مجلة وفاء wafaamagazine
أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس والقى خطبة الجمعة التي تحدث فيها عن مفهومي السيادة والكرامة الوطنية اللتين تشكلان أساس حفظ الوطن وتحصين منعته الوطنية وعدم التمسك بهما يؤدي إلى التفكك والأزمات الاضطرابات، وحين تكون الرؤى مختلفة ومتعددة في السياسة الدفاعية والمالية والكرامة الوطنية أو في ظل إختلاف الرؤى والمناهج، كيف لنا أن ندافع عن السيادة الوطنية ونحفظ الكرامة الوطنية.
وأكد أن “الإصلاح السياسي والإقتصادي هي أسس من أساس الكرامة الوطنية في أي بلد، فنقوم بالحفاظ عليها، ومع وجود رؤى متعددة، فالمطلوب إيجاد رؤى موحدة للوصول إلى وسائل للحفاظ على هذه الأهداف، ولا يمكن أن يتمسك أي أحد برؤيته في مقابل الا يحفظ الوحدة الوطنية وكرامة المواطن، فذلك سيؤدي بالذهاب بكرامة المواطن، والسبيل الوحيد لحفظ السيادة والكرامة الوطنية يتحقق من خلال الحوار لأنه الأساس لحفظ الوحدة الوطنية وكرامة الإنسان وسيادة البلد ورسم سياسته ليكون عزيزا وفاعلا في الأسرة الدولية وله وجود محترم، لذلك فإن الواقعية السياسية تقتضي أن يتنازل الأطراف لبعضهم البعض في سبيل الحفاظ على المصلحة العامة ولاسيما حينما يكون الوطن مهددا فالأولويات هي الحفاظ على الوجود ثم تأتي الأولويات الأخرى، فلا يمكن أن تكون الأولوية الحفاظ على المصالح الخاصة مع وجود تهديد لوطننا، سلوك الوحدة الوطنية ينبغي أن يكون أولوية لكل اللبنانيين وكل ما عداه يأتي بالدرجة الثانية، ولاسيما لبنان يمر في مرحلة خطيرة جدا وبقاء البلد مهدد بوجود إختلافات في السياسات الدفاعية والإقتصادية والتشريع لذلك لا بد من الوصول إلى قرار موحد من خلال الحوار وإلا سنعرض وجود البلد إلى التشتت والتخلف، ونحن لا ننكر أن لبنان يعاني من مشاكل كثيرة مع وجود طوائف متعددة فهل الوحدة الوطنية تتعارض مع تعدد الطوائف وتنوعها”.
وأشار الشيخ الخطيب الى أن “هذا الإصرار على عدم الحوار تمهيدا للإنعزال هي سياسة خاطئة وتخلف في التفكير، والقوي هو من يجد مع الآخر الوسيلة التي تجمع المواطنين والطوائف على مشتركات واحدة تحفظ البلد والحد الأدنى لتطوره وإزدهاره. إننا نكرر أنفسنا منذ وجود لبنان بسبب نفس الأزمات والخطابات لأن هناك فئة لا تفتش عن مصلحة لبنان بل عن مصالحها الشخصية وكان يمكن أن نخرج من الأزمة إذا توصلنا إلى حد أدنى من التفاهمات لنطور لبنان ونحفظه لكن المشكلة أن هناك بعض الافرقاء يجعلون من مصالحهم الخاصة اولوية وتتكرر الأزمات وحينها يتعرض وجود لبنان للخطر، إن الأزمة موجودة منذ إحتلال فلسطين فهناك تهميش لفئة من اللبنانيين أدى إلى الأزمات التي نعيشها لو كان هناك تفاهم أساسي لبناء الوطن لما كنا وصلنا إلى هذه الحال”.
وأكد ان “الوحدة الوطنية هي الأساس في حفظ كرامة لبنان واللبنانيين ومع التخلي عن الوحدة الوطنية ليس هناك كرامة لأي طرف سياسي أو طائفي، وعندما تقع المشاكل والأزمات تنتهك كرامة المواطن وتظهر الخلافات. ومصلحة المواطنين هي في الوحدة الوطنية والتوافق على المشتركات والحفاظ على وحدة الوطن، فهل يعقل أن يختلف اللبنانيون على مصلحة الوطن؟، هناك من لا يريد أن ندافع عن سيادة الوطن لأن بعض الأطراف يتآمرون على الوطن ويفضلون أن يتعاملوا مع العدو الإسرائيلي والتطبيع معه ويقدمونه على التفاهم مع أبناء وطنهم وهم يعملون على إيقاع فتنة بين اللبنانيين والقضاء على قوة لبنان وعدم الدفاع عنه مع تعرضه للعدوان الإسرائيلي”.
