مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة النهار
قد تكون نبرة السخرية التي عبّر عنها رئيس التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط حيال “المنقذ المنتظر” أكثر طرق التعبير شفافية عن المآل الذي بلغته الأزمة الرئاسية من تخبط وغموض في سوق التقديرات والاحتمالات المتضاربة. إذ أنه في مناخ التخبط الأخذ في الاتساع منذ أيام، غرّد جنبلاط أمس عبر حسابه على “تويتر” قائلاً: “متى سيخرج المنقذ المنتظر نسر الإصلاح وحبيب الجماهير من صندوق الاقتراع بعد تصويت نواب الأمة الأبرار ومباركة سفراء السند والهند، ويعلو شاهقاً حتى يلامس الشمس والثريا، حاملاً الأرجوان من صندوق النقد، شاهراً صولجان العدل والملك؟ متى يا قوم متى؟”. وأرفق جنبلاط تغريدته بمقطع فيديو بعدسة المصوّر الأميركي مارك سميث، لنسر يخرج من أمواج البحر حاملاً سمكة اصطادها.
والواقع ان التضارب في التوقعات بلغ مستوى قياسياً بين من بات يجزم بوصول “وشيك” لمرشح “محور الممانعة” سليمان فرنجية استنادً إلى لقائه الصباحي إلى فطور مع السفير السعودي وليد بخاري في دارة السفير في اليرزة وكأنه لقاء منح الغطاء لانتخابه بعد إسقاط الفيتو السعودي عنه، ومن بات يتوقع ردة سياسية قوية تقوّض فرصة فرنجية مع اقتراب قوى المعارضة من اختيار مرشحها الجديد البديل من ميشال معوض لمقارعة فرنجية في الفصل الحاسم من المعركة.
في كلّ المقلبين بدا واضحاً أن المعركة السياسية الداخلية تحوّلت إلى مواجهة دعائية وإعلامية طاغية، بحيث يغلب فيها الطابع الدعائي الضاغط على المعطيات الجدية الموثوقة وبذلك تفقد معظم المواقف والمعطيات صدقيتها ويبقى الرأي العام عرضة للكثير من التضليل والتلاعب بالوقائع الصحيحة. ولكن العامل الثابت من بين كل ما يساق ويطرح في سوق الإثارة، هو أن ثمة شبه إجماع لدى القوى السياسية على وجود ضغط متعاظم إن بفعل مواقف خارجية متعاظمة وأن بفعل زخمة استحقاقات داخلية منتظرة تفرض اعتبار حزيران المقبل مهلة وانذاراً حاسمَين يتعين بذل كل الجهود الاستثنائية لانتخاب رئيس الجمهورية العتيد وإنهاء حالة الشغور الرئاسي خلالها.
ومع ذلك فأن حزيران يبقى، حتى إشعار آخر، مهلة حث وليس موعداً حاسماً نهائياً لأن لا معطيات داخلية أو خارجية يمكن اعتبارها حاسمة قطعاً تضمن الانتخاب في حزيران. وكل ما يحاول هذا الفريق أو ذاك إغراق الرأي العام في مناخاته كأنه حقيقة حاسمة ليس سوى لعبة دعائية تذكيها التحركات الكثيفة المتصاعدة.
وفي إطار المواقف البارزة من الأزمة، حذّر أمس المجلس الشرعي الأعلى بعد اجتماعه برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان من “مخاطر التأخير في انتخاب رئيس الجمهورية وانعكاس ذلك على الوطن والمواطن بمزيد من التدهور والانهيار، بحيث ينبغي أن ينجز الشغور الرئاسي اليوم قبل الغد، وتحقيق هذا الاستحقاق يتحمل مسؤوليته النواب ومن ثم القوى السياسية، فلا يمكن أن يعتمد على الخارج إذا كان أهل الحل والربط في هذا البلد مختلفين، فالدول العربية الشقيقة والدول الصديقة تنتظر توافق اللبنانيين لتقديم الدعم والمساعدة، ولا يمكن للدولة أن تبقى وتستمر وتستقر بدون رئيسٍ للجمهورية، فالوطن مهدّد ببقائه إذا استمر الوضع على ما نحن عليه، علينا أن نعمل معاً لكي يبقى الوطن وتبقى الدولة، وعلى المسؤولين أن يخطوا خطوات إنقاذية للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة للبدء بالإصلاحات وتيسير أمور المواطنين الذين يعانون من الأزمات المتلاحقة في شتى المجالات”.
وفي المواقف النيابية، أعلن عضو “كتلة الاعتدال الوطني” النائب سجيع عطية، أن “حتى اللحظة كتلتنا في نقاش داخلي ويهمها برنامج المرشح ونحن على مسافة وفي حال ترقب تام بانتظار الشخصية التي سيتفق عليها المسيحيون ليبنى على الشيء مقتضاه”، معتبراً في حديث إذاعي أن “مرونة فرنجية جيدة لكنها غير كافية ويتعين أن يقدم لفرنجية ما لم يقدمه لغيره، ويجب أن يكون لديه جدية بالمبادرة، إذ لم يعد لديه حرج للحديث عن سلاحه لأنه لم يعد هناك من حاجة له في اليمن أو سوريا”. وتابع، “الجو المسيحي هو بي الصبي في انتقاء الرئيس ونحن على قاب قوسين من إعلان اسم ستتفق عليه المعارضة، وبحسب المعلومات، فإن الفيتوات سقطت عن الجميع وسنصبح أمام مرشَحَين للرئاسة”، مضيفاً، “برأيي لن يبقى ميشال معوض مرشحاً للرئاسة لا يريد فرنجية مرشح تحد”.
وإذ لفت إلى أننا سنكون أمام رئيس جديد للجمهورية في الأسبوعين المقبلين، قال: “صحيح أننا خارج المعارضة إلا أننا نشبهها بموضوع السيادة. ورأى أن “هناك استعجالاً سعودياً لانتخاب رئيس لتستقيم المؤسسات”، مشيراً إلى أن “السفير السعودي وليد بخاري في لقائه الكتلة لم يسمّ أحداً ولم يضع فيتو على أحد حتى على اسم سليمان فرنجية، وكان الحديث متمحوراً حول أن الجميع صديق للمملكة ومن ينجح ستكون المملكة إلى جانبه”.
في ملف النازحين السوريين، التقى أمس رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع في معراب المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان عمران ريزا. وبعد أن بحثا في المستجدات على الساحتين اللبنانية والإقليمية، شدّد جعجع على “أن لبنان تحمّل الكثير في سبيل نجدة وإيواء الشعب السوري، لكن الوضع اليوم لم يعد يحتمل وعلينا العمل سوياً وبشكل سريع، للانتقال من تنظيم بقاء النازحين إلى تنظيم عودتهم”.
وإذ أكد “أن لبنان بلد عبور لا لجوء، وفق اتفاقية موّقعة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 2003، دعا “رئيس القوات” المجتمعَ الدولي إلى “البناء على التطوّرات الإقليمية الأخيرة بغية انتشال لبنان من هذه الازمة المستفحلة، باعتبار أن المسألة تعدّت وتجاوزت المفهوم الاقتصادي أو الإنساني أو تقدمة المساعدات وتحوّلت الى مشكلة وجودّية سياديّة، وبات حلّها أولى الأولويات، منعاً لتفاقمها وحفاظاً على استقرار البلد من جهة والإقليم من جهة أخرى”.