مجلة وفاء wafaamagazine
توحي كل المؤشرات والمواقف انّ الاسبوع الطالع قد يكون اسبوع الخيارات في شأن الاستحقاق الرئاسي، بين تمسّك «الثنائي الشيعي» وحلفائه بدعم ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، واقتراب «التيار الوطني الحر» والمعارضة من الاتفاق على مرشح، يرجح ان يكون الوزير السابق جهاد ازعور، وزيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي للفاتيكان اليوم وباريس غداً، فيما الجميع ينتظرون ما نتج من القمة العربية في شأن لبنان، والذي لا يزال طي الكتمان، وهو مرشح للظهور في أي لحظة حسب التوقيت الإقليمي.
شاع في الأوساط السياسية امس، انّ «التيار الوطني الحر» توافق مع المعارضة ممثلة بحزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب» وحلفائهما، على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور منافساً لفرنجية، على ان يحمل البطريرك الراعي هذا الإسم معه في جولته على الفاتيكان وباريس التي تبدأ اليوم.
وكان لافتاً في هذا السياق، ما قاله أمس عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سيمون ابي رميا، من انّه كنائب لم يُبلّغ بأي أمر، وبأنّه ينتظر اجتماع التكتل لكي يناقش هذا الامر ويبني على الشيء مقتضاه.
وإلى ذلك، قالت مصادر مطلعة على حركة المعارضين لـ»الجمهورية»، انّ الامور لا تزال قيد المشاورات، مع ميل إلى التوافق على اسم ازعور. إلاّ انّ اي بيان ختامي لم يصدر بعد عن المعارضة، ويفيد عن إتمام صفقة سياسية، وهذا ما يدعو إلى التروّي في الحكم على النتيجة.
ورأت المصادر نفسها، انّ سبب هذا التأخير في إصدار هذا البيان الختامي يعود إلى أمرين يتعلقان بـ»التيار الوطني الحر»: الاول، يتصل بمدى جدّية رئيس التيار النائب جبران باسيل في الذهاب بعيداً في خلافه مع «حزب الله». والثاني يتعلق بقدرة باسيل على إقناع تكتله «لبنان القوي» بالاقتراع لأزعور، حيث انّ المعطيات الاولية تشير إلى انّ هناك ما لا يقل عن 10 نواب من التكتل يرفضون الاقتراع لأزعور، ويعتبرون انّ النائب ابراهيم كنعان تتوافر له الحظوظ فيما لو تبنّى التكتل ترشيحه، إذ يعتبر هؤلاء انّ كنعان في إمكانه نيل تأييد «القوات اللبنانية» و»الثنائي الشيعي» كحليف للتيار، وبالتالي انّ فرصته قائمة وانّ ممانعة باسيل ترشيحه غير مبرّرة.
ولفتت المصادر، الى انّ صدور بيان عن المعارضين جميعاً بتأييد ازعور لا يمكن ان يُنجز قبل غد الثلثاء، موعد لقاء البطريرك الراعي مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الايليزيه، بعد ان يكون عرّج على الفاتيكان اليوم.
وفي هذا السياق، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية»، انّ الفاتيكان تمنّى على باسيل خلال زيارته الاخيرة له، الّا يختلف مع «حزب الله». وتوقفت هذه المصادر عند «أمر في منتهى الأهمية» وهو «انّ دخول باسيل على خط ترشيح ازعور قد أفقده التأييد السنّي لاعتبارات تتصل بموقف باسيل السلبي من «اتفاق الطائف» وسياسته تجاه كل رؤساء الحكومات، وهذا ما يفسّر توسّع كتلة «الاعتدال الوطني» التي كان من الملفت انّها ضمّت اليها كلاً من النائبين نعمة افرام وجميل عبود، وسبب انضمامهما يعود إلى عدم الوقوف على رأيهما في كل النقاشات التي رافقت اجتماعات المعارضة للبحث في ترشيح ازعور، حيث كان لافتاً ما تمّ تسريبه من انّ باسيل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» جعجع يرفضان أي مرشح من كسروان لاعتبارات انتخابية بحتة.
واكّدت المصادر، انّ موقف افرام لم يكن يتيماً، بل انّ النائب ميشال ضاهر قد أخذ المنحى نفسه، معتبراً انّ القوى المسيحية الكبرى لا يمكن ان تفرض مرشحها عليه. اما في ما يتعلق بالنواب التغييريين، فلم يستطع ازعور حصد تأييد اكثر من ثلاثة منهم وهم: وضاح الصادق، مارك ضو، وميشال الدويهي. وفي ما يتعلق بموقف رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، فقد عكس في لقائه مع أعضاء الجبهة السيادية، أنّه لن يتصادم مع «حزب الله».
