مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الديار”:
صفحة جديدة فُتحت في رحلة التنقيب عن الثروة السوداء من أعماق البحار اللبنانية، التي ستُبحر أخيراً مع بدء عملية حفر البئر الاستكشافية الأولى الواعدة في حقل «قانا» في البلوك 9 (والثانية بعد حفر البئر الأولى في البلوك 4 في العام 2020)، خلال عشرة أيام.. ومع رفع العلم اللبناني على المنصّة إيذاناً ببدء الحفر، يبدأ العدّ العكسي لدخول لبنان نادي الدول النفطية الـ 80 في العالم، التي تستجلب الشركات الدولية اليها للاستثمار في قطاع الغاز والنفط، وذلك بعد وصول باخرة التنقيب عن النفط والغاز في البلوك 9 «ترانس أوشن بارنتس»، ورسوّها نقطة الحفر المخصّصة لها أمس الأربعاء. وبذلك تكون الدولة اللبنانية قد خطت خطوة بعد توقيع «إتفاقية ترسيم الحدود البحرية»، إذ بدأت مرحلة الكشف عن ثروتها النفطية الموعودة المدفونة في المياه اللبنانية. وثمّة تعويل كبير على عائدات هذه الثروة لإخراج لبنان من النفق المالي والاقتصادي الذي يعيشه منذ سنوات.
ولفت هذا الحدث المهمّ أنظار اللبنانيين الذين يأملون في رؤية الثروة النفطية تتفجّر من عمق البحر، كما أنظار دول الجوار التي تترقّب نتائج الحفر، والشركات الدولية التي ربما على أساس النتائج الأوليّة ستُقرّر المشاركة في دورة التراخيص الثانية أم لا، والتي مُدّد لها حتى 2 تشرين الأول المقبل.
والتفاؤل يبدو سيّد الموقف، بعد سيل المآسي والأحداث والتشنّجات السياسية وتبادل المسؤوليات التي شهدها لبنان خلال الأيام الماضية، لا سيما بعد حادثة الكحّالة الأخيرة… فاحتمال حصول اكتشافات تجارية في حقل «قانا» المحتمل في البلوك 9، والذي يُتوقّع أن تظهر نتائجه خلال شهرين ونصف، على أن تبدأ عملية الحفر خلال الأيام المقبلة، مرتفع جدّاً.
وتقول مصادر مطّلعة على هذا الملف انه لو لم يتمّ اتفاق الترسيم البحري بين لبنان و»إسرائيل» في 27 تشرين الأول الماضي، لما تمكّنت شركة «توتال إنرجيز»، من اختيار الموقع الأنسب في «المكمن المحتمل». فحقل «قانا» يمتدّ على طول 25 الى 30 كلم داخل المياه اللبنانية، والنقطة الفضلى للحفر فيه هي التي سيبدأ المشغّل بحفرها خلال أيّام. وهذه النقطة لم يكن بمستطاع «توتال» أن تطلب الحفر فيها في حال كان النزاع الحدودي لا يزال قائماً»…
وتابعت: «نحن مطمئنون ونتفاءل بإمكان حصول اكتشافات في هذا المكمن، كون «توتال» خبيرة في نظام المنطقة الجيولوجي والبترولي. والتركيز اليوم هو على حصول اكتشاف تجاري، للانتقال في المرحلة المقبلة، الى جذب شركات أخرى للبلوكات المتبقية، وذلك لتسريع نمط التنقيب والاستكشاف، ومن ثمّ تطوير هذه الثروات وتحويلها من أصول تحت الأرض الى أصول مالية مستدامة فوق الأرض».
ولفتت المصادر نفسها الى أنّ النصوص لا تشكّل الضمانة للبنان اليوم ببدء وإنهاء عملية الحفر، إنّما «عناصر القوة التي نملكها والتي وضعناها على الطاولة، وهي التي جاءت بالإسرائيلي الى مفاوضات جديّة، بعد أن كان يماطل ويستغلّ الوقت لأكثر من 13 عاماً ويتمدّد في البحر الفلسطيني ويكتشف ويطوّر الحقول النفطية فيه. وحصل نقاش غير مباشر من خلال الوسيط الأميركي مفاده أنّه «ليس للبنان ما يخسره فإذا لم يعترف العدو بحقوق لبنان، لن يتمكّن هو أيضاً من استخراج النفط». وأضافت: «لهذا لا يفكّرنّ أحد اليوم بدسّ فخّ التطبيع مع العدو، لأنّ هذا الأمر قد فَشِل. فالمفاوضات غير المباشرة وبعض المعطيات قد ساهمت آنذاك في عدم ذهاب «الإسرائيلي» الى التصعيد، سيما بعد أن تيقّن أنّ الباخرة التي استقدمها الى جانب حقل «كاريش» لا يمكنها العمل قبل إنهاء هذا التفاهم. ووصلنا في نهاية التفاوض الى الحلّ المشرّف الذي حفظ حقّ لبنان ورفع المنع عن الاستثمار في الثروات».
