الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / تصعيد خطير يقرب الجنوب من المواجهة المفتوحة

تصعيد خطير يقرب الجنوب من المواجهة المفتوحة

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت”النهار”

من زاويتين الأولى ميدانية والثانية إعلامية – ديبلوماسية مثيرتين للقلق الشديد، بدا لبنان في اليوم الثالث من التداعيات الملتهبة لعملية “طوفان الأقصى” عرضة لمزيد من الانزلاق نحو التوريط او التورط في الحرب المتدحرجة بين إسرائيل وحركة “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في قطاع غزة. في الجانب الميداني وفيما الاعين ترصد “حزب الله” وما يمكن ان تقود اليه مواقفه المتكررة من عدم الوقوف على حياد في الحرب المتصاعدة بشكل جنوني في غزة وإسرائيل، شكل اعلان “سرايا القدس” عصر امس مسؤوليتها عن عملية تسلل من لبنان الى الحدود الجنوبية حيث نفذت عملية ضد الإسرائيليين أوقعت سبعة جرحى مؤشرا مقلقا للغاية خصوصا انه اطلق العنان للقصف الجوي والبري الإسرائيلي للمنطقة الحدودية الامر الذي اسفر عن مقتل ثلاثة مقاتلين من “حزب الله” الذي بدا انه يدرس طريقة الرد. بذلك تبدو تعقيدات الوضع الميداني جنوبا ذاهبة نحو تفاقم يصعب التكهن بما اذا كان سيكشف فصولا أخرى من الحرب ادرج لبنان فيها قسرا ام ان التورط المتوقع سيبقى مقننا ومحدودا بفعل خطوط حمراء تأخذ في الاعتبار الواقع الانهياري الذي يعيشه لبنان مع ما يرتبه ذلك من احتمالات دراماتيكية في حال تمدد الحرب اليه. اما الزاوية الإعلامية – الديبلوماسية فتمثلت في جانب اشد سلبية من خلال ما تردد على نطاق واسع من معطيات عن اضاءة الإشارات لهجوم حماس على إسرائيل من غرفة عمليات إيرانية في بيروت، ولو نفت طهران تورطها في الحرب. اذ ان ادراج بيروت في هذه الخانة بدا مؤشرا خطيرا خصوصا انه اثير في الاعلام الأميركي.

 

بإزاء ذلك اكتسب الموقف الرسمي الأول من التطورات الميدانية دلالات بارزة لجهة محاولات استدراك تفلت الوضع في الجنوب ومنع انزلاق لبنان الى متاهة الحرب من دون ان يحجب ذلك المخاوف المتعاظمة من عجز السلطة اللبنانية عن لجم الاخطار المحدقة بدليل التباين الواسع بين الخطاب الاحتوائي الرسمي وخطاب “حزب الله” وافرقاء “الممانعة”. في هذا السياق اعلن رسميا ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تابع الوضع في جنوب لبنان عبر سلسلة من الاتصالات الدولية والعربية والمحلية مشددا على “ان الاولوية لدى الحكومة هي حفظ الامن والاستقرار في جنوب لبنان، واستمرار الهدوء على الخط الازرق والالتزام بالقرار 1701 ووقف الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة للسيادة اللبنانية جوا وبحرا وجوا، والانسحاب من الاراضي اللبنانية التي لا تزال محتلة”. وجدد ميقاتي التأكيد “أن تحصين لبنان في وجه التطورات العاصفة يقتضي الاسراع في انتخاب رئيس جديد ووقف التشنجات السياسية القائمة، وفي هذه الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة، لم يعد مقبولا ان تستمر التجاذبات الداخلية والانقسامات على مسائل تجاوزتها الاحداث الداهمة والتداعيات المحتملة. فلتتوقف مواقف الشحن والتحريض، ولتتوحّد كل الارادات في مرحلة هي من دون مبالغة من أخطر المراحل التي يمر بها لبنان والمنطقة وأكثرها ضبابية لناحية التوقعات والخيارات والاحتمالات”.

 

اما في ما يتصل باقحام بيروت في التخطيط المزعوم لعملية “طوفان الأقصى” فقد أفادت معلومات أوردتها صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أن مسؤولين أمنيين إيرانيين ساعدوا في التخطيط للهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس يوم السبت على إسرائيل، وأعطوا الضوء الأخضر للعملية في اجتماع عقد في بيروت يوم الاثنين الماضي. وقالت إن ضباط الحرس الثوري الإيراني عملوا مع حماس منذ آب الماضي لتخطيط التوغلات الجوية والبرية والبحرية ، وهو الخرق الأكثر أهمية لحدود إسرائيل منذ عام 1973. وكشفوا أنه تم تنقيح تفاصيل العملية خلال اجتماعات عدة في بيروت حضرها ضباط الحرس الثوري الإيراني وممثلو أربع جماعات مسلحة مدعومة من إيران، بما في ذلك حماس، التي تسيطر على السلطة في غزة، وحزب الله في لبنان. في حين أعلن مسؤول أميركي عن الاجتماعات، بأنه ليس لدى بلاده أي معلومات في الوقت الحالي لتأكيد هذه الرواية . كما ان البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة نفت ضلوع طهران، في هجوم “طوفان الأقصى”.

