الرئيسية / آخر الأخبار / لقاء باريس: ترحيب وتشويش.. لبنان على مفترق التفاهمات والتسويات والاعتراضات

لقاء باريس: ترحيب وتشويش.. لبنان على مفترق التفاهمات والتسويات والاعتراضات

مجلة وفاء wafaamagazine

هزّت الصدمة الفرنسية التي تجلّت بدعوة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية إلى زيارة باريس، الداخل اللبناني من أدناه إلى اقصاه، وحرّكت المخيلات لصياغة تحليلات وسيناريوهات متناقضة، عكست حجم الإرباك الذي اجتاح البلد من اللحظة التي ظُهِّرت فيها الدعوة إلى الاعلام.

 

بالتأكيد أنّ هذه الدعوة أثلجت قلوب داعمي فرنجيّة ودغدغت آمالهم في إمكان ان تؤسس زيارته باريس لوصوله إلى رئاسة الجمهورية، فيما فعلت هذه الدعوة فعلها في المقلب الآخر، حيث أنّها سقطت حجراً ثقيلاً جداً على قلوب الساعين إلى قطع طريقه إلى القصر الجمهوري، وعززت مخاوف هؤلاء من أن تكون خيوط التسوية الرئاسية تُنسج بمعزل عنهم. وفي موازاة هاتين الضفتين، شعب منكوب ينتظر لحظة الفرج الرئاسي بفارغ الصبر، باعتبارها لحظة انتقالية من واقعه المرير، إلى واقع يؤسس لعودة البلد إلى حيز الوجود من جديد.

 

 

عملياً، وضعت زيارة فرنجية إلى باريس لبنان على المفترق بين الانفراج والانفجار، فبقدر ما الزيارة مهمّة كونها تحدّد المسار النهائي للملف الرئاسي، فإنّ الأهم هو ما سيؤول اليه المشهد الداخلي، ربطاً بالنتائج التي ستنتهي اليها محادثاته مع مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل. وحتى ذلك الحين، فإنّ الداخل بكل مكوناته، جلس على مقعد انتظار ما ستحمله الرياح الفرنسية، سواء أكانت تباشير انفراج، ما يعني انتخاب رئيس الجمهورية أصبح محسوماً في غضون ايام قليلة، او كانت نُذر تشاؤم واشتباك، تحضّر البلد لمرحلة مفتوحة على كل التداعيات السلبية والمنزلقات الصعبة.

 

لقاء .. وتشويش

 

في الداخل، وفيما كانت كل الأنظار مشدودة في الاتجاه الفرنسي، رصداً لنتائج محادثات فرنجية- دوريل التي جرت في قصر الايليزيه أمس، فإنّ الصورة ظلّت غامضة، ولم تبرز اي معطيات حول ما دار فيها، وما إذا كانت ثمة جولة ثانية من المحادثات ستُعقد، او ما إذا كان فرنجية سيلتقي مستويات سياسية فرنسية اخرى (تحدثت مصادر اعلامية عن لقاء بين فرنجية والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون)، لوحظ دخول بعض الماكينات على خط الزيارة، والتشويش المسبق على نتائجها، ومحاولة إدراجها في خانة الإبلاغ الفرنسي لرئيس تيار «المردة» بانعدام حظوظه الرئاسية، وانّ عليه ان ينسحب من المعركة الرئاسية.

 

 

على انّ اللافت وسط هذا الغموض، هو انّ المناخ العام المواكب للحدث الفرنسي يميل إلى الايجابية اكثر منه إلى السلبية. وشدّدت مصادر قريبة من فرنجية لـ»الجمهورية»، انّه «بمعزل عن الزيارة إلى باريس وعن اي لقاء، فإنّ المعنويات دائماً عالية، ومن الأساس نحن متفائلون».

