مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الديار”:
لم يعد احد من القوى السياسة ينتظر عودة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت. هذا الموعد المنتظر في ايلول المقبل، سواء تم في نصفه الاول او ارجىء الى نصفه الثاني، لن يكون حاسما في اخراج الاستحقاق الرئاسي من استعصائه. حتى ان الفرنسيين لا يعولون على هذه الجولة بشيء، لكنهم مصرون على البقاء في الساحة الاقليمية من “البوابة” اللبنانية، لكنهم يشعرون ان الخناق بات يضيق عليهم لسببين رئيسيين: الاول انهم تركوا دون دعم جدي من اعضاء الخماسية، والثاني انهم فقدوا دور الوسيط بين تلك الدول وايران، التي نجحت في اقامة حوارات مباشرة خصوصا مع السعودية، وهم ينتظرون تبلور مشهدين احدهما داخلي والآخر اقليمي، وقد يستعيدون زخم مبادرتهم.
داخليا، وفي الوقت بدل الضائع، دخلت الدوحة بقوة على خط تعطيل الحوار القائم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، عبر تقديم اغراءات لرئيس تكل لبنان القوي جبران باسيل، لاقناعه بعدم الدخول في تسوية تصل برئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى بعبدا.
وفيما لا تزال الامور الكهربائية متعثرة ودون حسم على خلفية النكد السياسي بين وزيري الطاقة والمال، تبنى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي “شراء الوقت” وتمييعه الى مطلع الاسبوع المقبل، فيما تتراكم الغرامات المالية على الدولة لصالح باخرة الفيول.
في هذا الوقت التفاوض الصعب حول قرار التمديد لليونيفيل يتواصل، فيما برز داخليا بالامس محاولة فاشلة من قبل نواب المعارضة لتحريض الجيش ضد حزب الله، من خلال لقاء جمعهم مع قائد الجيش العماد جوزاف عون في اليرزة، حيث سمعوا كلاما واضحا حيال بقاء التنسيق الحالي على ما هو عليه، لان في الامر مصلحة وطنية والتزام بالشرعية المنبسقة عن البيانات الوزارية المتعاقبة. وقد اعتبرت مصادر سياسية بارزة هذه المحاولة “لعب بالنار” ومحاولة للمس بالسلم الاهلي.
قطر على خط “التعطيل”!
رئاسيا، ووفقا لاوساط ديبلوماسية، لم تعد المواصفات التي حددتها اللجنة الخماسية، سواء بخصوص الرئيس اولوية فرنسية بعد تخلي الدول الاربع عن الفرنسيين، ولم يعد لودريان ملزما “بخريطة الطريق” التي رسَمَتها “الخماسية”، هو يراهن على الوقت لاستعادة الزخم لحراكه على خطين: الاول اقليمي والثاني داخلي.
وتقر تلك الاوساط، بعودة ازمة الرئاسة الى “الملعب” اللبناني مع التقدم المضطرد في الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر، فالفرنسيون باتوا يعوّلون على نجاحه للبقاء على “ٌقيد الحياة” سياسيا، فيما تخشى دول “الطاولة” نجاحه، باعتباره يُغير المشهد السياسي بالكامل، ولهذا تجري محاولات حثيثة من قبل القطريين للتواصل مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في محاولة لفهم طبيعة الحوار الدائر مع الحزب، ومدى استعداده للذهاب بعيدا في القبول بتبني ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة.
الدوحة “تغري” باسيل!
وتشير تلك الاوساط، الى ان الرياض وواشنطن لا تزالان بعيدتين عن خط الاتصالات، ولم تتحركا تجاه باسيل كي لا يفتحا مجالا للحديث عن اثمان في السياسية والعقوبات،ولا تزال الدوحة وحدها في الميدان، وقد بدأت عبر وسطاء تلمح الى امكانية التخلي عن دعم ترشيح قائد العماد جوزاف عون للرئاسة والبحث عن بديل مقبول، اذا كان هذا التنازل يمنع حصول اتفاق على فرنجية مع الحزب. ووفقا للمعلومات، لا تزال الاتصالات تمهيدية عبر “جس نبض” باسيل من خلال وسطاء ولم يحصل اتصال مباشر بعد، لاعتقاد القطريين ان حوار التيار- الحزب لا يزال في “منتصف الطريق”، ويمكن الانتظار قليلا، قبل الدخول بقوة على خط الاتصالات عبر رفع مستوى التدخل الديبلوماسي المباشر.
