مجلة وفاء wafaamagazine
خرق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الهدوء السياسي بجلسة تشاور وزارية، تطرق فيها الى مسائل أساسية، أبرزها ملف النازحين السوريين في ضوء التطورات على الصعيد العربي، وملف حاكمية مصرف لبنان مع اقتراب انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة.
حضر اللقاء، الذي عقد عصر أمس في السرايا، عدد كبير من الوزراء؛ من بينهم من يقاطعون جلسات الحكومة، مثل وزراء: العدل هنري خوري، والمهجرين عصام شرف الدين، والدفاع موريس سليم، والشباب والرياضة جورج كلاس والخارجية عبد الله بوحبيب. وتحدث ميقاتي عن الصعوبات الراهنة، وقال «ان احتمال إطالة أمد الشغور الرئاسي قائم وبقوة. وفي هذه الحال، ستواصل الحكومة القيام بأعمالها، وهناك مسائل كثيرة تتطلب توافقاً وطنياً». وتوجه ميقاتي الى الوزراء المقاطعين لجلسات الحكومة، بالقول: «لديكم موقف سياسي، لكن ما تقومون به يعطّل مصالح المواطنين، ولا أعرف بوجه من تقومون بذلك. الأمور تتطلب أن نتحمل المسؤولية جميعاً. لا يمكن الاستمرار بهذه السلبية، وأدعوكم الى حضور جلسات الحكومة، وأتعهد بألا تتخذ القرارات إلا بالأكثرية، وأن أعقد اجتماعات تحضيرية للتوافق المسبق على جدول الأعمال».
وتطرق البحث الى ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والسيناريوات المطروحة في حال انتهاء ولايته قبل انتخاب رئيس للجمهورية، فأكد ميقاتي «أنني لن أوافق على التمديد لسلامة دقيقة إضافية، ولست من يرشح الحاكم البديل، ولن أطرح أي اسم أو أثني على أيّ مرشح. وحتى عندما جرى الحديث عن كميل أبو سليمان، زارني كما زار جميع القوى المعنية، وسأنتظر أن تأتيني الأسماء من وزارة المال. وإذا كان هناك اسم لا يناسبني فسأجاهر برفضي له». ولفت إلى أن «القانون يحمي المصرف المركزي في حال شغور منصب الحاكم، إذ يتولى النائب الأول للحاكم المسؤولية والصلاحيات مباشرة من دون الحاجة الى أي قرار من الحكومة، وليس بمقدور أي موظف آخر في المصرف المركزي تولّي هذه المهمة مكان النائب الأول». فيما أشار بعض وزراء ثنائي أمل إلى أن الوقت لم ينفد بعد للوصول الى آلية تضمن تعيين بديل من الحاكم ومنع الشغور في المنصب.
وكرّر وزراء التيّار الوطني الحر موقف رئيسهم جبران باسيل الرافض لتعيين بديل من سلامة قبل انتخاب رئيس للجمهوريّة. فرأى وزير السياحة وليد نصّار أنّ «هذا الأمر غير دستوري، وخصوصاً أنّ حاكم مصرف لبنان يؤدي القسَم أمام رئيس الجمهوريّة. ولا يمكن تجاوز الصلاحيات المتبقّية لرئيس الجمهوريّة تحت أي ظرف».
كذلك كانت مُداخلة لنائب رئيس الحكومة سعادة الشامي دعا فيها الوزراء إلى بحث الأمر بجديّة وإبعادها عن السياسة، «وخصوصاً أنّ حاكم مصرف لبنان هو المسؤول عن السياسة النقديّة والماليّة للدولة، ولا يجب ترك المركز شاغراً بعدما أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّه سينصح منصوري بالاستقالة».
كما استعرض الوزراء موضوع الموازنة، وأكّد كلّ منهم أن وزارته تعدّ موازنتها لإرسالها إلى وزارة الماليّة، مشدّدين على ضرورة إنجازها في وقتها. فيما شرح وزير المال يوسف الخليل العوائق التي تعترض إنجازها في ظل إضراب الموظفين في الإدارات الرسميّة والوزارة، واعداً بإنجازها في الوقت المحدد.