 

ورداً على سؤال قالت المصادر، انّها «لا تردّ على تشويشات لا قيمة لها وكذلك على الافتراءات التي تتواصل بطريقة متعمّدة، ولا على سيناريوهات وهمية من وحي الخيال، لأنّ كل ذلك سيسقط عند لحظة الحقيقة». ولم تتطرّق هذه المصادر إلى محادثات باريس من قريب او بعيد.

 

قبل .. وبعد

 

إلى ذلك، قاربت مصادر الثنائي  ما استُجد على الخط الفرنسي واستضافة فرنجية في باريس، بإيجابية ملحوظة، وقالت لـ«الجمهورية»: «يبدو انّ الملف اللبناني أُعطي زخماً وجدّية اكبر من قِبل كل اللاعبين الأساسيين على حلبته، وخصوصاً من الفرنسيين، الذين يُعتبرون أشدّ الراغبين للتسريع في انتخاب رئيس للجمهورية. ومع هذا الزخم المتجدّد الذي يؤمل ان يكون مثمراً، فإنّه مع النتائج المثمرة، لن يكون مُستبعداً ان يولد للبنان رئيس للجمهورية ضمن مهلة أقصاها بعد الأعياد مباشرة، او ربما قبلها».

 

 

مسعى سريع

 

في هذا الوقت، أعرب مصدر ديبلوماسي من باريس لـ«الجمهورية»، عن ثقته في ان تثمر حركة الاتصالات الجارية حول الملف الرئاسي في لبنان ايجابيات حاسمة، تمكّن اللبنانيين من التوافق على رئيس للجمهورية.

 

ورداً على سؤال حول ما بدا انّه تزخيم ملحوظ لحركة المشاورات والاتصالات حول لبنان، قال المصدر الديبلوماسي: «ملف الرئاسة في لبنان يناقش منذ فترة اشهر بين الدول الصديقة للبنان، والاجتماعات المتتالية التي عُقدت في باريس خلال الشهرين الاخيرين، استطيع ان اقول انّها أسست لما أعتبره «مسعى سريعاً جداً» حيال الملف اللبناني».

 

وعمّن هي اطراف هذا المسعى وإلامَ يرمي، قال المصدر: «اقول كل اصدقاء لبنان، اطراف في هذا المسعى، ولا استثني احداً، لكن فرنسا ومعها السعودية هما الطرف المباشر في الخط الامامي، واما الغاية من هذا المسعى، فهي جعل الانتخابات الرئاسية في لبنان امراً واقعاً».

 

وعن الموقف الاميركي، قال المصدر: «الحراك الفرنسي ليس منعزلاً ابداً عن موقف الولايات المتحدة الاميركية التي ترغب في تعاون اللبنانيين وتعجيلهم في انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة اصلاحات، وهذا ما تشاركها فيه فرنسا مئة في المئة..».

 

 

ورداً على سؤال حول محادثات رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية في باريس، قال المصدر: «لا توجد حتى الآن أي معطيات دقيقة. ولا اريد ان ادخل مسبقاً في اي فرضيات حتى ولو كانت قريبة من الواقع. الّا انني اؤكّد أنني ومنذ ما قبل هذا الحدث (زيارة فرنجية إلى باريس)، بدأت أشعر بشيء من التفاؤل حيال إمكان حسم وشيك للملف الرئاسي اللبناني. وبناءً على هذا التفاؤل اتمنى ان نشهد رئيساً للبنان في القريب العاجل، وهذا ما تعمل ادارة الرئيس ايمانويل ماكرون على تحقيقه».

 

وإذ لفت المصدر عينه إلى انّ حظوظ التسوية كبيرة، إلاّ انّه ليس قلقاً حيال اي تسوية يمكن بلوغها، سوى من الداخل اللبناني، الذي يخشى منه ان يحاول ان يحبط أي مسعى او تسوية، اكثر من أي عامل خارجي.