باريس والمقايضة السعودية
في هذا الوقت، ثمة انتظار فرنسي ثقيل لنتائج اللقاء المطول الذي عقده ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ووزيرالخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان، ويأمل الفرنسيون ان ينجح الايرانيون في دفع الرياض نحو خطوة ايجابية على الساحة اللبنانية، مقابل اشياء اخرى في المنطقة، بعدما باتوا على يقين ان السعوديين غير مهتمين بتحقيق اي انتصار على الساحة اللبنانية، التي لم تعد تعني لهم شيئا باعتبارها استثمارا خاسرا، ولكنهم يريدون استخدامها للمقايضة، وهذا يعني حكما تعويما لمبادرتهم لان من سيأخذ على الساحة اللبنانية هم الايرانيون وليس السعوديين.
انتظار اقليمي طويل
وفي هذا السياق، تلفت مصادر سياسية بارزة، الى ان الانتظار الفرنسي قد يطول اقليميا، لان ما حصل في اللقاء بين بن سلمان وعبد اللهيان اسس لانطلاقة متجددة لاتفاق بكين ضمن عناوين عامة، دون الدخول في التفاصيل التي تتاج الى المزيد من الوقت كي تتبلور. فالانتكاسة التي اصابت التفاهم اصبحت من الماضي، وهذ امر مهم للغاية، وقد جرى تحديد مكامن الخلل ، واتفق على تزخيم العمل لتطبيق الكثير من البنود المتفق عليها والتوصل الى تفاهمات حول عدد من النقاط العالقة، وقد تم تأليف لجان مشتركة لاتمام ذلك، لكن يبقى الاهم بالنسبة لطهران ما سمعه رئيس ديبلوماسيتها من ولي العهد حيال التطبيع مع “اسرائيل”، حيث سمع كلاما واضحا عن عدم حصول اي تقارب بالمجان، لان المملكة ملتزمة حقوق الشعب الفلسطيني، ولن يحصل اي تطبيع دون التزام “اسرائيل” بتطبيق حل الدولتين ضمن حل عادل.
المعارضة تحرض الجيش!
في هذا الوقت، فشل وفد من نواب المعارضة في “دق اسفين” بين قيادة الجيش وحزب الله، عقب سماعهم كلاما واضحا من قائد الجيش جوزاف عون عن التزامه بالمعايير القانونية والوطنية في تعامله مع الحزب كمقاومة منحت الحق بالوجود من خلال البيانات الوزارية المتعاقبة، رافضا الخروج عن هذا النهج الناجح في التعامل مع الوقائع لا النظريات، التي لا يمكن ان تجد اي صدى على ارض الواقع حتى لو حصل تغيير في النص القانوني، لان اي تعامل مختلف يعني صداما في غير مكانه، لا يمكن لقيادة الجيش ان تتورط فيه تحت اي ظرف. ووفقا للمعلومات، لم يخف قائد الجيش امتعاضه من تدحرج الامور في الكحالة، بعد موجة تحريض في غير مكانها، بينما كانت الامور في طور المعالجة الهادئة.
وكان وفد من نواب قوى المعارضة قد زار عون في مكتبه في اليرزة صباح امس، ودعوه لبسط الجيش اللبناني وكافة الاجهزة الأمنية الرسمية سلطة الدولة على جميع الاراضي، وتمكين الجيش من القيام بمهامه لحماية الحدود وضبطها، وذلك من خلال الحق الدستوري الذي يمنح القوى العسكرية والامنية الرسمية حصرية استخدام القوة والسلاح، وعلى ضرورة التعامل بحسم مع الأحداث المتنقلة التي تهدد السلم الأهلي وسلامة المواطنين.. كما طالبوا بحجز نهائي للمضبوطات والذخائر كونها جزءا من جريمة “مشهودة”، وهو امر لم يسمعوا تعليقا عليه من قبل قائد الجيش، الذي استقبل النواب غسان حاصباني، مارك ضو، اشرف ريفي، سليم الصايغ، الياس حنكش، بلال الحشيمي، وضاح الصادق، بحضور مدير المخابرات العميد الركن طوني قهوجي.