 

وفي المواقف الداخلية برز قول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط ” لا أفهم بعض التصريحات من بعض أقطاب الممانعة في لبنان حول تدمير إسرائيل فلسنا بحاجة الى صراع يهودي – إسلامي”. ولفت في حديث تلفزيوني الى انه “من حق الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل الحرية الحصول على سلاح ودعم وأنصح بعودة حركة فتح والسلطة الفلسطينية الى أصولها وكفى سلطة وهمية لا علاقة لها بالواقع”. وطلب جنبلاط من “حزب الله” ضبط الجنوب أكثر من أي وقت مضى خصوصاً من بعض التنظيمات التي قد تتسلّل الى الأراضي المحتلة، وقال: “سأتواصل مع الحزب وكلام النائب محمد رعد عن أنه آن الأوان لزوال إسرائيل غير مفيد”. واعتبر أن “الأمور تجاوزت الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان”. وقال :”على الدول الحاضنة وعلى المقاطعين أن يحضروا لتكون الحكومة حاضرة وتجتمع كفانا مزايدات وإسم بالزايد أو بالناقص بالرئاسة” . وكشف أنه تواصل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، معلنًا استعداده لأي تحرك “والأهم الآن هو ضبط الجنوب وعدم تجاوز حدود معينة”.

 

تصعيد حدودي

وسط هذه المعطيات كان الوضع على الحدود الجنوبية مع إسرائيل يشهد جرعات إضافية من التوتر الى ان انفجر قرابة الثالثة والنصف بعد ظهر امس حيث قصفت القوات الاسرائيلية بالمدفعية منطقة الضهيرة الحدودية في القطاع الغربي وصولا الى بلدات مروحين والبستان والزلوطية. كما سمعت طلقات نارية مكثفة عند حدود الضهيرة. واعلن الجيش الإسرائيلي عن اشتباك وقع في الجبهة الشمالية بعد تسلّل مسلحين من الأراضي اللبنانية، وتحدث الاعلام الإسرائيلي عن مقتل اثنين من المتسللين بنيران الجيش الإسرائيلي فيما اعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل جنديين وجرح جنديين اخرين في المواجهات على الحدود مع لبنان . ولكن “حزب الله” فقد مجموعة من مقاتليه دفعة واحدة استهدفهم قصف إسرائيلي في احد المراكز الميدانية في عيتا الشعب .

 

وكانت المعلومات أفادت ان مجموعة فلسطينية حاولت التسلل الى داخل الأراضي المحتلّة وكانت تضم ثلاثة فلسطينيّين قتل اثنان منهم وعاد الآخر الى لبنان . وتوسعت رقعة القصف المدفعي الاسرائيلي مستهدفة اطراف بلدة عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل.وسجل تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع على علو منخفض في سماء الجنوب. وتجدد القصف لاحقا ووصل الى مشارف بيت ليف ورميش وعيتا الشعب في قضاء بنت جبيل، والاودية والتلال المحيطة ببلدات شمع يارين ومروحين والزلوطية. وسجلت حركة نزوح كثيفة من الناقورة إلى صور.

واعلنت “سرايا القدس” مسؤوليتها عن تنفيذ عملية في جنوب لبنان بعد ظهر امس عند الحدود مع فلسطين المحتلة وقالت ان العملية في جنوب لبنان تأتي ضمن معركة “طوفان الأقصى” وانها أدت الى جرح سبعة جنود إسرائيليين .

 

وقال مصدران مقربان من “حزب الله” ومصدر أمني لبناني لـ”رويترز” إن أحد عناصر “حزب الله” قُتل في القصف الإسرائيلي وقال الجيش الإسرائيلي انه قصف ثلاثة مواقع لـ”حزب الله”. ولكن الحزب نعى ليلا تباعا ثلاثة من مقاتليه هم : حسام محمد إبراهيم “حسام عيترون” من بلدة عيترون الجنوبية، وعلي رائف فتوني “حيدر” من بلدة زقاق البلاط ” ثم علي حسن حدرج “فداء” من مدينة بيروت سكان بلدة حناويه”. وعلى الأثر اطلقت ليلا قذائف هاون قدرت بـ 13 قذيفة هاون من الجنوب في اتجاه مناطق الجليل ردت عليها المدفعية الاسرائلية بقصف لبعض المناطق الحدودية . وأعلنت “المقاومة الإسلامية ” انها في “رد اولي على استشهاد مجاهديها قامت بمهاجمة ثكنة برانيت وهي مركز قيادة فرقة الجليل وثكنة افيفيم وهي مركز قيادة كتيبة تابعة للواء الغربي بواسطة الصواريخ الموجهة وقذائف الهاون واصابتهما إصابات مباشرة “.

 

وشهدت الطرق العامة في قضاءي صور وبنت جبيل زحمة سير خانقة باتجاه العاصمة بيروت، بسبب حركة النزوح من المناطق التي تعرضت للقصف .

ومع توسع رقعة القصف اعلنت قيادة الجيش أن خراج بلدتَي الضهيرة وعيتا الشعب ومناطق حدودية أخرى تعرضت إلى قصف جوي ومدفعي إسرائيلي . ودعت المواطنين إلى اتخاذ أقصى تدابير الحيطة والحذر وعدم التوجه إلى المناطق المحاذية للحدود حفاظًا على سلامتهم. وفي المقابل، افيد ان الجيش الإسرائيلي أمر سكان 29 مستوطنة قريبة من الحدود اللبنانية بالدخول للملاجئ فوراً .

 

واعلن قال الناطق الرسمي بإسم قوة “اليونيفيل” أندريا تيننتي “ان جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل رصدوا بعد الظهر انفجارات بالقرب من بلدة البستان في جنوب غربي لبنان”. وأضاف: “بينما نعمل على جمع المزيد من المعلومات، فإن رئيس بعثة اليونيفيل اللواء أرولدو لاثارو، على اتصال مع الأطراف المعنية، ويحثهم على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واستخدام آليات الارتباط والتنسيق التي تضطلع بها “اليونيفيل” لمنع المزيد من التصعيد والخسائر في الأرواح”.