتحقيق، 11 شخصاً من الاهالي، نفهم اننا الشبّان «خبّطنا وكسّرنا» وهذا أمر لا نخجل به، وأن يتمّ طلبنا للتحقيق أمر نفهمه، أما ان يتمّ طلب رجال مُسنّين وأمهات كبار، اكثر من 70 سنة، إلى التحقيق فهذا امر غير مقبول. والذين فجّروا بيروت يبقون في بيوتهم يتنعّمون، كذلك يعيش السياسيون والقضاة وغيرهم، كأنّ الانفجار لم يحصل، وكأنّ الدنيا بألف خير». وأكّد انّه «يحق للأهالي التعبير بالطريقة التي يرونها مناسبة، ولهم الحق بالتخريب والتكسير طالما لم يجر التحقيق. وعندما يسير التحقيق فإنّ لكم الحق بمحاسبتنا، لقد مضت سنة وشهرين على توقف التحقيق».
وفي السياق، أشار نون الى أنه «لدينا ثقة بالوفد الفرنسي من القضاة ونطلب لقاءه، ونطالب بتدويل الملف إحقاقاً للحق».
ومساء، أعلن نون أنّه تمّ إرجاء التحقيق معه ومع عدد من رفاقه على خلفية أحداث الشغب أمام قصر العدل إلى الإثنين المقبل، كاشفاً أنّ «الذين تمّ استدعاؤهم عددهم 12، وهم إضافة إليه: جورج حتي، اسامة فقيه، كيان طليس، مجيد حلو، ايلي ملاحي، عبدو متى، ايلي بو صعب، بيتر بو صعب، المحامي بيار جميّل، المحامية سيسيل روكز، أنطوني سلامة.
الجمهورية