شبان الكحالة الى التحقيق
وكان قائد الجيش ومدير المخابرات التقيا وفدا من اهلي الكحالة انتهى بالاتفاق على وجوب احترام ما سيقوله القضاء. وصدر بيان عن بلدية وأبناء الكحالة تحدث عن الحصول على توضيحات خلال لقاء اليرزة، واكد انه بعد التداول وتسهيلاً لمسار التحقيق سيحضر الشبّان المعنيون للإدلاء بإفادتهم كشهود. ووفقا للمعلومات، التركيز الآن في التحقيقات على من اطلق الرصاصة الاولى في المواجهة المباشرة.
ملف الكهرباء “راوح مكانك”
في هذا الوقت، لم يخرج اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة تطبيق خطة الكهرباء باتفاق عملي، بعد الاجتماع في السرايا الحكومي بالامس، ووفقا لمصادر وزارية لم يكن وزير الطاقة وليد فياض مرتاحا خلال الاجتماع، ووجد نفسه محاصرا لانه لم يجد من يؤيد طرحه تحويل الليرات الخاصة بمؤسسة كهرباء لبنان والمتأتية عن الجباية الى دولارات من المصرف المركزي، بعد رفض الحاكم بالانابة وسيم منصوري هذه الآلية.
وبحسب وزير الطاقة فان هذا الأمر سيؤدي الى فشل خطة الكهرباء، لان المؤسسة تحتاج الى دولارات للدفع للموردين والمتعهدين. وقد كلف فياض التواصل مع هؤلاء لاقناعهم بتلقي مستحقاتهم بالليرة اللبنانية على اساس آخر سعر صيرفة.. ولم يتم الاتفاق على اقتراح الفوترة بالدولار، وارجىء البحث به الى وقت لاحق.
علما انه سيجري تخفيض اسعار الفواتير على البدلات الثابتة نحو 25 بالمئة. وقد اتفق على الطلب الى المنظمة الدولية المعنية بملف النازحين تسديد الفواتيرعنهم، والا ستقطع الكهرباء. اما ملف الباخرة الراسية امام الشاطىء فلم يجر التطرق الى كيفية التعامل مع ملفها ،على الرغم من اصرار فياض على مناقشة الامر، وقد تم تأجيل البحث الى الاسبوع المقبل؟!
حرب البيانات مستمرة
وكان فياض، اكد ان خطة الكهرباء ناجحة وتزيد التغذية، ولفت إلى أنّ مناقصة استيراد الفيول تستند إلى قرار من مجلس الوزراء، مشيرًا إلى القيام باجراء مناقصتين بناء على قرار مجلس الوزراء، موضحًا أنّ الكلام عن أنّ الفيول أويل غير مطابق للمواصفات غير صحيح، ومشددًا على الحاجة إلى شحنة الفيول الجديدة. ولفت إلى أنّ تأمين هذه الشحنة ليس أمرًا خاطئًا.
واوضحت وزارة الطاقة ما اسمته سلسلة مغالطات حول باخرة الفيول التي فجرت خلافا بينها من جهة، ووزارة المال والسراي من جهة ثانية، وقالت إن الناقلة البحرية” كالوس” قد وصلت إلى المياه الإقليمية اللبنانية عند الساعة السابعة صباحًا من يوم الجمعة الواقع فيه 18/08/2023 ، وهي ترسو حاليًا قبالة مصب معمل الزهراني، في حين أن الناقلة البحرية”آريادن” قد وصلت عند الساعة السابعة مساءً من اليوم عينه، وهي ترسو حاليًا قبالة مصب معمل دير عمار، وإن هاتين الناقلتين البحريتين تشكلان معًا شحنة مادة الغاز أويل المخصصة لشهر آب 2023 الموردة لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، بموجب اتفاقية التبادل المبرمة ما بين جمهورية العراق والجمهورية اللبنانية.
