مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة النهار
قد يكون جدول اعمال من 73 بندا لجلسة سيعقدها مجلس الوزراء عصر غد الجمعة، والذي ينوب للشهر السابع حتى الان عن صلاحيات رئيس الجمهورية، بمثابة انعاش للذاكرة بحال الجمهورية البائسة قياسا بتراكم الحاجة الملحة الى نقل الاعتمادات من احتياطي الموازنة الى موازنات الوزارات وتخصيص الاعتمادات اللازمة للانفاق في القطاع العام، وهي البنود التي تطغى على معظم الجدول الذي وزع امس على الوزراء. ولكن هذا الاختناق المالي لم يكن الا الانعكاس المباشر للاختناقات الأكبر في الواقع السياسي الذي يبدو معه لبنان امام مواعيد وهمية لا تقدم ولا تؤخر في ازماته الزاحفة المنذرة بمزيد من التداعيات الخطيرة في كل الاتجاهات.
فصل جديد من فصول هذا التأزم ارتسم امس مع مثول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امام القضاء اللبناني على خلفية الملاحقة القضائية الفرنسية له في وقت اشتعلت داخليا جبهة الانقسامات والاتهامات المتصلة بملف الحاكم، علما ان الدوافع الأساسية لهذا الاشتعال تعود الى الازمة الرئاسية وتموضعات القوى والمراجع منها. ويبدو واضحا ان ملف الحاكم آيل الى تأجيج نار الازمة السياسية والرئاسية بعدما تداخلت تداعياته بقوة مع الحسابات المتضاربة بعنف للقوى السياسية. ولكن ما يثير القلق اكثر من التداعيات السياسية هي المحاذير المالية والمصرفية للاهتزاز المعنوي الحاصل في موقع الحاكم والتي يصعب تجاهل التحسب لها لجهة ما بدأ يثار حيال تعامل المصارف الأوروبية والأميركية المراسلة مع المصارف اللبنانية.
وسط هذه المناخات المقلقة عقدت امس جلسة استماع لحاكم مصرف لبنان رياض سلامه أمام المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان، ودامت ساعة و10 دقائق قرر قبلان بعدها ترك الحاكم ومصادرة جوازي سفره اللبناني الديبلوماسي وكذلك الفرنسي ومنعه من السفر بموجب مذكرة التوقيف الفرنسية المعممة بالنشرة الحمراء عبر الانتربول الدولي. وارسلت مذكرة منع السفر الى الامن العام على الفور لتنفيذ هذا المنع برا وبحرا وجوا، كما طلب من رئيس قسم المباحث المركزية العقيد نقولا سعد ابلاغ مذكرة للإنتربول الدولي عبر مكتبه في بيروت بطلب لبنان من السلطات الفرنسية استرداد ملف سلامة.
وعلم ان سلامه نفى خلال التحقيق معه كل ما أسند اليه من تهم في مذكرة التوقيف الفرنسية، وكرر جميع اجوبته السابقة التي أدلى بها امام القضاءين اللبناني والفرنسي. وشدد على انه بريء وان ملفه سياسي، مضيفا انه شخص ميسور ومليء ويملك عقارات في فرنسا ولبنان وبراتب شهري حوالى 150 الف دولار قبل تسلمه مركزه في الحاكمية، طالبا محاكمته في لبنان.
وأبدت مصادر مطلعة اعتقادها أن فرنسا وخلافا لعدم طلبها سابقا استرداد رجل الاعمال اللبناني كارلوس غصن، فإنها ستطلب استرداد الحاكم سلامة بمعزل عن الموانع القانونية التي تحول دون تسليمه، وبمعزل أيضا عن قرار الحكومة اللبنانية في صدده والتي ربطت بته بتقرير القضاء الذي سيصدرعن هذا الموضوع.
ويشار الى ان القنصل في السفارة الالمانية ومسؤولا امنيا لديها التقيا امس النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في مكتبه واطلعاه شفهيا على إصدار المدعي العام الألماني مذكرة غيابية بتوقيف سلامة على ان يتسلم رسميا نسخة عن هذه المذكرة من السلطات الألمانية. وفي فرنسا تقدم وكلاء حاكم مصرف لبنان بطعن بمذكرة التوقيف الصادرة بحق موكلهم، فيما أرجأت محكمة الاستئناف الفرنسية الى مطلع تموز المقبل بت طلب سلامة رفع الحجز الاحتياطي عن عدد من ممتلكاته الذي كان القي الحجزعليها في إطار التحقيق في الملف الفرنسي الجاري بحقه وآخرين.