مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة النهار
تظهر صورة المشهد الداخلي في ظلّ ما أثارته من مواقف دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل ثلاثة أيام إلى حوار لسبعة أيام في مجلس النواب يليه عقد جلسات مفتوحة للمجلس لانتخاب رئيس الجمهورية ان هذه الدعوة وتلك الردود عليها زادت مدماكاً إضافيّاً من مداميك العراقيل والتعقيدات التي حالت وستحول دون توفير فرصة جدية لنجاح مهمّة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في زيارته المقبلة لبيروت. فقبل أسبوع تقريباً من الموعد المبدئي لعودة لودريان إلى بيروت في 11 أيلول الحالي ازدادت الشكوك في المناخات والأجواء التي تسبق عودته مع ارتسام صورة الانقسامات الواسعة مجدّداً حول مبدآ الحوار وآليّته كممر أو شرط أو وسيلة لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية بما طرح الكثير من التساؤلات والشكوك حول الأهداف التي دفعت بري إلى طرح حواري جديد ما دام يعرف سلفاً أنّ المعارضة التي رفضت الاستجابة لرسائل لودريان لن تكون في وارد التساهل معه هو.
وإذا كانت أجوبة المعارضة السلبية على طرح بري أنهت عمر هذه المبادرة في مهدها فإنّ هناك اقتناعاً لدى بعض قوى المعارضة بأنّ برّي تعمّد ذلك مع إدراكه المُسبق بأن ردود المعارضة ستكون سلبيّة على طرحه لكنّه أراد تظهير موقف المعارضة كعنصر سلبي ومتسبّب بتطويل الأزمة الرئاسيّة. وعلى رغم تفهّم موقف المعارضة لهذا الاعتقاد فإنّ مراقبين مستقلّين يخشون أن يكون برّي بمحاولته هذه نجح نسبيّاً في ترسيخ انطباع متشائم لدى الفرنسيين والبعثات الديبلوماسيّة حيال إمكانات حلحلة التأزّم ورمي الكرة الملتهبة في ملعب المعارضة.
ولذا يرى هؤلاء أنّ الفترة الفاصلة عن عودة لودريان قد تشهد احتداماً واسعاً في المنازلة السياسية إذ إنّ الخطاب الذي سيُلقيه مساء اليوم الأحد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع سيتضمّن كما بات معروفاً مواقف حاسمة ومتشدّدة في الرفض لمنطق الحوار قبل الانتخاب.
ولكن معالم الانقسام حيال دعوة برّي إلى الحوار برزت أمس مع تشديد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط على “موقف الحزب واللقاء الديموقراطي الداعي دائماً إلى الحوار المجدي، في ظل انسداد الأفق السياسي الحاصل”، مبدياً ترحيبه بالزيارة المرتقبة للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي إلى الجبل الجمعة المقبل “لتكريس ثمار المصالحة والبناء على إنجازها”، وآملاً في الوقت نفسه أن “يتغلّب منطق التسوية والمصالحات في كل قضايانا الوطنيّة المختلف حولها”.
ووسط معالم التباين لدى النواب التغييريين غرد النائب وضاح الصادق: “أسمع عن الحوار منذ أشهر من الإعلام، لا نعرف شيئاً عن تفاصيله، ويُقال أنّنا نعطّله. دون أن نتلقّى دعوة رسمية واحدة. من سيدير الحوار؟ من سيُدّعى إليه بوجود أكثر من ١٥ كتلة وأكثر من ٢٠ نائباً مستقلّاً؟
كيف ستتمّ دعوتهم؟ ما هو جدول أعماله؟ هل هو حوار على إسم الرئيس؟ أم مهماته؟ أم على الرئيس ورئيس الحكومة والحكومة؟ عشرات الأسئلة بدون جواب. الدعوة إلى حوار جدي تحتاج أن تكون واضحة، جدّية، مفصّلة ورسمية، لا مجرّد كلام إعلامي من دون أي تفصيل. في النهاية أنا كنائب لم أتلقّ دعوة حتّى أردّ، سمعت بها في الإعلام، عندما أتلقّى دعوة مع آليّات واضحة، لكلّ حادث حديث”.
أمّا النائب ياسين ياسين فاعتبر أنّ “الحوار الذي يسبق انتخاب رئيس للجمهورية مخالف للدستور”، مضيفاً “نحن ضدّ انتخاب سليمان فرنجيّة رئيساً للجمهورية لأنّه من صلب المنظومة التي أوصلت البلد إلى الإنهيار”.
في المقابل، رأى النائب الياس جرادة أنّ دعوة الرئيس بري للحوار “إيجابية يبنى عليها لخلق مناخ غير متشنج بين الأفرقاء”، داعياً إلى “تلقّف هذه المبادرة بجدية بعيداً من المماحكات”.
وشدّد على أنّ “لا بديل عن الحوار لإنجاز الاستحقاق الرئاسي”، رافضاً “مبدأ إلغاء الفريق الآخر لأننا بذلك نبني حروباً لا بلاداً”.
إلى ذلك وغداة زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان لبيروت ولقائه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، لفت استقبال الأخير في الساعات الماضية الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد نخالة، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” الشيخ صالح العاروري، في وقت دوى انفجار قنبلتين يدويّتين صباحاً في مخيّم عين الحلوة حيث لا تزال نار الاشتباكات الأخيرة تحت الرماد خاصة في ظلّ عدم تسليم الجماعات المتشدّدة في المخيم، حتى اللحظة، العناصرَ الضالعين في تصفية قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء أبو أشرف العرموشي.
في سياق آخر برز تطوّر أمني كشفته “النهار” أمس وتمثل في أنّ وحدات من الجيش ومديرية المخابرات نجحت في إيقاف حركة تهريب النازحين السوريّين في محلّة أجر الحرف في وادي فيسان- الهرمل، التي شهدت في الأيام الأخيرة عملية تهريب واسعة للنازحين السوريّين. وقد دخل هؤلاء خلسة، رغم تشديد الجيش اللبناني الرقابة على الحدود وضبطها، حيث توجد مسافة 16 كيلومتراً للجيش السوري – في كلّ 150 متراً منها حاجز للهجانة السورية – بالإضافة إلى منفذ عبر هذه المنطقة السهل الواسع من قرية الجنطلية السورية مروراً بالعريض ودلك ومطربة وصولاً إلى غرب حوش السيد علي.
وكثّفت الوحدات عملياتها الأمنية في المحلة بشكل متواصل منذ الإثنين الماضي، نظراً لموقعها الاستراتيجي على الحدود في البقاع الشمالي، حيث أغلق الجيش اليوم أهم نقاط مرور آليات المهرّبين داخل الأراضي اللبنانية لدخول وخروج الأشخاص من وإلى الأراضي السورية، ولم يبقَ أمامهم سوى عبور الجبال الحدودية في منطقة الهرمل سيراً، وهو أمر صعب للغاية بسبب وعورة هذه الجبال، وإغلاق جميع معابرها غير الشرعية باستثناء معبر قلد السبع التابع لفوج الحدود البرية الثاني، وهو ما يساهم في خفض عملية النزوح خلسة إلى لبنان بنسبة 80 في المئة عبر حدود البقاع الشمالي. وقد أسفرت هذه العمليّات الأمنيّة عن توقيف عدد من النازحين ومهرّبين لبنانيّين وعدد من آليات المهرّبين.