مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة ” نداء الوطن “
يحفل الأسبوع الطالع بأحداث أقل ما يقال فيها إنها تقترب من “العقدة الأساس” في قصة الانهيار المالي والنقدي والمصرفي الذي يتخبط فيه لبنان منذ 3 سنوات ونصف السنة، ويدخل الآن في فصوله الحاسمة.
فمن جهة، تهدد المصارف بإضراب قاسٍ، لا يشبه أي من اضراباتها السابقة، يُدخل البلاد في دوامة هي الأعقد على الإطلاق منذ بداية الأزمة. ومن جهة أخرى سيجد القضاء اللبناني نفسه، ولأول مرة في تاريخه، أمام معضلة عصية في استحقاق سيشكل منعطفاً في القضايا المتهم فيها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه وآخرون، وذلك بحضور محققين أوروبيين استعجلوا عودتهم الى بيروت، علّهم يحظون بفرصة حضور جلسة استجواب مدعو إليها سلامة أمام القاضي شربل أبو سمرا مزمعة بعد غد الأربعاء… هذا اذا حضر ولم يقدم دفوعاً شكلية أو لجأ لأي أسلوب قانوني آخر يسمح له بكسب الوقت. فضلاً عن معلومات عن أن أبو سمرا قد يطلب التوسع في تدقيق الأرقام والوقائع الواردة في القضية، ما يعني المزيد من الوقت أيضاً.
وقال مصدر لوكالة “رويترز” أمس إن “رئيس المحكمة لن يسمح للمحققين الأوروبيين بتوجيه الأسئلة الى سلامة”، لكن اللافت ان “رويترز” نقلاً عن مصادرها ألمحت إلى أن سلامة “لا يزال يتمتع بدعم القادة اللبنانيين الأقوياء، الذين بدورهم لهم رأي هام في تعيين القضاة”!
وكانت “نداء الوطن” أشارت في عدد الجمعة الماضي الى ان عودة المحققين الأوروبيين كانت متوقعة في 4 نيسان المقبل، إلا أن فرصة حضور التحقيق عجلت بمجيء عدد من المحققين (ليس كلهم) لا سيما الفرنسيين والألمان منهم. إلى ذلك يضاف مستجد خاص بامكان قدوم وفد من “يوروجست” الأوروبية (Eurojust) وهي وكالة تابعة للاتحاد الأوروبي تتعاون قضائياً مع الجهات ذات الصلة بالمسائل الجنائية ومقرها لاهاي في هولندا. والوكالة مكلفة بتعزيز التعاون القضائي بين الدول الأعضاء (المعنية بملاحقة سلامة) من خلال اعتماد تدابير هيكلية، على المستوى الأوروبي، تهدف إلى تعزيز التنسيق الأمثل لإجراءات التحقيق والملاحقة القضائية التي تتجاوز إطار إقليم وطني واحد، باعتبار أن شبهات تبييض الأموال المتهم بها سلامة عابرة لعدد من الدول الأوروبية، ومتصلة ببلد مأزوم يحاول الاتحاد الأوروبي مساعدته. ويذكر أن “يوروجست” هي التي جمدت أصول وأموال حسابات تعود لرياض سلامة في عدد من الدول الأوروبية. وتستغرب جهات أوروبية معنية “كيف أن وزير المال اللبناني يوسف خليل لا يتحرك لحفظ حق لبنان من الآن في الأموال المحجوزة في حال صدرت بها احكام نهائية لاحقاً”، علماً بأن مصادر سويسرية كانت أكدت “أن إجمالي الأموال المشبوهة ارتفع الى 500 مليون دولار”، بينما مصادر ألمانية تشير الى “رقم أعلى”!
مصادر قانونية محلية ربطت بين حضور محققين أوروبيين استجواب سلامة وامكان دخول “يوروجست” في طلب التعاون مع لبنان بأبعاد جديدة للقضية (أو القضايا) المرفوعة ضد سلامة، من دون استبعاد ورود أسماء وأطراف جديدة (مشتبه بها) في طلبات التعاون، والاستماع. بكلام آخر: “قد تتطور القصة الى أبعد من سلامة والمتورطين المعلن عنهم”، بحسب مصادر محلية قانونية.
وربطاً لقضية سلامة بما يجري عموماً في لبنان من تحقيقات تشمل الهندسات والتحويلات المليارية والتنفيع المصرفي والتلاعب بسعر الصرف واحتجاز الودائع، فان الجهات الأوروبية المعنية بتحقيقات تبييض الأموال قد تجد نفسها معنية بشكل أو بآخر بالدعاوى المحلية ذات التشعبات العديدة. ومن هنا سيسمع المحققون الأوروبيون في جلسة استجواب سلامة من قبل القاضي ابو سمرا (اذا عقدت) الكثير مما ليس كاملاً في تحقيقاتهم، ليتم الربط لاحقاً حيث يجب الربط تمهيداً لتوجيه اتهامات أشمل. ولذلك تداعيات ستشمل عدداً من المصارف اللبنانية، ومسؤولين مثل يوسف خليل بصفته السابقة مديراً للعمليات في مصرف لبنان، فضلاً عن متابعة طلب إمارة ليخشنشتاين معلومات عن تحويلات بين شركة لآل ميقاتي وأخرى لآل سلامة. كما أن الأمر يمكن توسعه الى مدير الدائرة القانونية في مصرف لبنان بيار كنعان عما يعرفه عن شركة “فوري” التي استخدمت لإخراج عمولات قيمتها 326 مليون دولار من لبنان، وكذلك الأمر بالنسبة لمدققي حسابات مصرف لبنان وما لديهم من معلومات حول “فوري” وطبيعة علاقتها بمصرف لبنان وحسابات سلامة نفسه.
على صعيد الإضراب المصرفي، أكدت مصادر مصرفية مسؤولة لـ”نداء الوطن” ما تسرب أمس (عبر موقع leb economy) أن البنوك تهدد وتحذر من أن عدم التوصل الى حلول عملية تستجيب للمطالب (لا سيما لجم دعاوى المودعين) من شأنه الانعكاس سلباً على أكثر من مستوى، لعل أبرزها:
– توقف عمليات منصة صيرفة.
– وقف المقاصة التي يجريها مصرف لبنان للعمليات المالية بين المصارف.
– توقع تحرّك الدولار صعوداً وتخطيه الـ100 الف ليرة سريعاً وأعلى لاحقاً، وبالتالي بدء مرحلة إنهيار دراماتيكي لليرة أكثر حدةً وقساوة.
– شلّ الحركة الإقتصادية والمالية التي تتمثل في عدم القدرة على دفع الرسوم الجمركية في المصارف، والحد من العمليات المالية التجارية وكذلك الإستيراد.
– وقف معاملات المودعين في المصارف، إلا تلك التي يمكن أن يقوموا بها عبر الصراف الآلي.