وأضاف: “هناك فئة من اللبنانيين كانوا يعملون لمصلحة العدو ضد مصلحة وطنهم، وهناك فئة من اللبنانيين دعوا إلى القومية في مواجهة الدولة العثمانية وعندما إنتهت الدولة العثمانية فنفس الفئة التي تآمرت مع الخارج وقفت لمواجهة القومية العربية وإنحازت إلى مشروع الدولة الوطنية، وهي تدعو الان إلى الفدرلة والتقسيم والإنعزال على المستوى الوطني”.
وأشار إلى أن “المواطنين في الجنوب حملوا السلاح لمواجهة الإحتلال نتيجة تخلي الدولة عن واجباتها في الدفاع عن لبنان والمقاومة في الجنوب كانت نتيجة ليست سبباً، أهالي الجنوب لم يستسلموا للإحتلال وإرادة الغرب مع عدم قيام الدولة بالدفاع عن سيادتها وعن شعبها”. وقال: “واليوم يمكن أن نصل إلى تسوية ولا بد أن تعود المشكلات إلى الواجهة لذلك ندعو إلى حوار سياسي وليس الى حلول موقتة، الحل الذي يحفظ الوطن وكرامته أن نتحاور ونتصارح في حل المشكلة الحقيقية والحوار سينتج حتما الحل”.
وأضاف:” إننا نكرر المشكلات كل فترة لذلك يجب أن يكون الحل على أسس تحفظ الكرامة الوطنية وتحدد موقفنا من العدو الإسرائيلي والدفاع عن لبنان واللبنانيين من خلال الحوار، وعدم الإعتماد على الوساطات الخارجية التي تقوم على مصالح الدول، لماذا يترك اللبنانيون الحل الداخلي ويترك الحل للخارج على حساب مصلحة لبنان، لماذا نقبل أن يتدخل الخارج في شؤوننا ولا نقبل أن ننتج حلا داخليا، في حين يدعي البعض زورا ان سلاح المقاومة هو المشكلة، وفي الواقع لو كان للسلاح بيد المقاومة تدخل في الشأن الداخلي لكان هناك وضع آخر”.
وتابع: “إن المجاهدين الذين يتفرغون للدفاع عن سيادة لبنان وليس للجنوب فقط، حينما تدافع المقاومة عن جنوب لبنان فهي تدافع عن أمن كل اللبنانيين، والسلام والإستقرار وفرتهما المقاومة حين رفعت الخطر الوجودي عن لبنان فلا يتحجج أحد بسلاح المقاومة الذي حمى ودافع عن كل لبنان انه هو المشكلة”.
وتحدث سماحته عن أوضاع اللبنانيين الذين “فقدوا الإستقرار الأمني والإقتصادي والمعيشي، وتساءل ما هو البرنامج الآخر الذي يريده الفريق الاخر للدفاع عن لبنان في حين أبدت المقاومة الكثير من التعقل والحكمة لإبعاد الفتنة، وكانت المقاومة عاقلة في مواجهة هذه المحاولات التي يريد البعض أن يأخذ لبنان إليها، لذلك ندعو اللبنانيين إلى الإستجابة لدعوة الحوار وننتخب رئيسا للجمهورية وبعدها نذهب إلى الإصلاحات التي تبني لبنان وتحفظ كرامة اللبنانيين ومصلحتهم، كما يجب تكون علاقات لبنان مع الدول العربية متينة جدا، ويسعدنا أن تحل المشكلة في اليمن وأن تحل المشاكل العربية بالحوار والتفاهم وتكون السعودية مستقرة تنعم بالازدهار والامن وان يكون اليمن مستقرا. ونحن نرحب بالحوار السعودي اليمني ونتمنى ان يفضي الى نتائج إيجابية لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين”.
وطالب الخطيب بالعمل الحثيث “لتكون علاقتنا جيدة مع سوريا ولا سيما مشكلة النازحين أكبر مشكلة على لبنان بعد إنكار البعض لها وهذه المشكلة لا يمكن أن تحل دون التعاون مع الدولة السورية، فالعلاقات يجب ان تكون متينة مع سوريا التي ساهمت في إتفاق الطائف ووقف الحرب الاهلية ولا بد أن نعمل للإنفتاح والتعاون مع الدولة السورية في حل مشكلة النازحين من خلال الحوار، فسوريا هي الجار الأقرب الى لبنان واوضاعها تؤثر على اوضاعنا ويهمنا ان تكون مستقرة ليكون لبنان مستقرا. فسوريا هي بوابة لبنان الى العالم العربي، وكيف ندعو الى علاقات جيدة مع العالم العربي دون سوريا وهي بوابة هذه العلاقات، فليس هناك من بديل للحوار والله تعالى يقول “تعالوا إلى كلمة سواء”.