لماذا انخفضت التغذية؟
ولفت البيان الى ان خطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء في لبنان قد لحظت السلفة المعطاة لمؤسسة كهرباء لبنان كرأسمال تشغيلي لفترة 5 الى 6 اشهر ، على ان تبلغ قيمتها الإجمالية 600 مليون دولار أميركي، وذلك لزوم شراء وتوريد شحنات محروقات لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، ليصار إلى رفع التغذية تدريجيًا لحوالي 8 إلى 10 ساعات يوميًا، ولكن تخفيضها إلى 300 مليون دولار أميركي لأسباب خارجة عن إرادة وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة كهرباء لبنان، انعكس قسريًا تعديلًا في ساعات التغذية لغاية 4 إلى 6 ساعات يوميًا. مع الإشارة أيضًا إلى أنه ومع انقضاء حوالي 8 أشهر على إعطاء هذه السلفة، لم يتم استخدام سوى 193 مليون دولار أميركي من أصل رصيدها الإجمالي.
التعديلات اللبنانية حول “اليونيفيل”؟
في هذا الوقت، لا يزال ملف التمديد “لليونيفيل” على “نار حامية”، ويشهد صعوبات تفاوضية في الامم المتحدة، وكان هذا الملف مدار بحث بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب. وعلم في هذا السياق، ان ضغوطا اميركية- “اسرائيلية” لا تزال تعيق محاولات لبنان لتعديل المسودة الاولية التي وصلت الى بيروت منذ 3 اسابيع، ويعول على موقفي الصين وروسيا لتعديل موازين القوى.
وقد وضعت قيادة الجيش ملاحظاتها الاولية لعرضها في نيويورك لاحقا، ومن هذه التعديلات، مقابل الاصرار على بند يمنح هذه القوات حرية التحرك دون اذن الحكومة اللبنانية والجيش، ويدين تقييد حركة قوات اليونيفيل. وتصر الورقة اللبنانية على ان تكون حرية الحركة مرتبطة بالتنسيق مع المؤسسة العسكرية. كما يسعى لبنان الى تعديل كلمة “ادانة” وجود مستوعبات لحزب الله تعيق حركة قوات الطوارىء وتحجب الرؤية عند “الخط الازرق” . اضافة الى اشارة وردت في متن المسودة حول اتفاق الترسيم البحري تضع “اسرائيل” كفريق ثان في الاتفاق، ويقترح التعديل اللبناني الاشارة الى اتفاق مع الولايات المتحدة والفريق الثالث هو “اسرائيل”. كما سيسعى لبنان الى تغيير تسمية شمال الغجر الى خراج بلدة الميري.
وهم الردع “الاسرائيلي”
وفي سياق متصل، اعتبرت صحيفة “اسرائيل اليوم” ان التهديد الذي أطلقه وزير الدفاع يوآف غالنت لإعادة لبنان إلى العصر الحجري ليس “حقيقيا” ، وعليه ليس فيه ما يكفي كي يردع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وقالت انه لا يوجد شك في أن تحقق “إسرائيل” تهديداتها وتسير حتى النهاية، لكن المشكوك أكثر إذا كان العالم، ولا سيما حليفتنا الولايات المتحدة، ستمنحنا يداً حرة لتخريب لبنان. وخلصت الصحيفة الى القول” مخطئ من يعوّل عندنا على أن الأزمة الاقتصادية في لبنان ستلجم السيد نصر الله، ويخطئ من يعتقد أن تهديدات تخريب لبنان ستكون رادعة. لقد تصدع الردع تجاه حزب الله والمردوع هي “إسرائيل”، التي تتحدث عالياً وتهدد بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، لكنها عملياً تجلس مكتوفة الأيدي أمام الحزب.