زيارة ميدانية للقاعدة
وبعد وصول منصّة الحفر الى البلوك 9، قام وزيرا الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال الدكتور علي حمية والطاقة والمياه الدكتور وليد فياض، الى جانب ممثّلين عن «هيئة إدارة قطاع البترول»، بزيارة ميدانية الى القاعدة اللوجستية التي تم اعتمادها في المطار لإقلاع وهبوط طائرة الهليكوبتر، المخصّصة لتقديم الخدمات من وإلى منصة الحفر للتنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9، وذلك في حضور المدير العام للاستكشاف والإنتاج في شركة «توتال» رومان دو لا مارتنير، ومسؤولين وقادة الوحدات الأمنية والإدارية المعنية في المطار وأعضاء من مجلس إدارة هيئة قطاع البترول.
وأشار الوزيران فيّاض وحميّة أنّ عملية الحفر ستبدأ خلال أيام عندما تتجهّز الباخرة لوجيستياً لبدء هذه العملية، وأنّها تتطلّب من 70 الى 80 يوماً منذ بدء عملية الحفر والاستكشاف، على أن تصدر النتائج بعد هذه المدّة.
وأطلق حميه على خط الملاحة الجوّي للهليكوبتر بين مطار بيروت ومنصة الحفر والتنقيب، اسم «خط «قانا 96»، وذلك تخليداً لشهداء مجزرة قانا عام 1996 كتاريخ مفصلي بالنسبة لقواعد الاشتباك مع العدو الإسرائيلي التي أرست دعائم النصر في لبنان وأسست لمرحلة تعافيه».
بدوره، قال فيّاض: في أواخر عهد الرئيس ميشال عون كانت النقطة الرئيسية والمحورية والجوهرية التاريخية وهي الترسيم الحدودي الذي استطاع من خلالها الرئيس عون في عهده وبدعم من باقي الأفرقاء في لبنان، وتحديداً في معادلة القوة التي يتمتع بها لبنان والتي فرضت، أن نأخذ بالترسيم ما كان ليحصل في غير ظرف. وقد حافظ لبنان من خلال هذا الترسيم على كل حقوقه بالنسبة للموارد تحت المياه وبالنسبة للموارد الجغرافية، بمعنى أننا لم نخسر من الحدود، ولم نخسر كميات النفط المحتمل أن تكون موجودة في حقل قانا بغض النظر سواء أكانت جنوب الخط أم شماله وحقنا كله سنأخذه».
وقال :»نحن إيجابيون لأن مسؤولي «توتال» عندما التقيناهم كانوا متفائلين بوجود محتمل تحديداً في البلوك رقم 9. ونحن نعوّل على رأي الاختصاصيين، وهم لهم الرصيد في اكتشاف حقول كبرى في حوض البحر الابيض المتوسط وأبعد من المتوسط. ونتمنى ان نكون محظوظين ان نثبت وجود اكتشاف في حقل قانا، لكننا لا نستطيع منذ اليوم حسم هذا الموضوع وعلينا انتظار نهاية الحفر».
وفي الختام تمّ التوقيع على اتفاقية تقنية لرسم الخطوط الجوية التي ستتبعها المروحيات من بيروت الى البلوك رقم 9 مع مصلحة الملاحة الجوية للمديرية العامة للطيران المدني وشركة «سكاي لوينج» الممثلة لشركة هيلكوبتر الخليج.
وجرى رفع العلم اللبناني على منصة الاستكشاف والحفر بموازاة وصول أول مروحية الى مطار بيروت. وتقوم هذه المروحية برحلة تجريبية من المطار لتحطّ على المنصّة في البلوك 9 وهي تبعد 1650 متراً عن الشاطىء في منطقة الناقورة حيث تمّ إنشاء هذه المنصّة لتتحضّر لعملية التنقيب.