 

وماذا لو خذل القادة السياسيون في لبنان التسوية الرئاسية التي يُعمل عليها، قال المصدر الديبلوماسي من باريس: «فرنسا واصدقاؤها جميعهم، عازمون على انتزاع رئاسة الجمهورية في لبنان من أيدي المعطّلين، والمضي في مساعدة اللبنانيين على إعادة تكوين سلطاته الدستورية والتنفيذية والادارية».

 

 

فترة السماح انتهت

 

وسألت «الجمهورية» سفيراً عربياً على صلة بالاجتماع الخماسي في باريس، فأعرب عن اعتقاده في أنّ الجهود المبذولة من الدول المعنية بملف لبنان، ستصبّ إن شاء الله في المكان الذي تتحقق فيه مصلحة لبنان واللبنانيين، وانا اقترب من اليقين من أنّه سيكون للبنان رئيس للجمهورية في وقت ليس بعيداً.

 
 

 

ورداً على سؤال حول المرشحين لرئاسة الجمهورية، قال السفير العربي: «نحن مع انتخاب رئيس للجمهورية ولا توجد لدينا أي تحفظات حول اي مرشح، بل على العكس لدينا صداقات مع الجميع، وما نتمناه هو ان ينتبه السياسيون في لبنان إلى مصلحة بلدهم. وخصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد فيها المنطقة خطوات بالغة الأهمية تؤسس لحقبة جديدة في العلاقات الايجابية بين دول المنطقة، ونحن من جهتنا لا نرى لبنان خارج هذه التطورات او منعزل عنها».

 

رئيس قبل القمة!

 

وفيما قرأت مصادر سياسية واسعة الاطلاع في الحراك الفرنسي- السعودي المشترك، وكذلك الخطوة الفرنسية، باستضافة الوزير فرنجية، ما وصفتها بـ»الايجابيات النظرية حتى الآن»، تؤشر إلى انّ فترة السماح الدولية قد استنفدت، وبات من الضروري الانتقال إلى الجدّ وإصعاد اللبنانيين في مركب النجاة وانزالهم من مركب الأزمة والتناحر المتواصل على أتفه تفصيل، وهذه الايجابيات يفترض ان تُستكمل لتُترجم على ارض الواقع»، اعرب مرجع مسؤول عن ارتياحه للتطورات المتلاحقة حول الملف الرئاسي، والتي تعزز الأمل في إنجاز الملف الرئاسي في المدى المنظور.

 

 

ورداً على سؤال لـ«الجمهورية» عمّا يتردّد عن انّ انتخاب رئيس الجمهورية بات مسألة اسابيع قليلة، قال المرجع: «كل شيء وارد، وخصوصاً انّ حدثاً مهمّاً منتظراً الشهر المقبل، ويتمثل بالقمة العربية التي ستستضيفها المملكة العربية السعودية. والواضح انّ ثمة جهوداً حثيثة تُبذل لكي تكون هذه القمة كاملة النصاب وحاضنة لكل الزعماء العرب بمن فيهم لبنان. فهل يجوز ان تُعقد القمة بلا لبنان، وبلا ان يكون ممثلاً برئيس الجمهورية؟».

 

ولفت المرجع إلى ما يعزز الايجابية في انتخاب وشيك لرئيس الجمهورية هو الحراك المكثف الفرنسي- السعودي، وكذلك الموقف الاميركي، الذي اعادت تأكيده مساعدة وزير الخارجية الاميركية بابرا ليف، حيث انّ ما قالته يجب أن يُقرأ بتأنٍ وتمعن، سواء لناحية الحاجة الملحّة للبنان لانتخاب رئيس للجمهورية دون ان تتوقف عند اسماء المرشحين، او لناحية إشارتها المباشرة إلى انّ الارتدادات الايجابية ستلفح لبنان من الاتفاق السعودي- الايراني.