النازحون والتنسيق مع سوريا
بعدها انتقل البحث الى ملف النازحين السوريين، فطرحت آراء حول كيفية التعامل مع الأزمة. وتحدث وزير المهجرين عصام شرف الدين (حضر للمرة الأولى اجتماعاً في السرايا بعد طول خلاف مع رئيس الحكومة) عن الملف والتواصل مع الحكومة السورية. وأثار الوزراء: مصطفى بيرم ومحمد وسام مرتضى وعباس الحاج حسن أهمية الذهاب نحو علاج سريع من خلال التواصل مباشرة مع الدولة السورية وضرورة تشكيل لجنة وزارية لهذا الغرض. فرحّب ميقاتي بالأمر، وخصوصاً في ضوء التطورات الجارية على الصعيد العربي. وقال: «مستعد للذهاب إلى سوريا في حال كان ذلك ضرورياً». وتوجّه إلى بيرم بالقول: «فلتُوجّه لي الحكومة السوريّة دعوة رسميّة لزيارتها، وسأُلبّيها».
وعرض ميقاتي عقد جلسة حكوميّة قبل القمّة العربيّة في الرياض، على أن يكون على جدول أعمالها بند واحد هو ملف النازحين، فردّ الوزراء بأنّهم سيتشاورون مع مرجعياتهم السياسيّة لإنجاح هذه الخطوة، وخصوصاً أنّ «من الضروري الذهاب إلى القمّة بموقفٍ لبناني موحّد صادر عن 24 وزيراً في هذه القضيّة».
وأشار وزير الخارجية عبد الله بوحبيب إلى أن حضور لبنان في اللجنة الوزارية العربية المعنية بمتابعة الملف السوري سيساعد على إثارة الأمر مع دمشق. وقال إنه تواصل مع نطيره السوري فيصل المقداد ودعاه الى لقاء، لكن الأخير طلب التريث «خشية أن يصار الى استخدام غير إيجابي للاجتماع من قبل جماعات ستتّهم سوريا بالتدخل في الملف الرئاسي اللبناني».
كذلك تطرق البحث الى دور الجهات المانحة والضغوط التي تمارسها، والدور الذي تقوم به المنظمات الدولية والجمعيات غير الحكومية. ودعا وزير العمل الى اعتماد «سياسة المواجهة المباشرة مع هذه الجهات التي تتآمر على لبنان وعلى النازحين»، مطالباً بالفصل بين الموقف من «العمالة السورية الموجودة دائماً في لبنان والتي لها أطرها القانونية، وبين ما يعمل الآخرون عليه بشأن النازحين عموماً».
وأعلن ميقاتي أن التواصل مع «المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» (UNHCR) بشأن إعطاء داتا أسماء النازحين المسجّلين لديها، أتى بنتيجة. إذ وعد مسؤولوها المدير العام للأمن العام بالوكالة العميد الياس البيسري بتسليمه الداتا في الأيام المقبلة، بعدما لوّحت الدولة اللبنانيّة بقطع تواصلها مع المفوّضية نهائياً في حال امتناعها عن تنفيذ مقرّرات اللجنة الوزاريّة المعنيّة بهذا الملف.
ورأى بعض الوزراء أنّ الامتناع عن تسليم الداتا سابقاً كان نتيجة العشوائيّة في تسجيل أسماء النازحين، وعدم تدقيق المفوّضية في أوضاع المسجّلين وعمّا إذا كانت تنطبق عليهم صفة النزوح.
وكشف وزير الدفاع عن رسالة وصلته من منظمة العفو الدولية تطلب إجابات حول ما يقوم به الجيش لناحية تسليم مطلوبين أو موقوفين أو محكومين الى الحكومة السورية، أو العمل على عرقلة إبحار مراكب تحمل مهاجرين سوريين وتسليمهم الى سوريا. وقد وصف سليم الرسالة بـ«الوقحة»، وأيّده وزراء بضرورة الردّ عليها بطريقة ملائمة.
الأخبار