بيان «توتال»
وكانت أعلنت شركة «توتال إنيرجيز»، مشغّل الرقعة الرقم 9 في بيان، «وصول منصة الحفر Transocean Barents إلى الرّقعة على بعد نحو 120 كيلومتراً من بيروت في المياه اللبنانيّة إلى جانب وصول أوّل طائرة هليكوبتر إلى مطار بيروت. هذه المروحيّة، التي تديرها شركة Gulf Helicopters بعد أن تعاقدت معها شركة «توتال إنيرجيز إي بي» بلوك 9 ستنقل الفرق إلى منصة الحفر».
ولفت البيان إلى أنّ «وصول الآليتين خطوة مهمّة في التحضير لحفر البئر الاستكشافية في الرّقعة الرقم 9 الذي سيبدأ في أواخر شهر آب الحالي. كما تمّت زيارة ميدانيّة الى المطار وشكّلت فرصة للتذكير بأنّه تمّ العمل وفقاً لجدول العمليّات والتقدّم بالأنشطة وفقًا للالتزام الذي تعهّد به الشركاء في كانون الثّاني 2023».
رسالة لودريان والردود
وفي إطار التمهيد لزيارته السياسية الثانية الى بيروت في أيلول المقبل، أرسل المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي جان إيف لودريان رسالة الى البرلمان طلب فيها من النوّاب الإجابة قبل نهاية آب الجاري عن سؤالين مهمّين، (سبق وأن عرضهما شفهياً على جميع الأطراف خلال زيارته الأولى الى لبنان كموفد رئاسي وتتعلّق بصفات رئيس الجمهورية ومهامه)، هما:
1- ما هي بالنسبة الى فريقكم، المشاريع ذات الأولوية المتعلّقة بولاية رئيس الجمهورية خلال السنوات الستّ المقبلة؟
2- ما هي الصفات والكفاءات التي يجدر برئيس الجمهورية التحلّي بها من أجل الاضطلاع بهذه المشاريع؟
وأثارت هذه الرسالة موجة من الاعتراضات، وامتعاض عدد من النوّاب لناحية شكلها ومضمونها. فاعتبرها البعض «تدخّلاً سافراً في الشؤون الداخلية اللبنانية» كونها تُطالب كلّ فريق سياسي ليس فقط بإبداء رأيه في ما سيطرحه لودريان خلال محادثات أيلول المرتقبة، إنّما لحصوله على «توقيع» كلّ من الأفرقاء السياسيين. فيما أكّدت المعارضة عدم جدوى أي حوار مع حزب الله، مشدّدة على أنّ الحوار يأتي بعد انتخاب رئيس الجمهورية.
عريضة نيابية: لا جدوى من حوار حزب الله
وفي ردّ مباشر على مساعي لودريان ورسالته، أصدر عدد من نوّاب المعارضة عريضة بعنوان «قوى المعارضة في مجلس النوّاب»، شرحوا فيها «الإطار السياسي للمواجهة في المرحلة الراهنة»، وقاموا بتوقيعها وهم: جورج عدوان، سامي الجميل، وضّاح الصادق، ميشال معوض، مارك ضو، ميشال الدويهي، فؤاد مخزومي، غسان حاصباني، جورج عقيص، سليم الصايغ، ستريدا جعجع، نديم الجميل، الياس حنكش، أشرف ريفي، أديب عبد المسيح، بلال الحشيمي، نزيه متى، سعيد الاسمر، فادي كرم، كميل شمعون، رازي الحاج، غياث يزبك، ملحم الرياشي، شوقي دكاش، انطوان حبشي، الياس اسطفان، بيار بو عاصي، زياد حواط، ايلي خوري، غادة ايوب وجهاد بقرادوني»
وجاء في العريضة أنّه «آن أوان الحسم ولم يعد هناك أي مجال لاضاعة الوقت، او الى ترتيب تسويات ظرفية تعيد إنتاج سيطرة حزب الله على الرئاسات الثلاث والبلد، بل بات لزاماً على قوى المعارضة كافة التحرّي الجاد عن سبلِ تحقيق سيادة الدستور والقانون وصون الحريات على كل الاراضي اللبنانية وحصر السلاح بيد الدولة بقواها العسكرية الشرعية، وعن طرق الوصول الى سياسة خارجية تعتمد الحياد حماية للبنان، وإيجاد سبل لإنقاذ القضاء والادارة والاقتصاد والوضع المالي وإصلاحها».