وأكّدت المصادر «انّ اللبنانيين ينتظرون ما نتج من القمة العربية في شأن لبنان، والذي لا يزال طي الكتمان، وهو مرشح للظهور في أي لحظة حسب التوقيت الاقليمي». ولاحظت انّه «بات من الثابت انّ الفريق المعارض يسعى من خلال ازعور ليس إلى إيصاله بمقدار ما يسعى لأن يلغي ترشيحه ترشيح فرنجية، في اعتبار انّ الاثنين لا يمكنهما بلوغ عتبة 65 صوتاً».
الّا انّ ثمة مطلعين على موقف «الثنائي الشيعي» أكّدوا «انّ التخلّي عن ترشيح فرنجية هو من سابع المستحيلات إذ انّ هذا الترشيح المبني على أسس وطنية عدة، قد تقدّم اقليمياً ودولياً وحاز على حياد ايجابي من المملكة العربية السعودية، أضف الى انّ موازين القوى في الداخل والخارج لا تسمح بأن توضع مفاصل السلطة التنفيذية بكاملها في يد فريق واحد قريب من الغرب في ظل توازن اقليمي بات واضحًا وضوح الشمس».
الراعي في الفاتيكان وباريس
وفي هذه الأجواء، تتجّه الأنظار الى الفاتيكان وباريس، حيث سيكون البطريرك ضيفاً على أعلى المستويات فيهما، ومن المنتظر ان تكون المحادثات حاسمة في جوانب منها، بالنظر الى ما توافر من حديث عن اقتناع فرنسي بضرورة الوقوف على رأي الراعي قبل اي تحوّل في الموقف الفرنسي.
وحُسمت أمس الترتيبات الخاصة بزيارتي الراعي، عندما أعلن المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي المحامي وليد غياض، أنّ البطريرك يتوجّه صباح اليوم الاثنين الى الفاتيكان للقاء رئيس الحكومة الفاتيكانية الكاردينال بييترو بارولين، ثم ينتقل مساء إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد ظهر غد.
ويرافق الراعي: المطارنة بولس مطر، بيتر كرم، ومارون ناصر الجميل، المونسنيور أمين شاهين، سفير لبنان في باريس رامي عدوان، ومدير مكتب الإعلام في بكركي وليد غياض.
وقالت مصادر بكركي لـ «الجمهورية»، انّ الراعي يحمل معه الى العاصمتين البابوية والفرنسية الملف الرئاسي وحصيلة مساعيه لإنهاء الشغور في سدّة الرئاسة. وسيطلب مساعدة فرنسا في ملف النازحين السوريين وضرورة عودتهم إلى بلادهم ورفض توطينهم، إضافة الى معالجة الملف المالي خصوصاً في ظل الانهيار الاقتصادي والمالي.
ولفتت المصادر الى انّ الراعي يحمل معه أكثر من خيار رئاسي على ضوء المبادرة الفرنسية، ومن بينها السعي الى توفير الضمانات الضرورية لإجراء انتخابات عادلة وديموقراطية من دون أي تأثيرات خارجية، وهو سيطلع الرئيس الفرنسي على ما بذله من جهود، منوّهاً بالدور الفرنسي ومجموعة الدول التي التقت في لقاء باريس الخماسي، داعياً الى ضرورة توفير الدعم الدولي للخروج من المأزق الداخلي ووقف الرهانات على المسارات الخارجية بما لا يضمن المواجهة المتكافئة في الداخل.
وفي هذا الإطار، قال عضو كتلة «الاعتدال الوطني» النائب سجيع عطية في حوار متلفز، انّ الراعي «ذاهب إلى فرنسا ليقول للفرنسيين «استعجلوا واكّدوا النصاب في مجلس النواب من اجل انتخاب رئيس للجمهورية» في لبنان، وهو لن يقدّم خلال زيارته أي اسماء للرئاسة». واشار الى انّه بعد 15 حزيران المقبل «ستكون هناك عقوبات اوروبية على شخصيات سياسية».