 

لا للفرض

 

بدورها، قالت مصادر معارضة لـ«الجمهورية»: «انّ أي جهد خارجي مرحّب به كعامل مساعد لإنجاز الملف الرئاسي، بما يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية يحقق تطلعات اللبنانيين وتوقهم إلى الدخول في حقبة جديدة، لا دور فيها ولا تحكّم للمنظومة التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه من خراب». الّا انّ المصادر عينها، أعربت عن رفضها القاطع لأي تسوية تعيد استنساخ مسببات الأزمة، عبر فرض رئيس للجمهورية خلافاً لإرادة اللبنانيين. «فهذا امر نرفضه، ولن يكون أمامنا سوى ان نواجه هذا المنحى وصولاً إلى انتخاب رئيس تغييري من خارج كل السياقات السابقة».

 

 

وختم: «الناس ستحاسب المسؤولين عن إطالة الفراغ في صناديق الاقتراع».

 

ستريدا جعجع: البلديات

 

وعلى صعيد الانتخابات البلدية التي يلوح في أفقها شبح التعطيل والتأجيل، قالت النائبة ستريدا جعجع، انّ «البلديّة قاعدة الهرم في تركيبة الدولة، وهناك من يريد هذه القاعدة ألّا تكون صلبة متينة، لأنّه أساساً لا يريد بناء دولة قادرة وقويّة في لبنان، هذا فضلاً عن الذين يريدون الهروب إلى الأمام من مواجهة شرّ أفعالهم في صندوق الانتخابات البلديّة أو مواجهة حقيقة أحجامهم».

 

 

وطالبت الحكومة «ببدء العمل فوراً للتحضير من أجل إجراء هذا الاستحقاق»، منوّهة في هذا الإطار «بعمل وزير الداخليّة والبلديات القاضي بسام مولوي، الذي لا يوفّر جهداً من أجل إتمام هذا الاستحقاق، والجميع يعلم بأنّه يواجه العراقيل، وهناك من يقف متفرجاً ولا يمدّ له يد العون من أجل تخطّيها، كما هناك من يقوم أصلاً بوضع هذه العراقيل بوجهه». كما طالبت «المجتمع الدولي بمساعدة لبنان من أجل أن يتمكن من إجراء هذا الاستحقاق».

 

دعم أممي

 

من جهة ثانية، أعلن مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش، خلال مؤتمر صحافي، امس، أنّ «زيارته للبنان هي تعبير عن تضامن الاتحاد الأوروبي مع لبنان، الذي يمرّ في وضع صعب، نتيجة الأزمة المالية والشلل السياسي والأزمة السورية التي دفعت بعدد كبير من السوريين إليه. ونحن نعي التحدّيات التي يشكّلها هذا الكمّ الكبير من اللاجئين لبلد بحجم لبنان».

 

أضاف: «سنستمر، كما فعلنا منذ نحو 12 سنة، في دعم اللاجئين السوريين، إضافة إلى اللبنانيين المعوزين، الذين نعي أنّ عددهم ارتفع جداً بسبب الأوضاع الحالية والتضخّم والانخفاض الكبير بقيمة الرواتب وعدم قدرة الدولة على تقديم الخدمات إليهم، وهذا يشكّل مصدر قلق بالنسبة إلينا».

 

 

وتابع: «لبنان يحتاج إلى إصلاحات وانتخاب رئيس للجمهورية وحكومة كاملة الصلاحية واتفاق مع المجموعة الدولية، خصوصاً مع صندوق النقد الدولي»، معتبراً «انّ اتفاقا كهذا سيفتح المجال أمام المساعدات المالية، ومن بينها الأوروبية التي ستساعد لبنان في التعافي من أزماته».

 

واكّد «انّ على الدولة اللبنانية والسلطات اللبنانية مسؤولية تقديم الخدمات إلى المواطنين اللبنانيين. ولنكن واضحين، إنّ الأزمة الحالية في لبنان في ما يخصّ الوضع المالي والتضخم ليست بسبب اللاجئين السوريين».

 

 

 

الجمهورية 

عن z h