مجلس الوزراء أقرّ الموازنة
هذا ، وأقرّ مجلس الوزراء امس مشروع الموازنة العامّة بالإجماع مع بعض التعديلات، وذلك بعد الانتهاء من دراستها بعد 4 جلسات خُصّصت لها في السراي، فيما بلغ عجز الموازنة 45 ألف مليار ليرة، أي بنسبة 24 % بعدما كان 18 %. كما وافق على مشروع قانون يرمي إلى إعطاء الحكومة حقّ التشريع في الحقل الجمركي ومشروع قانون يرمي إلى فتح اعتماد بقيمة 10 آلاف مليار ليرة لبنانية من احتياطي الموازنة. كما أقرّ مشروع موازنة العام 2023.
هذا ويعقد مجلس الوزراء عند الرابعة من بعد ظهر اليوم الخميس جلسة في السراي الحكومي للبحث في البنود المؤجّلة من جدول أعمال مجلس الوزراء بتاريخ 7 آ ب الجاري، ويتضمّن 14 بنداً تتعلّق بالقطاع التربوي وبقضايا الطرقات المتعلّقة بوزارة الأشغال العامّة والنقل.
و في السياق، أصدر «حَراك المتعاقدين» بياناً، طالب فيه الحكومة في جلستها المرتقبة المخصصة للقضايا التربوية المصيرية،» بأن تأخذ بالاعتبار رؤية الحراك التربوية لانطلاق عام دراسي معافى ضمن المعايير المحدّدة.
الجلسة التشريعية وانتقاد الصندوق
في الموازاة، لا يزال مصير الجلسة التشريعية التي دعا اليها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم الخميس يتأرجح في انتظار موقف نوّاب «التيّار الوطني الحرّ» من المشاركة أو عدم المشاركة فيها. علماً أنّ الجلسة تُعقد لمناقشة المشاريع والاقتراحات المدرجة على جدول الأعمال، وهي أربعة أبرزها: إقتراح قانون الصندوق السيادي اللبناني لإدارة عائدات النفط، الوضع القانوني للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في لبنان، مشروع قانون يتعلّق بإنتاج الطاقة المتجدّدة الموزّعة، ووضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية (كابيتال كونترول).
وأكّدت كتلة «الجمهورية القويّة» على لسان نائبها فادي كرم عدم مشاركتها في الجلسة التشريعية اليوم لأنّها «غير دستورية».
من جهته، تساءل النائب الدكتور بلال الحشيمي في مؤتمر صحافي حول أسباب الاستعجال غير المبرّر وغير المضمون النتائج في وضع اقتراح قانون للصندوق السيادي، و إقراره في لجنة المال والموازنة… بما أنّ الإيرادات المرتقبة لهذا الصندوق لن تبدأ بالتحقق قبل ست إلى سبع سنوات في أفضل الأحوال التقنية، وذلك ابتداء من تاريخ التثبت من وجود الاحتياطات الاحتمالية النفطية والغازية. وقال: «هو يثير الشبهات حول الأغراض السياسية والمالية الحقيقية المبيتة لإقراره، دون أن يكون حتى لرئيس الجمهورية المقبل وللحكومة اللبنانية أي دور في دراسة قانون كهذا يتوقف عليه مستقبل لبنان المالي والاقتصادي».
كما رفض رئيس المجلس التنفيذي لـ «مشروع وطن الإنسان» النائب نعمة افرام عبر منصة «اكس» التشريع كاتباً : «لا للتشريع دون رئيس للجمهوريّة إلاّ للضرورة القصوى».
أزمة النازحين وتحفّظ لبنان عن «العودة الطوعية»
وفي ما يتعلّق بأزمة النزوح السوري في دول الجوار، عاد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال الدكتور عبدالله بو حبيب إلى بيروت، صباح أمس الى بيروت، بعد أن شارك في اجتماع لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا، الذي عقد في القاهرة، بمشاركة وزراء خارجية: جمهورية مصر العربية سامح شكري، المملكة العربية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، المملكة الأردنية الهاشمية أيمن الصفدي، جمهورية العراق فؤاد حسين، والجمهورية العربية السورية فيصل المقداد.
وبحث المجتمعون في «تطورات الوضع في سوريا والجهود الآيلة إلى إيجاد تسوية شاملة للأزمة السورية، مع التركيز على مسألة النازحين السوريين وعودتهم إلى ديارهم، إضافة إلى مكافحة ظاهرة تهريب المخدرات».
وصدر عن الاجتماع بيان تحفّظ فيه لبنان عن عبارة «العودة الطوعية»، مفضلا استبدالها بـ «العودة غير القسرية».