بعض التوافق
وعشية سفره إلى روما اليوم في طريقه إلى باريس قال الراعي، في عظته خلال قداس العنصرة امس من بكركي، «نود أن نشكر الله على ما نسمع في شأن الوصول إلى بعض التوافق بين الكتل النيابية حول شخصية الرئيس المقبل، بحيث لا يشكّل تحدّياً لأحد، ويكون في الوقت عينه متمتعاً بشخصية تتجاوب وحاجات لبنان اليوم وتوحي بالثقة الداخلية والخارجية». وامل في أن «يتمّ انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت لكي تنتظم المؤسسات الدستورية وتعود الى العمل في شكل طبيعي وسليم وفعّال، وبذلك تتوقف الفوضى الحاصلة على مستويات عدة وتتوقف القرارات والمراسيم العشوائية التي تستغيب رئيس الجمهورية وصلاحياته، وبالتالي فهي تبقى عرضة للشك والاعتراض».
عوده
وأشار متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده في عظة الاحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت، الى انّ «الحاجة أصبحت ملحّة للتغيير، للإصلاح، للخروج من مستنقع الفساد، خصوصاً بعد التهديد بإدراج لبنان على اللوائح الرمادية، لأنّ العالم لم يعد يثق بمن تولّوا مسؤولية الإبحار بسفينة الوطن، فأغرقوها، ولا يزالون يمعنون في إغراقها». وسأل: «كيف يستقيم العمل في ظل غياب مجمع وطني يسهر على تطبيق الدستور واحترامه، مجمع مؤلف من رئيس للجمهورية، وحكومة أصيلة، ومجلس نواب اختارهم الشعب ليعملوا من أجل مصلحته، أي المصلحة العامة، ومن أجل تحصين المؤسسات العامة وتفعيل عملها في خدمة المواطن، وهذا يكون بإدخال الإصلاحات اللازمة والضرورية لكي يقوم كل إنسان مسؤول بعمله، ويُحاسب على أي تقصير أو فساد أو سوء أمانة؟ بلدنا بلا رأس ولا حكومة فاعلة، مشلول، إداراته معطلة وبعض المراكز فيها خالية أو تدار بالوكالة». وقال: «الجميع ينتظر، لكن الوقت يمرّ والفرص تضيع والأحوال تتدهور. والمشكلة الكبرى أننا نشهد فساداً يحميه فاسدون محميون من فاسدين ولا محاسبة ولا عقاب. كما نشهد سرقات وتعدّيات، ومناورات تجري تحت عيون الدولة والأجهزة الأمنية والعالم، لا علاقة للدولة بها».
ورأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، أنّ «المرشح الذي يُتداول باسمه هو مرشح مناورة مهمّته مواجهة ترشيح من دعمناه وإسقاطه»، داعياً الفريق الآخر إلى «التوقف عن هدر الوقت وإطالة زمن الاستحقاق». وقال في كلمة له خلال احتفال لـ»حزب الله» في بلدة الريحان الجنوبية: «نريد تفاهماً وطنياً وشراكة حقيقية تحفظ البلد الذي نحرص عليه، لا مرشحاً بدل ضائع، في حين أنّ التعليمات الخارجية كانت توجّه البعض في لبنان الذين يملكون الوقاحة اللازمة للتصريح علناً برفضهم وصول مرشح للممانعة، في مقابل رضاهم بوصول ممثل الخضوع والإذعان والاستسلام. من لا يريد ممثلاً للممانعة هو نفسه يقول لنا «لنا جمهوريتنا ولكم جمهوريتكم» ويريد تقسيم البلد».
ومن جهته المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل قال خلال احتفال لحركة «أمل» في بلدة الصرفند الجنوبية: «للأسف وبصراحة نقول: ما يجري وما يُتناقل خلال الايام الماضية أنّ قوى سياسية تجتمع فقط على قاعدة إسقاط المرشح الذي دعمناه او تبنيناه، سمعنا جميعاً مواقف القيادات الأساسية في الفريق الآخر. إذا صح التعبير، يتحدثون بتشكيك عن بعضهم البعض، لم يطرح واحد منهم مشروعاً للشخص الذي يحاولون الإتفاق عليه، لم يطرحوا أي مشروع لا في السياسة ولا في الإقتصاد ولا مشروع تفاهم حقيقياً في ما بينهم لإنقاذ المرحلة المقبلة، بل على العكس كل ما سمعناه هو أنّهم يحاولون الاتفاق بشكل مرحلي من أجل إسقاط ترشيح الوزير سليمان فرنجية للرئاسة. هذا المنطق من النكد السياسي لا يبني وطناً، هذا المنطق الذي تتجمّع فيه إرادات فقط من أجل التعطيل وهي تعرف تماماً أنّها لا تملك الرؤيا الموحّدة أو الموقف الموحّد حتى. هذا أمر لا يمكن أن يوصل بلدنا الى برّ الأمان».
الجمهورية